أرشيف المقالات

قول عمر بن الخطاب في الحجر الأسود: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2قول عمر بن الخطاب في الحجر الأسود: "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع"   عن عمر - رضي الله عنه - أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبَّله، وقال: "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُقبلك ما قبَّلتك".   ♦ قوله: (جاء إلى الحجر الأسود فقبَّله)، وفي رواية: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال للركن: "أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم استلمك ما استلمتك"؛ فاستَلمه.   وفي حديث ابن عمر: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبِّله"، ولابن المنذر عن نافع: رأيت ابن عمر استلم الحجر وقبَّل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.   ♦ قال الحافظ: (ويستفاد منه الجمع بين الاستلام والتقبيل، بخلاف الركن اليماني، فيستلمه فقط والاستلام: المسح باليد والتقبيل بالفم، وروى الشافعي من وجه آخر عن ابن عمر قال: استقبل النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه طويلًا؛ الحديث، واختص الحجر الأسود بذلك لاجتماع الفضيلتين له)[1]؛ انتهى.   وعن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا عمر، إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر، فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبِله وهلِّل وكبِّر"؛ رواه أحمد.   ♦ قوله: (أني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّلك ما قبَّلتك).   ♦ قال الطبري: إنما قال ذلك عمر؛ لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام، فخشي عمر أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب التعظيم لهذه الأحجار، كما كانت العرب تفعل في الجاهلية، فأراد عمر أن يعلم الناس أن استلامه اتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لا لأن الحجر ينفع ويضر بذاته، كما كان الجاهلية تعتقده في الأوثان؛ انتهى.   وعن ابن عباس مرفوعًا: إن لهذا الحجر لسانًا وشفتين، يشهدان لمن استلمه يوم القيامة بحق؛ رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، وصحَّحه ابن حبان والحاكم.   ♦ قال الحافظ: وفي قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدين وحُسن الاتباع فيما لا يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة، وفيه دفع ما وقع لبعض الجهال أن في الحجر الأسود خاصية ترجع إلى ذاته، وفيه بيان السنن بالقول والفعل، وأن الإمام إذا خشي على أحد مِن فعله فساد اعتقادٍ أن يبادر إلى بيان الأمر، ويوضِّح ذلك.   قال شيخنا في شرح الترمذي: فيه كراهة تقبيل ما لم يورد الشرع بتقبيله.   وأما قول الشافعي: ومهما قبَّل من البيت فحسن، فلم يرد به الاستحباب؛ لأن المباح من جملة الحسن عند الأصوليين[2]؛ انتهى، والله أعلم.  

[1] فتح الباري: (3/ 475). [2] فتح الباري: (3/ 462).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١