أرشيف المقالات

شرح حديث: اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
2شرح حديث: اللهم ثبته واجعله هادياً مهديًّا
عن قيس بن أبي حازم، قال: قال لي جرير: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا تريحني من ذي الخلصة" وكان بيتاً في خثعم يسمى كعبة اليمانية، قال: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس، وكانوا أصحاب خيل، قال: وكنت لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري، وقال: "اللهم ثبته، واجعله هادياً مهديًّا"، فانطلق إليها فكسرها وحرقها، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق، ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجوف أو أجرب، قال: فبارك في خيل أحمس، ورجالها خمس مرات.
[1]   من فوائد الحديث: 1- جرير البجلي هو: ابن جابر بن مالك من بني أنمار بن أراش نسبوا إلى أمهم بجيلة يكنى أبا عمرو على المشهور واختلف في إسلامه والصحيح أنه في سنة الوفود سنة تسع للهجرة، ومات سنة خمسين، وقيل بعدها.   2- قوله: (فانطلقتُ) أسلوب جميل من أساليب البلاغة وهو الالتفات من الحضور إلى الغائب.
[2]   3- إنما ضرب بيده في صدره؛ لأن فيه القلب، وهو محل الثبات، واليد محل القدرة.
[3]   4- قوله:( ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره) يؤخذ من ذلك استحباب بشارة المسلم فيما فيه سرور.
[4]   5- رغم أنّ جريراً رضي الله عنه لا يثبت حين يركب الخيل، وفي ذلك خطورة عليه، إلاّ أنّه فضّل الاستجابة لطلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه من أعظم الإيجابيات.   6- الراحة نوعان: راحة جسدية مادية، وراحة معنوية داخلية.   7- كان التعيين من النبي صلى الله عليه وسلم لجرير رضي الله عنه في هذه المهمّة.   8- طاعة الصحابة رضي الله عنهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم.   9- كان همّا يؤرّق النبي صلى الله عليه وسلم حتى أزاله جرير رضي الله عنه.
10- يثني جرير رضي الله عنه على فوارس قبيلة أحمس، بأنهم أصحاب خيل.   11- قوله: (فانطلقت) يشعر بالسرعة، والتحرك المباشر، بدون تأخر وتردد.   12- قبيلة أَحْمَس قبيلة عربية من قبائل بَجِيلة.
وأحْمَس هو ابن الغوث بن أَنْمَار [5]   13- قوله: (كأنها جمل أجوف) أي: صارت كالجمل الخالي الجوف.
(أو أجرب) كناية عن نزع زينتها، وإذهاب بهجتها، أو عن جمل مطلي بالقطران من جربه.
إشارة إلى ما حصل لها من سواد بسبب الاحتراق.
[6]   14- قوله: (هاديا) أي: لغيره.
(مَهْدِيا) أي: في نفسه.
[7]   15- النِّكايةِ بآثار الباطِل، والمبالغة في إزالته.
[8]   16- فيه معجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلم حيث دعا لجرير رضي الله عنه بأن يثبت على الخيل، فما أصابه بعدُ سقوط ولا ميل.   17- فضيلة ومنقبة عظيمة لجرير بن عبدالله رضي الله عنه.
18- منقبة وفضيلة لقبيلة أحمس، حيث دعا النَّبي صلى الله عليه وسلم لخيلها ورجالها خمس مرّات.
[9]   19- فضيلة ركوب الخيل، والثبوت عليها.   20- جواز توجيه القائد غيره لتنفيذ بعض المهمّات.   21- قبول خبر الواحد، من قوله: (فقال رسول جرير).   22- تشبيه بليغ، ووصف بديع: شبه جرير رضي الله عنه هذه الخلصة بعد حرقها حين ذهب سقفها وكسوتها وأعالي جدرانها، بالجمل الذي زال شعره ونفض جلده من الجرب وأصبح هزيلاً.   23- أوتر النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه لقبيلة أحمس خمس مرات، فهو صلى الله عليه وسلم يحب الوتر في أموره كلّها.
[10]   24- أن يكون من يرسل لمهمة، وتنفيذها فاهما، وعاقلا، يُدرك ما يقوم به.   25- قام الصحابي رضي الله عنه ومن معه رضي الله عنهم بالمهمّة خير قيام، وأحسنه.
26- بلاغة الصحابي رضي الله عنه.
27- أهميّة الدعاء.   28- بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وبركة يده الشريفة.   29- أهميّة الهداية في حياة المسلم.   30- الهداية نوعان: هداية إلهام وتوفيق، وهي من الله، وهداية دلالة وإرشاد وهي من الإنسان.
والمطلوب من الإنسان هو النوع الثاني.
قال سبحانه: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272][11]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56][12].   31- جواز الحَلِف بـ (والذي بعثك بالحق).


[1] صحيح البخاري 4/ 62 رقم 3020.
صحيح مسلم 4/ 1925 رقم 2476. [2] شرح المصابيح لابن مَلَك 6/ 328. [3] الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري للكوراني 6/ 44. [4] المرجع السابق 6/ 78. [5] تاج العروس للزبيدي 15/ 559. [6] منحة الباري بشرح صحيح البخاري لزكريا الأنصاري 6/ 135. [7] المرجع السابق 6/ 144. [8] اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح للبِرْماوي 9/ 63. [9] من 17-19 مستفاد من مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه لمحمد بن علي الإتيوبي 3/ 233-235. [10] من 19-23 مستفاد من التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن 18/ 204-206. [11] سورة البقرة آية 272. [12] سورة القصص آية 56.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١