أرشيف المقالات

الأسرار أمانات

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2الأسرار أمانات


حديث أخيك لك في السر أمانة، ولو لم يطلب منك الكتمان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول - فيما يرويه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما -: ((إذا حدث الرجل بحديثٍ ثم التفت، فهي أمانةٌ))؛ (صحيح الجامع: 486)، و(الصحيحة: 1090).
 
• والأمانة مسؤولية خطيرة يسأل عنها الإنسان يوم القيامة.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].
 
• ويقول الحسن البصري رحمه الله: "إن من الخيانة أن تحدث بسر أخيك"؛ (إحياء علوم الدين 3/ 132).
فإفضاء أخيك لك بسره ثقةً منه فيك، يجعلك تشير عليه بالصالح، وبما تحبه لنفسك، وكما قيل: "المستشار مؤتمنٌ"؛ أي: مؤتمن على السر، أو على الرأي الذي يشير به، وحتى لو لم يكن سرًّا وتحدثت به، فقد وقعت في فضول الكلام، أو في الخوض في الباطل.
 
• وجاء في كتاب "الزهد" لابن المبارك عن أبي بكر بن محمد بن بكر بن حزم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة، ولا يحلُّ لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره)).
 
• يقول أحدهم عن حال الأمينِ الذي يكتم سر صاحبه:
ويُكَتِّم الأسرارَ حتَّى إنَّه *** لَيَصُونها عن أن تَمُرَّ بباله

(الذريعة إلى مكارم الشريعة للأصفهاني: ص297).
 
• وقال ابن المعتز رحمه الله:
ومُستودِعي سرًّا تبوَّأْتُ كَتْمَه *** فأَوْدعتُه صدري فصار له قَبْرَا

(إحياء علوم الدين: 2/ 194).
 
تنبيه:
من الأسرار التي ينبغي أن تحفظ ولا تنشر: ما يرى من الميت أثناء تغسيله؛ فقد أخرج الحاكم والبيهقي بسند صحيح من حديث أبي رافع رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من غسل مسلمًا فكتم عليه، غفر الله له أربعين مرة - وفي رواية: أربعين كبيرة - ومن حفر له فأجنه[1]، أجرى عليه كأجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة، ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سُندسِ وإستبرق الجنة))؛ (صححه الألباني في أحكام الجنائز: ص51).
 
فالثواب المذكور في الحديث مشروط بشرط الكتمان والستر على الميت، فلا يحدث بما قد يراه مكروهًا منه.
 
• وقد أخرج الطبراني في "الكبير" عن أبي أمامة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((مَن غسل ميتًا فستره، ستره الله من الذنوب، ومن كفنه، كساه الله من السندس))؛ (صحيح الجامع: 6403).



[1] أجنه: أي ستره في القبر.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢