أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كره الأبوين والإخوان والذات وعلاقة ذلك بالاكتئاب

مدة قراءة السؤال : 8 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا عندي 17 سنة، في ثالث ثانوي، أعيش مع أمي، وأبي يعمل بالخارج ومعه زوجته الثانية، ولي منها 3 أخوات، بنت 18 سنة ووالدان 16 و8 سنة، وإخوتي أشقائي متزوجان ومع أبي في الخارج، حيث أخي يعمل هناك، وأنا بحكم دراستي أجلس مع أمي ونذهب هناك عند أبي في الإجازات، ولكن المشكلة تكمن في أنني ولدت وهذه حياتي وأسرتي منذ صغري، وأنا لا أعرف أحداً في الدنيا غير أمي ودائماً معها ولا أثق بأحد سواها، وفي مرحلة الابتدائي بدأت أتداخل مع أختي الكبيرة المتزوجة الآن، وهي أكبر مني ب14 سنة، وتعلقت بها تعلقاً شديداً أراه أكثر من أمي، فأصبحت كل شيء لي، فهي التي كانت تذاكر لي وتخرجني وتأتي لي بما أريد.

وكنا دائماً معاً لأن أمي تعمل، فكان الوقت بيني وبين أختي كثيراً، وأخي أكبر مني ب8 سنوات، وكما أنه ولد فدائماً مع أصدقائه، وأختي كانت بنتاً عادية مثل باقي البنات اللاتي معها في الكلية، محجبة، ولكنها منذ صغرها تتمنى أن تلبس الخمار والعبايات، وتتقرب إلى الله، إلى أن أراد الله وأصبحت منقبة ولا تسمع أغانٍ ولا تشاهد التلفاز، وكثرت المشاكل مع أمي؛ لأن أمي إنسانة عادية تتفرج وتذهب إلى السنيمات وتسمع الأغاني، وأخي أيضاً، أما أبي فكان أيضاً في ذلك الوقت يعمل بالخارج، ولكن علاقته بأختي كانت أقوى علاقة عن بقية إخوتي، وهي كانت تحبه جداً، وأشعر أنها تفضله عن أمي.

ولكن بحكم تقربي لأختي وأنا في 3 ابتدائي أصبحت أتبع حزبها، وأصبحت دائماً معها في المسجد لسماع الدروس وحفظ القرآن، وأبعدتني عن مشاهدة التلفاز وسماع الأغاني وكنت وقتها لا أعلم معنى الحلال والحرام، ولكن حبي لأختي جعلني أسيرة لها بكل ما تقوله لي لأفعله دون تفكير حتى لو كان سيغضب أمي مني، فكانت أهم بالنسبة لي، ولكن الظروف شاءت وتزوجت أختي، وأصبحت أعيش مع أمي وأخي، ومن الطبيعي أنني أصبحت مثلهم، ولكن خوفي من أختي أن تعلم أنني أتفرج على التلفاز جعلني أكذب عليها وأقنعها أنني كما تركتني أقاوم ما يفعله أمي وأخي.

ومع مرور الوقت وفي مرحلة الإعدادية بدأت أختي مقارنتي بأختي الثانية التي تكبرني بسنة وتعيش مع أبي دائماً في الخارج، وكانت قد تحجبت فبدأت أختي تحدثني لماذا لا أتحجب مثلها؟ وبدأت تغيظني بها فتحجبت، وبعدما انتهت إجازة أختي في الصيف استمريت محجبة لفترة ثم خلعته، وبعد ذلك أصبح علي حجاب، تحجبت بكامل إرادتي فكنت أحب ذلك وكنت في 2 إعدادي، وفي هذا السن بدأت أفكر وينتابني شعور غريب: ما هو الحلال والحرام؟ هل عندما كنت في ابتدائي وأنا لا أسمع سوى كلمة حرام حرام عندما أريد اللعب بالعجلة مع أصدقائي في الشارع أسمع من أختي عيب وحرام لأن هناك أولاداً، أو أن أسلم على أقاربي، وبدأت أشعر أنني حرمت من طفولتي التي كنت لا أتحاسب فيها من الله، والآن قد أصبحت أتحاسب مثل الكبار ولا أستطيع أن أفعل الخطأ.

ولكنني أصبحت مذبذبة، فعائلتي وخاصة أهل أمي ليسوا ملتزمين، محجبين ويصلون فقط، فأصبحت أسمع الكلمات أنت صغيرة على الحجاب أنت مقلدة لأختك، أنت ما عندك شخصية، أنت تخافين منها، وأمي كانت تقول لي ذلك الكلام معهم، ولكن أبديت عدم اهتمامي، ولكن قصرت الحجاب فكنت أرتدي طرحة طويلة، ولكن بدأت سمات شخصيتي تظهر في أنني لا أحب التحدث إلى أحد ولا أعرف أن أفتح كلاماً، فبدأت أسمع أنني لا أعرف أن أتكلم وأني دائماً ساكتة، غير أنني لا أعرف أن ألبس جيداً، وكما أن الحجاب كان مكبراً لي، فكان يعتقد من يراني أني في كلية وليس طالبة في إعدادي، ولم يكن أحد يراني بسني الحقيقي سوى أختي، وكانت دائماً تحدثني عن الدين، وكانت تصبرني، وأنتظر الصيف لكي أراها في الإجازة وأجلس عندها.

وانتهت مرحلة الإعدادي، وجاءت مرحلة الثانوي وهذه المرحلة أغرب ما رأيت، ففي الصف الأول كنت أتمنى أن أتزوج إنساناً ملتزماً وملتحياً وأتنقب وألبس عبايات، ولكن كل صديقاتي تغيرن وأصبحت أشعر أنهن كبرن فينمصن حواجبهن، ويتحدثن عن المكياج واللباس والحب، وبدأن يؤثرن علي ولأني كنت ثابتة على أفكاري نصحتهن، فاتهمت في النهاية أنني معقدة ودمي ثقيل وشخصية باردة، ولكنني تعرفت على إنسانة جيدة في رأيي، أعانتني على التقرب إلى الله، كما غيرتني في أشياء أخرى مثل طريقة لبسي وكلامي وأفكاري، ولكن كل شيء بإرادتي.

ولكن في 2 ثانوي بدأت أفكار غريبة تأتيني: أولاً: لماذا أنا هنا أعيش مع أمي، وأخواتي من أبي يعشن معه؟ وأصبحت أشعر أنني لا أحب أبي وأنه ليس لي سوى مصدر للمال، وأصبحت أشعر بكره لأمي فهي السبب في بعد أبي وحملتها سبب زواج أبي عليها رغم أنني إلى الآن لا أعرف من المسؤول، فهي تقول لي أنه كان يمشي مع بنات كثر، وهو السبب، وهو يقول لي أنها كانت غير مهتمة به، وأختي تقول لي هما الاثنان السبب، فقررت أن أنسى ما فات وأعيش هذه اللحظة.

ولكنني لم أرهم يوماً في تجمع ودي، فدائماً حياتهم مليئة بالمشاكل، وألفاظ بذيئة من أمي وأبي؛ فأصبحت أتمنى عدم عودة أبي الذي يسود الحب في بيته الثاني والكلمات الرقيقة التي أسمعها بأذني، ولكنني هنا مع أمي لا أستطيع أن أتجاهل أنها السبب في ذلك وأرمي عليها الحمل وأشعر بسبب صوتها العالي وشغلها الذي أبي يقول هو السبب في زواجه عليها أشعر أنهم مصدر تعاستي؛ فبدأت أشعر أن الناس تكرهني وتتوقع أنني مثل أمي التي أشعر أن صوتها العالي مكره الناس فيها، فأصبحت أخجل في التعامل مع الجيران.

وأما صديقاتي فلم أعرفهم على أمي ولا أحب ولا أريد سوى صديقتي فعرفتها على أمي، ولكني كنت أمدح أمي أمامها وأظهرها بالصورة التي أريدها أن تكون عليه، فأصبحت أحلم بأسرة مترابطة، ولكن الآن أصبحت أشعر بكره أختي، وأحس أنها السبب في ما أعاني منه من اضطرابات بسبب تعصبها الديني وكل ما كانت تقوله لي في الصغر، فأصبحت لا أضع لها اهتماماً وأفعل أمامها ما أفعله من ورائها، وأصبحت لا أهتم بأحد وأصبحت أشعر أنني بلا قلب، عندما تتألم أمي لا تصعب علي، وكذلك أبي وأختي أصبحت أكرههم وبشدة وأفكر في قتلهم في بعض الأحيان، وأحياناً أفكر في الانتحار.

وأشعر أنني مكروهة من الناس وصديقاتي ولا أتحمل النظر لنفسي في المرآة فأشعر أنني قبيحة وأن من يطلق علي صفة الجمال ينافقني، وأكره أقاربي؛ لأنهم دائماً يقولون أنني لا أتكلم وصامتة، ووجودي كعدمي فأصبحت لا أزورهم فيقولون أنني انطوائية، وأمي تقول أني صاحبة مصلحة فهذه الكلمات تجرحني، ولكنها تزيدني عناداً في نفسي تجاه الكل، وأصبحت تائهة لا أعرف الطريق الصحيح مثلي مثل بقية بنات جيلي، لا يفرقني شيء عنهن غير أنهن يضحكن ويخرجن، وهن يعملن ما يردن ويفعلن ما يقلن، أما أنا فضحك تمثيل وأفعل ما لا أريده حتى أتقرب لهن وأقول أريد أن أبقى جيدة كلاماً وليس فعلا.

أصبحت أكره نفسي ولا أثق بنفسي وبلا هدف ولا أمل، ولا أهل أتشرف بهم رغم أنهم في مركز مرموق، ولكن لا أريدهم لا أشعر بحب نحوهم، فلماذا أنا دائماً مكتئبة وأبكي؟ ولا أعرف ماذا أريد، فهل ما عندي مرض نفسي أم ماذا؟ إني حائرة أرجوكم أعينوني قبل أن أنفجر، كيف أكون إنسانة سوية في كل شيء؟ حتى الحب أهرب منه ولا أريد أن أتزوج، وأشعر أنني سوف أفشل، وإذا فشلت فيه أقول أنني لا أستحق أن يحبني أحد، فأنا لا شيء!

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ A حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

جزاك الله خيراً على سؤالك.

لا شك أن كل الذي قمتِ بسرده هي ظروف تربوية يمر بها الكثير من الناس، ولكن حساسيتك المفرطة نحو الأمور جعلتك أكثر تركيزاً على الأحداث والعوامل السلبية، وعدم الالتفات والإلمام المفيد بما هو ايجابي.

أنت الآن في فترة السابعة عشر عاماً، وقد مرت عليك أحداث وتجارب كثيرة، وهذا غير مُستبعد؛ لأن الإنسان هو أطول مخلوقات الله طفولة، مما يجعله عرضةً لتجارب كثيرة.

هنالك مدارس كثيرة في الطب النفسي، بعضها يركز بصورةٍ مطلقة على التنشئة والطفولة، ومن هذه المدارس: المدرسة التحليلية، ولكن هذا المدرسة الآن أثبت خطأها، وأصبحت مدرسة السلوك المعرفي هي السائدة، والتي تُعلمنا أن الإنسان يمكن أن يستفيد من ماضيه، لكن الأهم هو أن يعيش حاضره بقوة وجد واجتهاد، وأن ينظر لمستقبله بأملٍ ورجاء.

لا شك أنك حاولت أن تعيشي نوعاً من الازدواجية في أيام طفولتك، وأقصد بالازدواجية ازدواجية القيم والانتماء لمن حولك والتأثر بهم، وربما تكوني معذورة في أيام طفولتك، ولكن أيتها الابنة الكريمة يجب أن لا تجدي لنفسك عذراً الآن، وقد بلغت سن السابعة عشر.

إنني ألاحظ أنك مصابة بإحباطٍ وباكتئابٍ نفسي، ولكن الحمد لله الآن يمكن للإنسان أن يهزم الاكتئاب النفسي، ويعيش حياةً سعيدة، وذلك بإعادة صياغة تفكيره مما هو سلبي إلى ما هو إيجابي، وأنت باستطاعتك التوجه إلى هذا السلوك، فأنت في بداية سن الحياة الناضجة، ولك من الطاقات والإمكانات الداخلية والنفسية التي يمكن أن تفجيرها وتوجهيها بصورةٍ إيجابية صحيحة.

لماذا تحملين على أختك هكذا؟ فهي في نظري أرادت لك الخير، وفي نظرنا أن التمسك بالدين هو أهم سلاح ليواجه به الشباب ما يطرأ على الحياة من تعقيدات وفجور.

أرجو أن تعيشي الأمل والرجاء، فأنت إنسانةٌ سوية ولست بفاشلة، ولكنك تقديرين ذاتك بصورة سلبية.

ابنتي العزيزة! لا نستطيع أن ننكر أن للاكتئاب النفسي -والذي كثُر في هذه الأيام بين الشباب- مكوناً كيميائياً، حيث يُعتقد أن هنالك مواد بالمخ منها مادة ( النورادرانالين) و(سيروتينين) يحدث بها اضطراب، ولذا تُعتبر الأدوية التي تُعيد هذه المواد الكيميائية والموصلات العصبية إلى وضعها الطبيعي هامة ووسيلة فعالة للعلاج، وعليه سأصف لك علاجاً يعرف باسم (فافرين) أرجو أن تتناولي منه جرعة بمعدل ( 50 مليجرام) بعد الأكل ليلاً، ولمدة شهرين، ثم ترفعيها إلى ( 100 مليجرام ) ليلاً لمدة سبعة أشهر، ثم تخفضيها إلى ( 50 مليجرام) ليلاً، ولمدة ثلاثة أشهرٍ أخرى، وهذا الدواء من الأدوية السليمة والطيبة جداً.

ختاماً: تمنياتنا لك بمستقبل مشرق، وأرجو أن لا تلتفتي مطلقاً إلى التعليقات السلبية التي تسمعينها من البعض، وأن لا تنجرفي فيما ليس فيه خير لك، وأنا أثق تماماً أن لديك شخصيتك وكيانك المستقل.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
مرض الرهاب الاجتماعي هل يمكن أن ينتقل للأبناء بالوراثة؟ 1332 الأربعاء 22-07-2020 02:11 صـ
أدمنت البنزوديازبينات وأعاني من آثاره فكيف أتخلص منها وأعود طبيعيا؟ 1538 الأحد 19-07-2020 03:02 صـ
الاكتئاب والوسواس القهري وتبدد الشخصية، كل ذلك أعاني منه، أرجو المساعدة. 5007 الخميس 16-07-2020 05:51 صـ
أعاني من الاكتئاب بعد أن فقدت وظيفتي وهاتفي ووفاة أخي! 970 الأحد 12-07-2020 03:15 صـ
ضرب زوجي لي أمام أخته أحدث لي آثارًا سيئة، فكيف أتجاوز ذلك؟ 2670 السبت 11-07-2020 08:59 مـ