أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن وصفك جيد جدًّا لحالتك، وأستطيع أن أقول إنك تعانين من القلق الاكتئابي، ولديك شيء من الوساوس والمخاوف التي تظهر في شكل هلع، هذه لا نعتبرها مكونات رئيسية للحالة، والمكون الرئيسي من وجهة نظري هو القلق، وما يمازجه من عسر في المزاج، والذي وصفناه بأنه درجة بسيطة من الاكتئاب.

نحن دائمًا نحرص أن نتحدث عن التشخيص، لأن أحد المشاكل التي تواجه الذين يرتادون مرافق العلاج في الطب النفسي كثيرًا قد لا يمتلكون الحقائق، لكن الدراسات الحديثة أوضحت بأن الإنسان حين يعرف ما به هذه في حد ذاتها خطوة علاجية كبيرة، وعلة القلق الاكتئابي منتشرة ولا تعتبر خطيرة، ويمكن علاجها، وأهم وسيلة للعلاج هو أن تثقي في نفسك، وأن تفكري إيجابيًا، وأن تديري وقتك بصورة صحيحة، وألا تقللي من قيمة ذاتك، ليس هنالك ما يدعوك للخوف من مخالطة الناس.

ابدئي بأهل بيتك، كوني أكثر حيوية في داخل المنزل، ثم وسعي من شبكتك الاجتماعية من خلال الانضمام مثلاً إلى حلقات تلاوة القرآن، هذه توفر لك نوعاً من المخالطة والتفاعل الإنساني الرفيع والجميل، والذي من خلاله سوف تشعرين - إن شاء الله تعالى – بالسكينة والرحمة والطمأنينة، فاحرصي على هذه المناهج الحياتية.

شعورك بالتلعثم وأن هنالك تغيرات في وجهك وشيء من الارتعاش في اليد عند المواجهات، هذه ناتجة من تغيرات فسيولوجية تحدث من خلال زيادة الحركة في الجهاز العصبي اللاإرادي، لكن الناس دائمًا يشعرون بهذه الأعراض بصورة مبالغة فيها، هو شعور خاص، غير مكشوف للآخرين، بمعنى أنهم لا يطلعون عليه، فأرجو أن تطمئني لهذه النقطة لأنها حساسة جدّا.

الأخوة والأخوات الذين يعانون من درجات الخوف الاجتماعي المختلفة تجدهم دائمًا يتوجسون حول مشاعرهم الداخلية خاصة الجسدية والفسيولوجية، ويعتقدون أنهم تحت الرصد من الآخرين، وهذا يُضعف صورتهم أمام الناس، وهذا ليس صحيحًا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أبشرك بأنه توجد علاجات دوائية جيدة جدًّا، وسوف أوصف لك دواء سليماً وفاعلاً، ولا يحتاج لوصفة طبية، الدواء يعرف تجاريًا باسم (زولفت) أو (لسترال)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، وله مسيمات مختلفة في مختلف الدول، أرجو أن تسألي عنه تحت اسمه العلمي.

الجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يتم تناولها ليلاً بعد الأكل، تناوليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة - أي خمسين مليجرامًا - استمري عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلي الجرعة حبتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة، بعد أن أكملت فترة الجرعة التمهيدية - كما نسميها - انتقلي للجرعة العلاجية وهي حبتان في اليوم، يمكن تناولهما كجرعة واحدة مساءً، أو بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً. هذه الجرعة العلاجية يجب أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، بعدها خفضي الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثمن نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السيرترالين دواء ممتاز لعلاج الخوف والقلق والتوترات والوساوس والمخاوف، كما أنه غير إدماني غير تعودي، ليس له آثار جانبية خطيرة أبدًا، قد يؤدي إلى زيادة في الوزن بسيط جدًّا، وهذا يحدث لبعض الناس وقد لا يحدث للبعض.

ممارسة الرياضة بالطبع والتحكم في الغذاء سوف تقلل هذا الأثر الجانبي، فالدواء سليم وفاعل، وإذا أحسست بزيادة في الاسترخاء أو زيادة بسيطة في النوم ليلاً فأرجو ألا تنزعجي لذلك.

أرجو أن تعيشي حياتك حياة طبيعية، وكوني فاعلة، وأود أن أضيف نصيحة أخيرة وهي: ضرورة تطبيق تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة كبيرة جدًّا للمساعدة في علاج مثل هذه الحالات، لمزيد من الفائدة ننصح بمراجعة تمارين الاسترخاء (2136015).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.