أرشيف المقالات

أسباب نزول سورة البقرة وتنبهات هامة بخصوصها

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
2أسباب نزول سورة البقرة وتنبهات هامة بخصوصها
بادئ ذي بدء نقول: إن القرآن الكريم منه ما ينزل لسبب مذكور، ومنه ما ينزل لغير سبب، وليس لكل سورة أسباب نزول خاصة ومعروفة.   بل إننا نجد في القرآن القصص وآيات الأحكام وآيات الترغيب والترهيب والناسخ والمنسوخ وغير ذلك ما ليس له سبباً مخصوصاً للنزول، فليس كل السور أو الآيات لها سبباً معروفاً، بل قد يختلف البعض في اسباب النزول في الآية الواحدة لاختلاف القرائن والمواقف.   قال السيوطي: قال الواحدي ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وقد قال محمد بن سيرين[1] سألت عبيده[2] عن آية من القرآن فقال اتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن وقال غيره معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا وربما لم يجزم بعضهم فقال أحسب هذه الآية نزلت في كذا كما قال الزبير [3] في قوله تعالى ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ الآية.
اهـ[4]   قلت: وربما كان الصحابي لا يقصد سبباً للنزول عندما يقول نزلت هذه الآية في كذا وتلك في كذا بل قصد حكم الآية.
  قال السيوطي في "لباب النقول": "قال الزركشي[5] في البرهان قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع.   قلت: والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه ليخرج ما ذكره الواحدي في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك وكذلك ذكره في قوله واتخذ الله إبراهيم خليلا سبب اتخاذه خليلا فليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى.   وكان قد ذكر – رحمه الله - في مقدمة كتابه سابق الذكر ما نصه: قال الواحدي لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها وقال ابن دقيق العيد بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن وقال ابن تيميه معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب وقد أشكل على جماعة من السلف معاني آيات حتى وقفوا على أسباب نزولها فزال عنهم الإشكال ثم قال: قال الواحدي ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها.
اهـ[6]   والحاصل مما ذكرنا أنفاً أن سورة البقرة قد استمر نزولها في العهد المدني، لذا لا يتصور إمكانية حصر أسباب نزولها في سبب واحد لتعدد الأسباب في نزول الآيات، وسوف نذكر أسباب النزول أن وجدت في سياق تفسير الآيات ومرجعيتنا في ذلك كما ذكرنا كتاب "الصحيح المسند في أسباب النزول" للشيخ مقبل بن هادى الوادعي.   تنبيهات هامة: هناك عدة أحاديث منتشرة على ألسنة العامة وهي ضعيفة لا تصح ونحن نحذر منها وننبه عن خطورة تداولها ونشرها بين الناس لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ"[7]   وأذكر منها هنا على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: • حديث "آيتان هما قرآن، وهما يشفعان، وهما مما يحبهما الله، الآيتان في آخر سورة البقرة" [8].
• وحديث "من قرأ سورة البقرة؛ توج بتاج في الجنة [9]   • وحديث "إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن، سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلاً لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام".[10]


[1] هو محمد بن سيرين أبو بكر الأنصاري الإمام، شيخ الإسلام، أبو بكر الأنصاري، الأنسي، البصري، مولى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. تملكه أنس، ثم كاتبه على ألوف من المال، فوفاه، وعجل له مال الكتابة قبل حلوله، فتمنع أنس من أخذه لما رأى سيرين قد كثر ماله من التجارة، وأمل أن يرثه، فحاكمه إلى عمر رضي الله عنه فألزمه تعجيل المؤجل. قال أنس بن سيرين: ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، وولدت بعده بسنة قابلة. سمع: أبا هريرة، وعمران بن حصين، وابن عباس، وعدي بن حاتم، وابن عمر، وعبيدة السلماني، وشريحا القاضي، وأنس بن مالك، وخلقا سواهم. روى عنه: قتادة، وأيوب، ويونس بن عبيد، وابن عون،..
وغيرهم، وقال هشام بن حسان: أدرك محمد ثلاثين صحابيًا.
سير أعلام النبلاء للذهبي بتصرف 4/606. [2] هو عبيدة السلماني(000 72 هـ = 000 691 م) تابعي.
أسلم باليمن.
أيام فتح مكة، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان عريف قومه.
وهاجر إلى المدينة في زمان عمر.
وحضر كثيرا من الوقائع، وتفقه، وروى الحديث.
وكان يوازي شريحا في القضاء.
الأعلام للزركلي بتصرف يسير (4/199) [3] الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية بنت عبد المطلب، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله رضي الله عنه أسلم وهو حدث، له ست عشرة سنة.
سير أعلام النبلاء للذهبي بتصرف يسير (1/42) [4] أنظر كتاب (لباب النقول في أسباب النزول) لجلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)( ص/3 )نسخة المكتبة الشاملة. [5] (الزركشي745 794 هـ = 1344 1392 م) هو محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي أبو عبد الله، بدر الدين: عالم بفقه الشافعية والاصول.
تركي الاصل، مصري المولد والوفاة. قال ابن حجر في إنباء الغمر ما مختصره: محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي بدر الدين المنهاجي، ولد بعد الأربعين، ثم رأيت بخطه سنة خمس وأربعين وسبعمائة، وسمع من مغلطاي وتخرج به في الحديث، وقرأ على الشيخ جمال الدين الأسنوي وتخرج به في الفقه، ورحل إلى دمشق فتفقه بها، وسمع من عماد الدين ابن كثير، ورحل إلى حلب فأخذ عن الأذرعي وغيره، وأقبل على التصنيف فكتب بخطه ما لا يحصى لنفسه ولغيره، ومن تصانيفه: تخريج أحاديث الرافعي في خمس مجلدات وخادم الرافعي في عشرين مجلدة، وتنقيحه للبخاري في مجلدة، وشرع في شرح كبير لخصه من شرح ابن الملقن، وزاد فيه كثيراً، ورأيت منه المجلد الأول بخطه، وشرح جمع الجوامع في مجلدين وشرح المنهاج في عشرة، ومختصره في مجلدين، والبحر في أصول الفقه في ثلاث مجلدات، وغير ذلك .
ثم قال: ورأيت أنا بخطه من تصنيفه البرهان في علوم القرآن من أعجب الكتب وأبدعها مجلدة، ذكر فيه نيفاً وأربعين علماً من علوم القرآن وتخرج به جماعة، وكان مقبلاً على شأنه، منجمعاً عن الناس، وكان بيده مشيخة الخانقاه الكريمية وكان يقول الشعر الوسط، مات في ثالث رجب.
ا.هـ [6] انظر لباب النقول في أسباب النزول لجلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ (1/3) [7] أخرجه البخاري برقم/ 1209 باب ما يكره من النياحة على الميت, ومسلم برقم/4 بَاب تَغْلِيظِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [8] (ضعيف جداً) انظر حديث رقم: 18 في ضعيف الجامع للألباني رحمه الله. [9] انظر حديث رقم: 1069 في ضعيف الجامع للألباني رحمه الله. [10] انظر السلسلة الضعيفة والموضوعة " (3/524).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣