أرشيف المقالات

حافظ على نضارتك: شرح حديث ((نضر الله امرا...))

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2حافظ على نضارتك
شرح حديث ((نَضَّر الله امرًا....))

عن عبدالله بن مسعود، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((نضَّرَ اللَّهُ امْرًا سَمِعَ مِنَّا حَديثًا فبلَّغَهُ، فرُبَّ مُبلَّغٍ أَحفَظُ مِن سامِعٍ))؛ صحيح ابن ماجه.

وورد للحديث أكثرُ من رواية منها:
- عن زيد بن ثابت قال رسول الله: ((نضَّرَ اللهُ امْرًا سَمِعَ مِنِّي حديثًا، فحَفِظَه حتى بلَّغَه غيرَه، فرُبَّ حاملِ فقهٍ إلى أفْقَهَ منه، ورُبَّ حاملِ فِقْهٍ ليس بفقيهٍ))؛ إسناده صحيح.

في ظلِّ ركض الكثير من النساء والرجال أيضًا وراء صيحات التجميل والتفتيح والتقشير الطبيعي والكيميائي للوصول إلى بشرة نقيَّة صافية خالية من العيوب والبُقَع؛ بحثًا عن سبب لزيادة تقديرهم لأنفسهم الخاوية من الداخل، ورغبة في رفع ثقتهم بأنفسهم وطلبًا لجمال كجمال صور الفلاتر والفوتوشوب التي تغيض بها مواقع التواصل الاجتماعي والتي تشعرهم بالنقص الدائم مهما فعلوا؛ نقرأ هذا الحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخبرنا عن النضارة الحقيقية؛ نضرة الوجه بنور الإيمان واليقين.

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22] في تفسير السعدي: (أي: حسنة بهيَّة، لها رونق ونور، مما هم فيه من نعيم القلوب، وبهجة النفوس، ولذَّة الأرواح)، فنتيقَّن أن النضارة الحقيقية هي النضارة الدائمة في الآخرة التي لا تتأثر بشيخوخة ولا مرض ولا تجاعيد، نضارة ثابتة للمؤمنين؛ لأنهم سيرون ربَّهم؛ فإذا بنا نشتاق إلى تلك النضارة والحسن الظاهر والباطن، ونُحاوُل تلمُّس أسبابها، فإذا بحبيبنا يدلنا عليها وعلى أسبابها السهلة المُيسَّرة، تسمع حديثًا لرسول الله وتتأكَّد من صحته ثم تعيه وتتعلَّمه وحبذا لو حفظته ثم تنقله وتُعلِّمه غيرك، ولو لشخص واحد؛ فبذلك تكون حقَّقْت أسباب هذه النضارة الحقيقية نضارة الوجه ونضارة النفس بأبسط الأسباب.

الأمر بسيط للغاية تَعلَّم حديثًا واحدًا، هل تعجز عن تعلُّم حديث واحد، وليكن من أقصر الأحاديث، ثم تُعلِّمه لابنك أو ابنتك أو أخيك أو أختك؟

لا يُشتَرط أن تكون عالمًا أو داعيةً كبيرًا مُفوَّهًا ترتاد المنابر وتُلقي الخُطَب الوعظية.

لا يُشترَط أن تكون حافظًا لجميع القرآن أو حافظًا للكتب الستة، لا لا، الأمر كما ذكرت لك في منتهى السهولة واليُسْر، فهل ستُفرِّط في هذا الفضل العظيم والثواب الجزيل؟! هل ستُفرِّط في هذه النضارة والحسن والجمال؟! هل ستُفرِّط في دعاء الرسول لك بالنضارة؟!

ربما يكون مَنْ عَلَّمْته استفاد من الحديث وعمل به وطبَّقَه أكثر منك فتكون بذلك نلت ثوابًا جزيلًا في نصحه وإرشاده إلى الصواب.

وقد يكون أعلم منك وأفْقَه منك فيستنبط منها الكثير من الدروس والعِبَر التي لا تتفطَّن أنت لها، وينقلها لغيره أيضًا فيتضاعف أجْرُك.

هلا استشعرت أنك بذلك تكون من ورثة الأنبياء؟ هلا استشعرت أصوات المخلوقات حتى النمل والحيتان وهي تستغفر لك؟ هلا تيقَّنْت أنك ستكون أجيرًا عند الله بذلك؟ هلا أدركت بقلبك أن بذلك تكون من أحسن الناس قولًا؟ ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]؟

هلا علمت بأنك بذلك تُحقِّق خيرية هذه الأمة ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]؟

هلا أدركت أنك تكون من أهل هذا الحديث ((بَلِّغُوا عني ولو آية))؟ هلا استشعرت كل هذه الفضائل لهذا العمل البسيط؟ فلا تُفرِّط في هذا الأجر العظيم وحافظ على نضارتك.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢