أرشيف المقالات

أربعون كلمة دعوية
(بطريقة مختصرة عصرية)
الكلمة الرابعة
تذكر من أنت!
 
هذا يزيد بن عبدالملك الخليفة الأموي قيل كان سبب وفاته، أنه كان يحب جارية عنده اسمها "حبّابة" فطلب أن يخلو بها ويجلس معها لوحدهما في قصره ولا يعكر عليه أحد ذلك المجلس، وكان بينهما صحن عنب فأخذ يلعب معها فيقذف بالواحدة تلو الأخرى في فمها فإذا بواحدة تعلق في حلقها فتغص بها فماتت للحظتها وسقطت جثة هامدة، فحزن عليها حزنًا عظيمًا، حتى إنه أبقاها عنده أيامًا حتى أنتنت وجيفت، ثم بعد ذلك أمر بدفنها، ومات هو بعدها بأيام وعمره 33 سنة.
 
إذن أيها الإخوة؛ الإنسان مخلوق ضعيف وذليل؛ إلا مَن رفعه الله وأعزه، يمرضه الذباب والبعوض، ويؤذيه حر الصيف وبرد الشتاء، وتميته الشرقة، ويصرخ ويتالم من الشوكة.
 
﴿ يا أَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ * ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِيۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾[1].
قال بعض أهل التفسير[2]: الله قادر على أن يجعل صورتك على هيئة حمار أو كلب أو خنزير أو قرد، ولكن الله بفضله ورحمته، خلقك في أحسن تقويم.
 
سليمان بن عبدالملك الخليفة الأموي، وقف أمام المرآة وقد تزين، ولبس أبهى حلة، نظر إلى شكله في المرآة فأعجبه شكله وغرّه شبابه، فقال: لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا، وأبو بكر صديقًا وعمر فاروقًا وعدد الخلفاء حتى قال: وأنا سليمان بن عبدالملك الملك الشاب، فمرض بعدها ثلاثة أيام ومات، ولم يبلغ الأربعين.
 
وأخيرًا:
يذكر أهل السير أن رجلاً اسمه أحمد بن الريوندي: أنه أُعطي ذكاءً ولم يعط زكاءً، كان يجلس على الشاطئ ويغط كسرة خبز على الماء ويأكلها وينظر إلى السماء ويقول: يا رب تعطي آل فلان مالاً وأنا ابن الريوندي آكل كسرة خبز ﴿ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ﴾[3] أي جائرة وظالمة وحاشا لله ذلك.
 
ألَّف كتابًا سماه "الدامغ" ليدمغ القرآن بزعمه فدمغه الله بالأمراض حتى مات وهو يخور كما يخور الثور[4].
 
اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، وآمن روعاتنا، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، برحمتك يا أرحم الراحمين.



[1] سورة الانفطار، الآيات (6 - 8).


[2] انظر تفسير القرآن لابن كثير.4 /514.


[3] سورة النجم، آية (22).


[4] انظر ترجمته: في سير أعلام النبلاء 14 /59، وفيات الأعيان لابن خلكان 1 /94.