الشورى في الإسلام
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
2الشورى في الإسلاملم يكُنْ يحتاجُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مشورةً مِن أَحَدٍ؛ فهو النبيُّ الذي يَنزِلُ عليه الوحيُ، ويُخبِره بما يجب فِعله وتركه.
لكنَّ الله عز وجل - مِن علو منزلةِ الشورى في الإسلام - يأمُر نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يشاورَ أصحابه بما يفعل؛ قال تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].
• ونجدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في عِدَّةِ مواقفَ يُشاوِرُ فيها أصحابَه؛ ومنها:
أ- شورى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه في معركة بدر:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: "إن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم شاورَ حين بلغَه إقبالُ أبي سفيانَ، قال: فتكلَّم أبو بكرٍ فأعرض عنه، ثم تكلم عمرُ فأعرض عنه، فقام سعدُ بنُ عبادة، فقال: إيَّانا تريدُ يا رسولَ اللهِ؟ والذي نفسي بيدِه، لو أمرتَنا أن نُخيضَها البحرَ لأَخَضْناها، ولو أمرتَنا أن نضربَ أكبادها إلى بركِ الغمادِ لَفَعَلْنا، قال: فنَدَبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الناسَ، فانطلقوا حتى نزلوا بدرًا"؛ صحيح مسلم 1779.
ب - شورى رسول الله لأصحابه في أسرى بَدْر:
عن عبدالله بن عُمر رضي الله عنه، قال: "استشار رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الأُسَارى أبا بكرٍ، فقال: قومُك وعشيرتُك، فخلِّ سبيلَهم، فاستشار عمرَ، فقال: اقتُلْهم، قال: ففداهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فأنزل اللهُ عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ...
﴾ [الأنفال: 67]، قال: فلقِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمرَ، قال: كاد أن يصيبَنا في خلافِك بلاءٌ"؛ [إرواء الغليل للألباني 5 /46].
ج - شورى رسول الله لأصحابه في حادثة الإفك:
عن عائشة رضي الله عنها قالتْ: "دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالبٍ وأسامةَ بنَ زيدٍ، حين استَلبَثَ الوحيُ، يسأَلُهما ويستشيرهما في فِراق أهلِه، قالت: فأمَّا أسامةُ فأشارَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالذي يَعْلَمُ مِن براءةِ أهلِه، وبالذي يعلم لهم في نفسِه، فقال أسامة: أَهْلُكَ، ولا نعلمُ إلا خيرًا، وأما عليٌّ فقال: يا رسولَ اللهِ، لم يُضَيِّقِ اللهُ عليك، والنساءُ سِواها كثيرٌ، وسلِ الجاريةَ تَصْدُقْك"؛ [صحيح البخاري 4141].
• ولم يكُنْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أولَ مَن شاور من الأنبياء؛ فقد شاور إبراهيم عليه السلام ابنَه إسماعيل؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ [الصافات: 102].
• والشورى مِن خِصال المؤمنين؛ قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [الشورى: 38].
وقال الحسَن البصري عن الشورى: ما شاوَر قومٌ قط إلا هُدُوا لأرشَدِ أمورهم؛ (تفسير الطبري؛ جـ 7 صـ 344).