أرشيف المقالات

الشفاعة الحسنة وفضلها

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الشفاعة الحسنة وفضلها
 
قال الله تعالى: ﴿ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ﴾[1].
 
فالشفاعة نوعان:
♦ شفاعة حسنة.
♦ شفاعة سيئة.
 
وقد كان صلى الله عليه وسلم يشفع للإصلاح بين الناس، والتأليف بينهم.
 
فقد توفي عبدالله - والد جابر - وترك دينًا عليه ليهودي، فاستنظره جابر فأبى أن ينظره، فجاء جابر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه ليشفع له إلى ذلك اليهودي، وقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى إلى اليهودي وكلمه[2]..
 
وتخاصم كعب بن مالك مع ابن أبي حدرد في دين كان له عليه، فناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا كعب» قال: لبيك يا رسول الله، قال: «ضع من دينك هذا» وأومأ إليه: أي الشطر، قال: قد فعلت يا رسول الله، فقال لابن أبي حدرد: «قم فاقضه»[3].
 
وكان مغيث عبدًا أسود، وكانت زوجته أمة اسمها بريرة، وحدث أن أعتقت بريرة، ففسخت نكاحها[4]، وكان مغيث يحبها، يطوف خلفها في سكك المدينة وهو يبكي.
 
فشفع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغيث، وقال لبريرة: «لو راجعتِه» قالت: يا رسول الله، أتأمرني؟ قال: «إنما أنا أشفع» قالت: لا حاجة لي فيه[5].
 
هذه نماذج من شفاعاته صلى الله عليه وسلم وهي في ميدان أعمال الخير والإصلاح.
 
وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على المبادرة إلى الشفاعة في هذه الميادين الخيرة وطلب من أصحابه أن يفعلوا ذلك.
 
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا جاءه السائل، أو طلبت إليه حاجة قال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء»[6].
 
فقد تكون الشفاعة سببًا في إحسان، أو تيسير على مسلم، أو دفع ظلامة فيكون للشافع الأجر في ذلك.
وإن من البخل، أن يبخل إنسان بشفاعته، وهو يعلم أنه ييسر على معسر فيها.
 
وقد وعى الصحابة رضي الله عنهم، هذا الدرس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال معاوية: اشفعوا تؤجروا، فإني لأريد الأمر فأؤخره كيما تشفعوا فتؤجروا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اشفعوا تؤجروا»[7].
تلك هي الشفاعة الحسنة.

أما الشفاعة السيئة، فهي التي تكون في حدود الله، وكذلك كل شفاعة يترتب عليها ظلم لإنسان، مهما كان شأن هذا الظلم، فإن هذا مما منعه الشرع المطهر.

[1] سورة النساء، الآية (85).


[2] أخرجه البخاري (2396).


[3] متفق عليه (خ 457، م 1558).

[4] من حق الأمة الرقيقة إذا أعتقت وأصبحت حرة، وكان زوجها عبدًا رقيقًا أن تفسخ نكاحها، إذا رغبت، لأن هذا النكاح حينما عقد لم يكن حسب رغبتها، وإنما برغبة سيدها.


[5] أخرجه البخاري (5283).

[6] متفق عليه (خ 1432، م 2627).

[7] أخرجه أبو داود والنسائي (د 5132، ن 2556).

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن