أرشيف المقالات

مقدمة تحقيق: الصحيفة فيما يحتاج إليه الشافعي في تقليد الإمام أبي حنيفة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2مقدمة كتاب الصَّحِيفَة فِيما يحتاجُ إليهِ الشَّافِعيُّ
في تَقلِيد الإمامِ أبي حنيفَة (رحمه الله)   الحمد لله، أحمدُه على آلائه، وأشكره على نعمائه وأستعين به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إِلَه إِلَّا الله، وَحده لَا شريك لَهُ، وأن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الْأَبْرَار وَسلِّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فإنه لا يخفى على كلِّ لبيب أن خير ما أنفق الإنسان فيه نفيس أوقاته، وهجر لأجله الأولاد والأخلاء والأصحاب، هو اكتساب العلم والاشتغال به؛ إذ هو السبب لإنارة الطريق الموصل إلى الله سبحانه وتعالى وإلى رضاه؛ الذي به سعادة الإنسان في الدارين؛ من أجل هذا استعنت الله عز وجل، فشمرت عن سواعد الجد، وعزمت على الإسهام في البحث والتحقيق لتراث علمائنا، فأكرمني الله عز وجل؛ إذ حصلت على مخطوط بعنوان: الصحيفة فيما يحتاجه الشافعي في التقليد لأبي حنيفة رحمه الله، للإمام أحمد الطيبي رحمه الله، احتوت هذه الصحيفة على درر من الفروع الفقهية تشد لمعرفتها الرحال، وتحقيقات دقيقة تنشرح لها صدور فحول الرجال؛ لما اشتملت عليه من إعطاء المسائل حقَّها من التحقيق والسلوك فيما لها وعليها في أوضح مقال، مع تجرُّدٍ عن الهوى والإضلال.
وإنَّ المدقِّق في هذه المنظومة يجد إذا نظر بعين الفقيه قواعدَ مهمة، من بينها ضبط مسيرة التقليد والحفاظ على صحة عبادة المكلف حتى لا تقع عباداته ومعاملاته مخالفة للشرع؛ لوقوعها على صفة لم يَقُلْ بها مجتهد، ولا يكون ذلك إلا بإبطال التلفيق بين المذاهب، وقد أشار إليه الطيبي رحمه الله في منظومته، ومنها أيضًا: جواز التقليد لمجتهد فاضل بعد الإعراض عن فتوى المفضول، ومنها بيان سبب الخلاف في الفروع الفقهية وذكر عددٍ منها، مع جواز الأخذ بها حسب ما يقتضيه الدليل، أو تدعو إليه الحاجة.
وإنَّ مما يُبين أهمية هذه المنظومة – الصحيفة – وما احتوت عليه من قواعد ومسائل: شيوع التعصب، والزلل في الفتيا، والخطأ في الاجتهاد شيوعًا لم يسبق له نظير في تاريخ فقهنا الإسلامي، والتجرؤ على مناصب الفتيا والاجتهاد حتى خاض فيها من ليسوا من أهل العلم والاجتهاد المؤهلين للفتيا وبيان الأحكام الشرعية؛ فزادوا فيها ونقصوا، وأفرطوا في تطبيقاتها وفرَّطوا، وحرَّموا وحلَّلوا، وحصل من جراء ذلك: غلوٌّ وتضييق على الناس، أو تفريط وإضاعة، فكانت هذه الصحيفة بمثابة الضماد للجرح، والدواء للداء.
وقد اقتضت طبيعة العمل تقسيمه إلى قسمين: القسم الأول: القسم الدراسي وكان في ثلاثة مباحث: المبحث الأول: التعريف بالإمام الطيبي (رحمه الله تعالى).
المبحث الثاني: التعريف بمنظومة الصحيفة وفيه مطلبان: المطلب الأَول: تحقيق اسم المنظومة، وتوثيق نسبتها إِلى الإمام الطيبي: المطلب الثاني: قواعد في التقليد.

المبحث الثالث: المنهج المتبع في التحقيق وصف النسخ الخطية وفيه مطلبان: المطلب الأول: المنهج المتبع في التحقيق. المطلب الثاني: وصف النسخ الخطية ونماذج منها.
أما القسم الثاني: فجعلته للنص المحقق. وفي الختام أقول: هذا واحد من كتب التراث المغمورة لعلمائنا الأجلاء استعملني الله تعالى ليجد طريقه إلى النور، وقد بذلت غاية الجهد في إخراجه بصورة علميَّة، فإن أكُ قد وفِّقت فلله الحمد والمنة، وإن تكن الأخرى فحسبي أني حاولت الوصول إلى الحق وبذلت ما بوسعي من جهد، وإني سائل مَنْ عَثَرَ على السقطات، وشاهد الهفوات، أن يرشدني إلى الصواب. واللهَ تعالى أسألُ أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجزيني به وإخوتي ومشايخي أعظم الجزاء، إنه هو الكريم الجواد.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن