أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أريد أن آتي بخادمة فكيف أتعامل معها؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله.

انتشرت عادة استقدام الخدم بين الناس لدخول المرأة مضمار العمل مع الرجل, ولا تخفى عليكم مشاكلهم وسلبياتهم, للأسف أنا مضطرة أن أجلب إحداهن, واخترتها فلبينية مسلمة, وأتمنى على الله أن يرزقني خيرها ويبعد عني شرها.

أود أن أعرف ما هي الطرق التي أعلمها بها الأمانة والصدق؟ وكيف أحسن معاملتها من غير أن أفقد هيبتي كربة بيت؟ لا أريد أن أكون بالغة الطيبة فتستغفلني, ولا شديدة فتنفر مني, كيف السبيل لإمساك العصا من النصف؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لابنتنا تواصلها مع موقعها، ونشكر لها هذا السؤال المهم، لأن الإنسان قبل أن يُقدم على أي عمل ينبغي أن يستفتي ويعرف أحكام هذا العمل، ومن هذه الأشياء استخدام الخادمات في البيوت التي أصبحت بكل أسف - كما تقول الأخت – ظاهرة منتشرة، ونحن نريد أن نقول: لا مانع من أن يستفيد الناس من خدمات الخادمات أو غيرهنَّ، ولكن ينبغي أن يكون ذلك في حدود، وينبغي أن تراعى الضوابط الشرعية في تعاملها مع الرجال الذكور الموجودين في المنزل، أو مع الإناث في حالة الخادم أو السائق الذي يتعامل مع العائلة.

وأرجو كذلك أن ننبه إلى أن هؤلاء المساكين الذين جاءوا للعمل ينبغي أن نحسن إليهم, ونجتهد في أن نوفيهم حقوقهم ونعطي الأجير منهم أجره قبل أن يجفّ عرقه، والنبي – عليه صلوات الله وسلامه – حرض على الإحسان إلى الأرقاء، فكيف بالأجراء؟! عندما قال: (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم) هذا كلام رسولنا – عليه صلوات الله وسلامه -.

والإنسان ينبغي بداية أن يحمد الله الذي جعله مخدومًا ولم يجعله خادمًا، يحمد الله الذي هيأ له رزقا في بلده, ولم يضطره إلى أن يهاجر ليبحث عن الرزق، وأرجو أن تُدرك كل امرأة أن إحسانها إلى الخادمة هي أول من يربح فيه، وهذا الإحسان يبدأ بالنصح لها وبتوجيهها التوجيه الشرعي، وتذكيرها بالفرائض، وتعليمها أحكام هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

إنَّ مما يُؤسف له أن يكون اهتمامنا بنظافة الجدران أكثر من اهتمامنا بنظافة العاملة في دينها وفي صلاتها وفي طاعتها لله تبارك وتعالى, وإذا كانت المرأة مُطاعة تأمر فتطاع فإنها ينبغي أن تذكر أولا: بالله تبارك وتعالى وبكل أمر يُرضيه، وعلينا كذلك أن نُدرك أن هذه العاملة لها طاقة ولها حدود، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (فإن كلفتموهم فأعينوهم) إذا أعطيناهم عملا فوق طاقتهم نعينهم.

علينا كذلك أن نحسن التعامل معهم بأخلاق عالية ونتواضع لهم، فإن كسبنا للأخلاق أولى من كسبنا للعمل أو لغير ذلك، وما يزعمه كثير من الناس يظن أن الإنسان لا يستطيع أن يسيطر على هؤلاء إلا إذا اشتدَّ عليهم وقسى عليهم أمر غير صحيح، لأن هذه القسوة قد تكون معها استجابة ظاهرة، لكن في الخفاء قد تفعل أشياء قد تضر ربة المنزل وتضر بأطفالها، ولذلك ينبغي أن نكون ممن يحسن التعامل، وكيف نسيء ونغلظ في القول مع من يخدموننا ثم نأتمنهم على بيوتنا وأموالنا؟!

أيضًا لابد ممن لا يتهاون إذا حصلت الأخطاء، فلابد أن تكون الأمور واضحة، وننصح كل امرأة – وهذا السؤال مهم جدًّا – إذا جاءتها الخادمة ينبغي أن تعطيها البرنامج الواضح لعملها، وتعطيها تعليمات واضحة، وتبين لها الخطوط الحمراء التي ما ينبغي أن تتجاوزها، وكذلك تكافئها وتشكرها إذا أحسنت مثلما تعاتبها إذا أخطأت.

كذلك علينا كما ذكرنا أن ندرك أن هؤلاء الذين جاءوا إلينا يحتاجوا إلى نصحنا وإلى إرشادنا وإلى عطفنا وإلى مساعدتهم في كل أمر يتعلق بهم. والمرأة هي التي تتحكم في العاملة بحسن تعاملها واحترامها لنفسها، بوضوح الضوابط التي تضعها للعمل في البيت، تستطيع أن تعين نفسها وتعين الخادمة على الوصول إلى طريقة مثلى متفق عليها، تراعي فيها حقوق العاملة، والعاملة كذلك تراعي حقوق ربة المنزل، فإن الشريعة التي تأمر ربة المنزل بأن تحسن لهذه العاملة – الأجيرة عندها – هي الشريعة التي تأمر العاملة أن تتقن عملها، وأن تراقب الله تبارك وتعالى في وظيفتها، وأن تعرف مقدار هذه النعمة التي هي فيها أن أتيح لها عمل شريف في بيت هي آمنة فيه، عليها أن تؤدي عملها كذلك بإتقان.

وقد أسعدني فعلا هذا السؤال وهذا الحرص على الخير، ولكن أريد أن أقول: ليس من الضروري لكي أسيطر على الخادم والخادمة أن أشتد عليه وأن أكون قاسيًا معه، بل لابد أن أقيم العدل وأعطيه حقه، وأجتهد في أن أكون منصفًا معه، فإن العدل يصلح الناس، والظلم يفسدهم، والتجسس يفسدهم، وجرح المشاعر يؤثر على نفسياتهم، وهذا كله لا يرضاه دين الله تبارك وتعالى، فإنه ليس لنا من العاملة إلا العمل، ليس لنا أن نسيء لها في عرضها أو في نفسها أو نظلمها حقها، قال عليه الصلاة والسلام: (فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس) إذن هذا معنى جميل جدًّا أن نشعرها بأنها جزء من البيت، وأنها جزء من أهل البيت.

والإنسان بالإحسان إليه يميل ويجتهد ويخلص في عمله، كما قال الشاعر:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ

ولذلك ينبغي أن تكون هذه الأمور واضحة، والأمر أيسر مما تتصورين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك خادمة مسلمة فيها خير تراعي الأمانة، وأن يعينك على أداء الحق لها، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأشكر لك هذا السؤال الذي يدل على حرص, ويدل على نضج, ويدل على وعي.

ونسأل الله أن يسهل أمرك، وسوف نكون على استعداد بالتواصل والرد على استفسارات بخصوص الخادمة أو غيرها, ومتى ما احتجتم إلى التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...