أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيف أتوب وقد وقعت في مقدمات الزنا؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في إحدى زياراتي لبلد ما، تعرفت على إحدى فتيات الليل ونمت معها، ولكني في قرارة نفسي أعلم أني لن أزني بها، وفعلاً لم أزن بها، مع أني للحظات أحسست بأني كنت قريباً من ذلك جداً وكاد الشيطان أن يوقع بي، ولكني استطعت أن أقاومه خشية الوقوع في هذه المعصية، وأنا الآن غادرت تلك البلد إلى بلدي، ولكن للأسف، الشيطان ما زال يوسوس لي بزيارة تلك البلد مرة أخرى وفعل نفس الشيء مع نفس الفتاة!

كيف أتخلص من هذا الوسواس؟ أعلم أني أقحمت نفسي في صراع الحلال والحرام والتوبة والمعصية، أنا كنت في غنى عنه وأعلم أن من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه، ولكن حصل ما حصل، فكيف الحل؟ خاصة وأن نفسي توسوس لي بأنه يمكن أن أتوب فيما بعد.

في داخلي أشعر بسعادة أني قهرت النفس الأمارة بالسوء ووسوسة الشيطان وفي داخلي أيضاً أحس وكأن الشيطان يريد أن تكون له جولة أخرى لكي يوقع بي.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ RWS حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يرزقك عفة الكريم بن الكريم بن الكريم (يوسف بن يعقوب) عليه السلام، كما نسأله تبارك وتعالى أن يحفظك فيما بقي من عمرك، من أن تقع في مثل هذا أو غيره، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإني أحمد الله تعالى فعلاً بأن الله تبارك وتعالى قد أعانك في اللحظات الحاسمة على أخذ القرار الذي يقلل من انحرافك وبُعدك عن منهج الله تعالى، وبالتالي نجّاك الله تبارك وتعالى من فاحشة الزنا وكبيرته التي تعتبر من أكبر الكبائر، فهذه نعمة من الله تبارك وتعالى عظيمة، أكرمك الله تبارك وتعالى بها.

بخصوص هذه الوساوس التي تأتيك والتي تراودك ما بين الحين والآخر بالعودة مرة أخرى إلى هذه البلدة، وفعل نفس الشيء مع تلك الفتاة، أقول لك: هذا أمر طبيعي، لأن الشيطان حاول إغراءك والنفس الأمارة بالسوء قادتك إلى أن وصلت قاب قوسين أو أدنى إلى المعصية، ولكنك لم تطفئ غليل الشيطان، فإن الشيطان كان يتمنى أن يوقعك في الزنا المحقق حتى تتذوق الحرام، وبالتالي قد تألفه وتظل عاصيًا – والعياذ بالله تعالى – ساخطًا من عين الله تعالى، وقد خرج الإيمان من قلبك، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) وبقوله: (إذا زنا العبد خرج الإيمان من قلبه فكانت فوق رأسه كالظلة).

كان الشيطان مع نفسك الأمارة بالسوء يريدان أن يوقعانك في هذا الأمر حتى يخرج الإيمان من قلبك، والله أعلم هل سيرجع إليك بسهولة أم لا؟ وأحمد الله تعالى أن الله عفاك فعلاً من ممارسة الزنا الحقيقي، وإن كنت قد قاربت ذلك، فهذا درس لك ينبغي عليك أن تفطن له، لأن الشيطان لن يدعك بسهولة مع هذا التردد، ولذلك ينبغي عليك أن تحسم هذا الأمر نهائيًا، وأن تأخذ قرارًا بعدم الذهاب إلى تلك البلدة حتى لأي ظرف من الظروف، ولو كنت مضطرًا لذلك فليكن على رأس أولوياتك قرارك الأكيد والحاسم والجازم بعدم الالتقاء بهذه الفتاة التي كانت من الممكن أن تقع معها فيما يُخرج الإيمان من قلبك وفيما يغضب الله عليك وينزل عليك سخطه.

إن الذي فعلته ليس بالأمر الهين، وهو أمر عظيم، ولكن في نفس الوقت أيضًا هو دلالة على محبة الله تبارك وتعالى لك، فثق وتأكد لولا أن الله يحبك لتركك ووقعت في تلك المعصية، وبذلك تتحول حياتك إلى جحيم لا يطاق وأصبحت عرضة لغضب الله وعقابه خاصة الابتلاء بالأمراض المزمنة المستعصية المنتشرة الآن كمرض الإيدز أو السرطان أو السيلان، لأن مثل هذه الأمراض لا تأتي إلا من الفواحش، لذلك منّ الله عليك بعدم الوقوع في هذه الفاحشة، كما قال سبحانه: {لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء} ونرجو أن تكون ممن أثنى الله عليه فقال: {إنه كان من عبادنا المخلصين).

هذه الفتاة التي قاربت الوقوع معها في الفاحشة: من أدراك أنها لم تفعل ذلك مع أحد سواك؟ فأنا أقول هذه رحمة من الله تبارك وتعالى بك، وإن كنتُ أرى بأن احتكاك الجسدي معها وقربك الشديد منها قد يجعلك أيضًا مع الزمن عرضة للانتقام من الله تعالى، لأن مرض الإيدز بالذات قد ينتشر في لحظات بأسباب قد لا تنتبه لها، فمجرد تلك الإفرازات التي تنزل من جسد الإنسان قد تكون كفيلة بنقل هذه الأمراض، خاصة أن هذه المناطق التي تُرتكب فيها الفاحشة – وهي المناطق الضيقة، العورة وما حولها) عادة ما تكون مرتع لتلك الميكروبات وهذه الجراثيم تعيش فيها فسادًا وتغدوا وتروح شرقًا وغربًا.

أنت إن كنت قد عُفيت إلى الآن فاحمد الله تبارك وتعالى أن الله أكرمك بعدم ممارسة الفاحشة الحقيقية الكبرى، وأحب أن أبيّن لك أمرًا لتنتبه له: بعض الفجرة هؤلاء يرتدون العازل الواقي عند الجماع، ولكن مع ذلك ثبت أن مرض نقص المناعة (الإيدز) أيضًا يخترق أجسادهم مع وجود هذه الأقنعة البلاستيكية ويصيبهم، لأن هذا عقاب الله تبارك وتعالى، ولن تستطيع أقنعة الدنيا كلها أن تقف أمام جنود الله المجهولين.

إذن احمد الله تبارك وتعالى أن عافاك من الوقوع في الزنا الكامل، واعلم أن هذه علامة من محبة الله تبارك وتعالى لك، فحافظ على هذه المحبة واجتهد في أن تُغلق هذا الباب تمامًا، وسل الله العافية.

هذه الوساوس التي تأتيك شيء طبيعي، لأنه كما ذكرت لم تحقق أمنية الشيطان بأن تكون فاسقًا أو داعرًا أو عربيدًا، والشيطان كان يريد لك ذلك، كان يريد أن يفتح أمامك أبواب الحرام، والله أعلم متى ستغلق، فأنت انتصرت عليه بفضل الله تعالى أولاً وتوفيقًا منه، وإكرام الله تبارك وتعالى لك، ومنته عليك، ورحمته بك، ولذلك لا تحاول أبدًا أن تجرب مرة أخرى هذا الأمر مطلقًا، ولا تفكر فيه، والمؤمن لا يُلدغ من جحر واحد مرتين، وإذا جاءك الشيطان ووسوس لك فحاول أن ستعيذ بالله وأن تتفل على يسارك، وأن تغير وضعك الذي كنت عليه، فإذا كنت وحدك فحاول أن تحتك بالناس وتختلط بهم، حتى لا تستسلم لهذه الأفكار السلبية التي إن سيطرت على عقلك قد تضغط عليك بقوة لتدفعك للوقوع في الفاحشة التي عافاك الله منها.

أغلق هذا الباب ما دام الله قد أكرمك وأحبك وأحال بينك وبين الوقوع فيه، لأنه – والله – لولا أن الله حال بينك وبين الوقوع في الفاحشة لما حالت الدنيا كلها بينك وبين الوقوع فيه، خاصة في هذا الوضع الذي كنت قد وصلت إليه مع تلك الفتاة. فاحمد الله تبارك وتعالى على العافية، واحمد الله أن الله لم يسلب من قلبك الإيمان ولم يُخرجه من قلبك فتصبح بغير إيمان، واحمد الله تعالى أن الله أخرجك سالمًا من هذه الأمراض التي خلقها الله تبارك وتعالى انتقامًا وعقابًا لكل من تسول له نفسه الوقوع في معصيته تعالى وانتهاك حرمات الله تعالى، ولذلك قال: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} وتصور هذه الفتاة - وأعتقد أنها قد تكون فتاة مسلمة أو غير مسلمة – هل ترضى لأحد من أرحامك أن يفعل معهم أحد مثل هذا الفعل؟ ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عفوا تعفَّ نسائكم). إذن العفة تنفعك وتنفع أهلك، حتى بناتك في المستقبل، وصيانتك لعرضك تبدأ بصيانتك لعرض الناس، وما لا تحبه لنفسك لا تحبه لغيرك، لذلك كما قال الشافعي - رحمه الله تعالى -:
من يزني يُزنى به ولو بجداره *** إن كنت يا هذا لبيبًا فاعلم
إن الزنى دينٌ إن أقرضته *** كان الوفا من أهل بيتك فافهمِ

نسأل الله أن يطهر قلبك، ويحصن فرجك، ويحفظك من الشر والفتن ما ظهر منها وما بطن.
والله الموفق

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
هل الذنب الذي ارتكبته بحق أحدهم سيعود لي؟ 1592 الأربعاء 29-07-2020 04:29 صـ
أريد التغلب على الشيطان ونسيان الماضي، فكيف يمكنني ذلك؟ 1495 الأحد 19-07-2020 06:12 صـ
كيف أثبت على ترك المعاصي والعلاقات المحرمة؟ 1911 الأحد 12-07-2020 11:53 مـ
ملتزم دينياً ولكني أقع في المعاصي، ما النصيحة؟ 901 الثلاثاء 14-07-2020 05:31 صـ
هل هناك طريقة أفضل وأكثر تأثيرا لتطوير النفس؟ 1216 الاثنين 06-07-2020 04:27 صـ