الفسق وأثره في هلاك الأمة
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
2الفسق وأثره في هلاك الأمةقال الله تعالى: ﴿ وَإذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16].
1- ﴿ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ﴾ بطاعة الله وتوحيده وتصديق رسله واتباعهم فيما جاءوا به.
﴿ فَفَسَقُوا ﴾ أي خرجوا عن طاعة أمر ربهم وعصوه وكذبوا رسله:
﴿ فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ ﴾ أي وجب عليها الوعيد.
﴿ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ أي أهلكناهم إهلاكًا مستأصلًا.
وهذا القول الذي هو الحق تشهد له آيات كثيرة كقوله تعالى:
﴿ وَإذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ..
﴾ الآية [الأعراف: 28].
فتصريحه جل وعلا بأنه لا يأمر بالفحشاء دليل واضح على أن قوله:
﴿ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ﴾ أي أمرناهم بالطاعة فعصوا.
وليس المعنى أمرناهم بالفسق ففسقوا، لأن الله لا يأمر بالفحشاء.
وهذا القول الصحيح في الآية جارٍ على الأسلوب العربي المألوف من قولهم: أمرته فعصاني: أي أمرته بالطاعة فعصى، وليس المعنى أمرته بالعصيان كما لا يخفى.
2- ﴿ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ﴾: أي أكثرنا جبابرتها وأُمراءها، قاله الكسائي.
[انظر أضواء البيان للشنقيطي 3/ 441].
3- ﴿ أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ﴾ يقول: سلطنا أشرارها فعصَوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكهم الله بالعذاب، وهو كقوله: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا ﴾ [الأنعام: 123].
قاله علي بن طلحة عن ابن عباس، وهو قول أبي العالية ومجاهد والربيع بن أنس.
4 - ﴿ وَإذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ﴾ أكثرنا عددهم.
قاله العوفي عن ابن عباس.
[انظر تفسير ابن كثير ج 3/ 33].
من فوائد الآية:
1- أن غير المترفين تبع لهم، فهلكوا معهم.
2- أن الهلاك يعم الجميع: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25].
ولما سئل الرسول عنه: (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبَث).
[الخبث: المعاصي والفسق والفجور]..
[رواه البخاري].
أما إذا كان في البلد مصلحون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فلن يهلكوا.
قال الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117]..
[لأن المصلحين يريدون إصلاح الناس بخلاف الصالحين]..
3- عدالة الله في إهلاك الأمم، وأنها لا تهلك إلا بعد الإنذار بالرسل لقول الله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 15].
4- التحذير من الترف، فإنه يؤدي إلى الفسق بترك الطاعة، ثم يؤدي إلى الهلاك والدمار.
5- تقرير عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر والعدالة الإلهية.