أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أسلوب معاملة الطفل العنيد

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابنتي تبلغ من العمر أربع سنوات، عنيدة جداً لدرجه لا تحتمل، ومهما أعنفها أو أتعامل معها بالسياسة أو أتبع أي أسلوب معها فهي تزداد عناداً، مع العلم أن لها أختاً تصغرها بثلاثة أعوام وعنيفة جداً معها، ولا تخاف مني أو أبيها أو أي فرد، وأعتقد أن والدي هما من أسباب هذا العناد؛ لأنهم يقولون لها إننا سنضرب أمك إذا فعلت كذا، أو سنسب أباك إذا ضربك مثلاً، فأعتقد أنهم من أسباب ما أعاني منه، ولكنها أصبحت تسبب لهم الإحراج، لذلك بدءوا يتجنبونها أو ينفرون منها بعض الشيء، وهذا شيء لا أحبه، وأعتقد أنه جارح لها بعض الشيء.

ما أخاف منه أنها عند ذهابها للحضانة بعد شهر رمضان -أعاده الله عليكم وعلى الأمة الإسلامية بكل خير- أن لا تستجيب لكلام المدرسة ولا تتعلم، أو تسبها مثلما تفعل معي ومع أي أحد تعرفه، أو تضرب زملاءها.

أنا لا أدري كيف أتعامل معها!؟ أريد أن أصاحبها وأكون قريبة منها، وأن تكون مطيعة وهادئة وليست عصبية كما هي الآن مثلي؛ لأنني عصبية جداً، ولكنني سأفعل ما يلزم لأجعل من ابنتي مهذبة ومطيعة، كان الله في عوني وعوننا جميعاً.
أرشدوني ماذا أفعل؟ وكيف أتعامل مع والدها؟ والسلام عليكم ورحمة الله.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mybaby حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن العناد هو نمط ثابت من السلبية والعدائية، ويمثل مشكلة كبيرة في كثير من الأسر، والطفل يُعاند لأسباب كثيرة قد نساهم نحن الآباء فيها ولا شك في ذلك، وترى المدرسة السلوكية أن العناد هو سلوك مكتسب يتعلمه الطفل أثناء تعامله مع الآخرين، ويتم تعزيزه مع مرور الوقت، والطفل الذي يعاند يحاول أن يسيطر على رموز السلطة في حياته، ولا شك أن رموز السلطة في حياة الابن هم أنتم كأسرة (كوالد ووالدة) والطفل من خلال العناد أيضاً يحاول أن يُثبت ذاته، ويحاول أن يُعطي رسالة قوية بصورة شعورية أو لا شعورية أنه إنسان موجود وله كينونته، ويجب أن يُسمع صوته، ويجب أن يتم تفهم حاجاته وآرائه، هذا هو السبب وراء العناد في معظم الحالات، وهذا قد ينطبق على هذه الصغيرة حفظها الله.

كثير من الآباء يأتون إلينا في العيادات طلباً لأن نقوم بتليين رؤوس أبنائهم، وهذا بالطبع لا يمكن أن يحدث، لا يمكن أن تليِّن رأس طفل فقط من خلال مطالب الوالدين؛ لأن الطفل يغضب جدّاً حين تسعى أنت كمعالِج في أن تصدر إليه أوامر مثل التي يُصدرها الوالدان، هنا سوف يعتبرك الطفل عميلاً أساسياً لوالديه ولن يستجيب، والطفل المعاند بصفة عامة هو طفل متمرد لدرجةٍ كبيرة على الأوامر وعلى كل ما هو سلطوي.

أختي الفاضلة الكريمة: يجب أن تتجنبي أنت ووالدها اللغة السلطوية في التعامل مع هذه الابنة، هذا هو المهم والضروري جدّاً، وأنا لا أقول أنه يجب أن يكون هنالك تساهل، لا، هذا أيضاً خطأ، إنما أولاً نبدأ في تعليم الطفل كيفية الطاعة ولمن تجب، وأعظم شيء نعلمه أبناءنا هو أن نأخذ المنحى الديني، أن تتكلمي مع ابنتك عن الحق عز وجل، عن الله تعالى، وأنه هو المعبود بحق، وأننا يجب أن نطيعه، وهذه الطاعة تنطبق عليك وعليها وعلى كل الناس، إذن ما دام هنالك شيء يسمى الطاعة فهذه الطاعة يجب أن تكون في حياتنا.

بعد ذلك تنزلي مع الطفلة وتحدثي عن من تجب طاعتهم أيضا: أنت مثلاً كأم لك دور في أن تسمع ابنتك إرشادك، لا تقولي لها أنني أتسلط عليك أو أنني أعطيك الأوامر، ولكن ضعي الأمور في القالب الإرشادي، هذا سيقبله الطفل، وبما أن العناد سلوك مكتسب ومتعلم فلا شك أنه يمكن التخلص منه بواسطة التعليم المضاد، وذلك من خلال التحفيز والترغيب وإشعار الطفلة أن لها كيان، وأن لها وجود داخل الأسرة، وأنها عضو فعال، ولا مانع أبداً من استشارتها، ويجب أن تقوم بخطوات عملية فيما يخص استشارتها، مثلاً ما هي الأطعمة التي يمكن أن نحضرها لطعام الغداء – مثلاً – أو العشاء، وهكذا.. دعيها تشارك في تنظيم البيت وترتيب ملابسها وخزانة الملابس، واجعليها تقوم بإعداد كوب من الشاي لوالدها مثلاً، فهذا كله يقلل من عناد الطفل ويزيد من مهاراته.

وعليك أيتها الفاضلة الكريمة أن تتحملي انفعالات الطفلة، هذا مهم جدّاً، وأرجو أن لا يكون هنالك نوع من التصادم وهذا ما نسميه بالرؤوس الحديدية -أي أن الطفل يعاند والأم أو الأب يعاند أيضاً دون أن يشعر بذلك ودون أن يشعر بأنه يفرض سلطته على الطفل، وهنا يبدأ الصراخ ويبدأ التصادم، هذا ليس أمراً جيداً، إذن: فالترغيب، والتشجيع، والتحفيز، والتسامح، والتجاهل لما هو سلبي، يُساعد كثيراً في تربية هذه الابنة إن شاء الله تعالى.

أما بالنسبة للتعامل مع والدها فهو على نفس النمط، يكون من خلال التقدير والاحترام والحوار، وهذه الطفلة أيضاً يجب أن تتاح لها الفرصة للتفاعل مع بقية الأطفال؛ لأن الطفل يتعلم من الطفل ويمتص غضبه من خلال تفاعلاته مع الأطفال الآخرين.

اجعليها أيضاً تمارس أي نوع من الرياضة، كلعبة الحبل مثلاً، هذه أيضاً وجد أنها جيدة ومفيدة، وأشعريها بشيء من المسئولية حيال أختها الأخرى؛ فهذا يساعدها كثيراً.

هذه هي الأسس الرئيسية لمواجهة العناد لدى هذه الطفلة، وبقي أن أقول لك أنك إذا كنت فعلاً تعانين من درجة عالية من العصبية فيجب أن يعالج هذا، ويعالج هذا بمحاولة كتم الغيظ، أن تعبري عن نفسك أولاً بأول، وأن تمارسي تمارين الاسترخاء، وهنالك كتب وأشرطة توضح كيفية إجراء هذه التمارين يمكنك اللجوء إليها.

يمكنك تناول أدوية مضادة للعصبية إذا كانت الحالة شديدة، فمثلاً عقار يعرف تجارياً وعلمياً باسم (موتيفال Motival) -وهو دواء خاص جدّاً ومتوفر في مصر- لا مانع من أن تتناوليه بمعدل حبة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة، وبعد ذلك تتناوليه عند اللزوم مثلاً؛ فهذا يساعد كثيراً، لأنك إذا كنت تعانين من درجة عالية من العصبية فهذا أعتقد أنه ربما يكون قد ساهم في أن تكون الابنة عنيدة.

لا أريدك أن تشعري بالذنب حيال هذا الأمر، ولكن من الضروري أن أنبهك أن ما نسميه بمفهوم الرؤوس الحديدية داخل المنازل يؤدي إلى كثير من التصادمات، ويؤدي إلى أن يُصبح الطفل متمرداً ومعانداً لدرجة قد تكون مزعجة جدّاً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
كيف أتصرف مع ابني وأقوم سلوكه؟ 1034 الثلاثاء 21-07-2020 06:11 صـ
طفل يعاني من عدة مشاكل، أرجو مساعدته. 724 الثلاثاء 14-07-2020 04:28 صـ
ابنتي عنيدة مخربة ولا تلبي الأوامر، فما الحل؟ 1385 الأربعاء 10-06-2020 09:12 مـ