أرشيف المقالات

رشقات قلم (٢)

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
2رشقات قلم (٢)   ♦ الحكيم لا يكون حكيمًا حتى يقدر لكل شيء قدره، ويضع كل شيء في موضعه الذي يليق به، وهذه هي عين الحكمة التي تنفع، ولا يمكن أن تضر، ولَكَمْ جنى عدم العلم والعمل بها على الكثيرين! وقديمًا قال المتنبي، ولنعم ما قال: ﻭﻭﺿﻊُ ﺍﻟﻨﺪﻯ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺴﻴﻒ بالعلا ♦♦♦ ﻣﻀﺮ ﻛﻮﺿﻊ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻨﺪﻯ   وبهذا المنهج العلمي المنضبط وحده، تستطيع أن تميز وتفصل بجلاء بين اﻟﺤﻖ ﻭالباطل، ﻭاﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺸﺮ، ﻭاﻟﺼﺪﻕ ﻭاﻟﻜﺬﺏ، والغث والسمين؛ ﻋﻠﻤًﺎ ﻭﻋﻤﻼً، والله أعلم.   الخلان: ﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [الفرقان: 28].   من المعلوم والمتقرر عند المحققين من أهل العلم أن الخلة هي أعلى مراتب المحبة، وإذا ما علمنا هذا، ثم تأملنا في الدافع الذي جعل هذا المتأوه يتأوه على هذه الصورة المخيفة: ﴿ يَا وَيْلَتَى ﴾، ثم نظرنا في الذي أضله، وجعله على تلك الحالة، وكان سببًا في إدراجه في قائمة الظَلَمَةِ: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ﴾ [الفرقان: 27]، وإيصاله إلى هذه الحالة - لرأينا أن هذا الفعل المشين - الإضلال - هو السبب في ذلكم التأوه، وقد وقع له ذلك كله بسبب أحظى الناس عنده منزلة، بل هو أقرب الناس لقلبه؛ ولذلك فإن من الواجب علينا توخي الحذر والتأني عند اتخاذ الأصحاب والأصدقاء، وكذلك التفكير مليًّا ومليًّا جدًّا قبل إدراج أحدهم - كائنًا من كان - في قائمة الخلان.   ونحن في هذا العصر الذي تكالب فيه الأعداء على الإسلام، وانهالوا عليه ضربًا وطعنًا، ومع الألم الكبير الذي يلحقنا من جراء ذلك، والذي يعظم مع ما نراه من التقاعس من أبنائه وبناته في الذب والذود عنه - نجد المصاب يعظم، والألم يعتصرنا أكثر؛ لما نرى من تأثر بعض أبنائه وبناته بتلكم الضربات أو الطعنات، وسقوطهم إثر ذلكم ضحايا لتلك الضربة أو الطعنة، أو تأثرهم على الأقل بها؛ لقلة بضاعتهم من جهة، أو لزهدهم في البحث عن سابغة تقيهم من تلكم الهجمات الشرسة من جهة أخرى - أقول: ونحن نعيش هذا المشهد المتكرر مع الأسف الشديد في كل يوم، والذي يزيد معه الحزن، ويعظم المصاب، ويزداد النحيب - تظهر بارقة أمل وبقوة ممن عاش وشاهد وسمع؛ لتمد لنا طوق نجاة، وترسم - بريشة ساحرة أخَّاذة - لنا طريق حياة نخلص معه، ليس إلى سابغة واحدة فحسب، بل إلى سابغات قويات، أُعدت بعلم وحكمة وخبرة؛ لتعيد لنا من جديد وبقوة الفرحة والبسمة، وتنتشل أبناء المسلمين وبناته من تلكم البراثن الباغية، والمحطات المظلمة، وتعيدهم إلى حيث ينبغي أن يكونوا، وحتى لا أطيل على إخوتي وأخواتي؛ فإني أناشد اليوم كل شاب حريص على أن تكون له يد طولى في رد تلكم الضربات والطعنات إلى صدور أهلها - أن يقرأ كتاب "سابغات" للأستاذ الفاضل والكاتب الكريم/ أحمد السيد؛ فإنه كتاب أنا على يقين بأنكم ستسعدون به جدًّا، وتأنسون به؛ فهو بحق نعم الصاحب والجليس، فجزاه الله تعالى عن كتابه هذا خيرًا، وأسأل الله تعالى أن يجعله لي ولكم وللمسلمين مفتاح خير ومغلاق شر.   جميل أن يعتني العلماء وطلبة العلم بتفسير القرآن الكريم وشروح السنة النبوية، والأجمل منه أن تكون تلك العناية مصحوبة بسهولة اﻟﻌﺒﺎﺭﺓ، ووضوح اﻹﺷﺎﺭﺓ، ﻭلا سيما متى كانت مصوغة بنمط ﺑﺪﻳﻊ، وﺑﻌﺒﺎﺭة ﻗﺮﻳﺒﺔ يسيرة بعيدة عن التكلف، ﻻ يعتريها ﺧﻔﺎء، ﻭﻻ يلحقها ﻏﻤﻮﺽ، واضحة اﻟﻤﻌﻨﻰ، بينة اﻟﻤﻘﺼﻮﺩ بكلمات ﻣﺨﺘﺼﺮات ﻣﻔﻴﺪات، وﻣﺴﺘﻮعبة ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﺘﻪ تلك الآية أو ذاك الحديث.   إن عجبي لا يكاد ينقضي ممن يدندن في الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة، وموخرًا على صفحات الإنترنت ليلًا ونهارًا - بكلام ركيك أجوف، يهدف منه إلى تشويه تراث أسلافنا وأئمتنا؛ بغية صد الناس عنهم، وربطهم به وبكلامه الهزيل، ألا يدرك المسكين أن للناس عقولًا تعقل، وقلوبًا تفقه؟   أن يهرع الرجال والنساء إلى عمليات التجميل، والعناية بالمظهر الخارجي الذي ليسوا منه في شيء - فإنه دليل غبن، ولو أنهم انشغلوا بترميم - ولا أقول: بتجميل - بواطنهم لكان أولى وأجمل، وأحرى وأنفع، ولا سيما وهو موضع نظر ربنا سبحانه وتعالى.   همسة سلوان إلى كل من أصابته سهام المصائب ... أو رشقته من كل صوب نبال الخطوب ... أو ادلهمت من حوله الكرائب ... وانصاحت عليه ﺑﻮاﺑﻞ اﻟﺒﻼﻳﺎ ... أو نزلت بساحته الرزايا ... أو كثرت بأعتاب بابه المنايا ... وفتكت به نصال القوارع ... أو بجته رماح الفواجع ... أو عصفت به رياح المواجع ... وأحدقت به ﻧﺎﺯﻟﺔ ... أﻭ أحاطت به ﻧﺎﺋﺒﺔ ... أﻭ طافت به ﺣﺎﺩﺛﺔ ...   تذكر قول نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((ﺇﺫا ﺃﺻﻴﺐ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺑﻤﺼﻴﺒﺔ، ﻓﻠﻴﺬﻛﺮ ﻣﺼﻴﺒﺘﻪ ﺑﻲ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻤﺼﺎﺋﺐ عنده))، وفي رواية: ((ﻓﺈﻥ ﺃﺣﺪًا ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻲ ﻟﻦ ﻳﺼﺎﺏ ﺑﻤﺼﻴﺒﺔ ﺑﻌﺪﻱ ﺃﺷﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻴﺒﺘﻲ)).




شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢