أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : كيفية تحقيق التوبة الصادقة وإصلاح النفس
سؤالي: هو أنني شاب حفظت القرآن في صغري، وكنت متديناً، ولكنني الآن نسيت القرآن ولا أصلي وأرتكب المعاصي. ووالدي متوفى، ولا أسمع كلام أمي، رغم أني أنا المسئول عن عائلتي، وأنا الآن مديون، ولا أعرف ماذا أفعل، ولقد كرهت حياتي، وأريد أن أصلح نفسي وأرضي أمي الحبيبة.
ونحن ثلاثة إخوة وسبع أخوات، جميعهم يحفظون القرآن إلا أنا، أريد منكم أن ترشدوني إلى الطريق الصحيح؛ لكي أرضيهم جميعهم وأولهم أمي، ولكي يرضى الله عني قبل موتي، ولا أعرف ماذا سيكون مصيري لو مت وأنا عاصٍ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يهديك صراطه المستقيم.
وبخصوص ما ورد في رسالتك: فإنه لمن المؤسف حقاً أن تفقد الأمة الإسلامية شاباً صالحاً مثلك، حافظاً لكتاب الله، يحمل معالم التدين والاستقامة، وكان من الممكن أن يكون له دور بارزاً في قيادة أسرته بعد وفاة والده إلى الصلاح والهدى، وحمل القرآن لغيرهم من المسلمين المجاورين لهم، أو على الأقل يكفيهم أن يكونوا قدوةً صالحة لمن يتعامل معهم، إلا أن هذا كله قد تبدد وانهار عندما تخليت أنت عن دورك القيادي، وأصبحت قدوةً غير صالحة لإخوانك، وفقدت قدرتك على قيادة الأسرة بعد وفاة والدك، بل وأصبحت عبئاً ثقيلاً على أسرتك وإخوانك، حتى وصل الأمر بك إلى عصيان والدتك، والوقوع في بعض المعاصي وترك الصلاة، وهذه كلها معاصٍ كفيلة بتدمير مستقبلك ومستقبل أسرتك، وغرقك في مزيد من الديون، وصعوبة الخروج من هذه الدوامة.
لذا لابد لك أخي! من وقفةٍ صادقة وحازمة مع نفسك، وضرورة وقف هذا التردي، فابدأ بالأمر الأيسر، وهو العودة إلى الصلاة، والمحافظة عليها جماعة، وهذا أمرٌ ليس بالصعب، وأنت قادرٌ على ذلك، وأنا واثق من قدرتك فلا تتردد، فتوكل على الله، وعُد إلى رياض الجنة وبيوت مولاك في أسرع وقت ممكن؛ لأن الصلاة نور، وهي مفتاح كل خير، ولها أثرها العظيم في القضاء على المعاصي أو الحد منها، ثم قرر ترك المعاصي، ولو على مراحل؛ لأن العاصي إذا استمر في معصيته وأصر عليها يسقط من عين الرحمن، فلا يبالي به في أي وادٍ هلك، وبالتالي يسقط من عين خلقه عيإذن بالله، فقرر ترك تلك المعاصي، وقرر المحافظة على الصلاة، واقتطع جزءاً من وقتك لمراجعة القرآن ولو ربع حزب يومياً، وتوجّه إلى أمك فاعتذر لها وقبّل قدمها ويديها ورأسها، وسلها العفو عنك والدعاء لك بالتوفيق، ورتّب أمورك المالية بالتعاون مع أهلك، وحاول استشارة والدتك وإخوانك الكبار في كل شيء، وحاول -وهذا أهم شيء- تغيير البيئة والصحبة التي تمشي معها، فاترك أصحابك الحاليين ممن يعرف ظروفك ولا يساعدك على التوبة، وابحث عن صحبةٍ جديدة صالحة، والمساجد مليئة بعباد الله الصالحين.
فإن صدقت في توبتك فتأكد من أن الله لن يتخلى عنك، وسوف تُعان على كل خير، ويكفيك كل شر، وتقضي ديونك، وترضي ربك، وتطيع أمك، وتكون قدوة حسنة لإخوانك وقائداً وإماماً لهم في الخير والصلاح.
إذن: أهم شيء هو اتخاذ قرار التغيير، والتصميم على ذلك، وعدم التراجع مهما كانت التحديات وهوى النفس وإغراءات الشيطان، لأنك أخي سيف إن لم تحاول تغيير ومساعدة نفسك فلن يساعدك أحد، فقرار التغيير بيدك أنت وحدك، ولا يخفى عليك قوله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11]. فلابد من قرار التغيير، وعدم التراجع عن ذلك، ثم التخلص من الصحبة الحالية الغير مفيدة، والبحث عن صحبة جديدة صالحة، واستعن ببرك لأمك وطاعتك لها في التخلص من هذا الماضي، والبحث عن حاضر سعيد ومستقبل مشرق، وأنا واثق من قدرتك على ذلك؛ لأنك تملك كنزاً لا يقدر بثمن ألا وهو القرآن الكريم، والنشأة الطيبة التي نشأت عليها، فقم يا بطل! وانفض عنك غبار المعصية والفقر، واستنشق رحيق الطاعة والعزة والكرامة، وتأكد من أن الله معك يفرح بك ويسدد خطاك.
والله الموفق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ | 3478 | الخميس 23-07-2020 05:29 صـ |
أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟ | 3580 | الأحد 19-07-2020 02:55 صـ |
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! | 1991 | الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ |
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! | 1630 | الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ |
كيف أتخلص من الخوف والاكتئاب؟ | 4144 | الاثنين 13-07-2020 04:12 صـ |