أرشيف المقالات

رؤى في عيد الحب

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2رُؤى في عيد الحب
 
ليس للحُب في الإسلام عيدٌ يحتفل به أو فيه؛ لأن الإسلام في فحواه ما هو رسالة حُب أرسلها الله تعالى وأنزلها لعباده يحيون ويتراحمون بها.
 
فالحب في الإسلام بمثابة رُوح يعيش بها الإنسان في كل وقت تجعله أكثر رحمة ومحبة وعفوًا وتسامحًا وشفقة ومسؤولية ورعاية للأهل والضعفاء والفقراء والمساكين.
 
والحب في الإسلام لا خجل منه، فالحب يحمله الأب والأم والابن والابنة والجد والجدة والزوج والزوجة والأقارب والأرحام والأصدقاء.
 
والحب في الإسلام يتكلم عنه القرآن الكريم وسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، دون خجلٍ أو ارتياب، في أبهى الصور وأكملها وأعظمها.
 
وإننا في الإسلام نتعلم الحب من محبة الله عز وجل لعباده ومخلوقاته في أرضه وسمائه.
فإذا بالكون كله من حولنا يسبح بحمد الله تعالى، وفي نعمه وآلائه يتقلب؛ وذلك من عموم محبة الله تعالى لخلقه.
 
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي، تبتغي، إذا وجدت صبيًا في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟» قلنا: لا، والله وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها».
 
وعن سلمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة».

وإذا نظرنا إلى التشريع الإسلام في جميع جوانبه نجده يصنع المحبة ويحث عليها، ويوجدها ويحافظ عليها، داخل الأسرة وفي المجتمع، وفي الحياة بأسرها.
 
وإننا نتعلم في الإسلام الحب أيضًا: من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا.
نتعلم منه الحب أبًا وزوجًا ومعلمًا وداعيةً وقائدًا وجارًا ومحبًا لأهله وأقاربه وأصحابه.
 
ومن مبادئ الحب في حياته صلى الله عليه وسلم:
ما وصفته به زوجه السيدة خديجة رضي الله عنه إذ قالت: «كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق».

ومن مبادئ الحب في حياته صلى الله عليه وسلم: الرحمة:
قال صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».

ومن مبادئ الحب في حياته صلى الله عليه وسلم: العفو:
قال لأهل مكة الذين آذوه وقتلوا أصحابه وأخرجوه من وطنه، وفعلوا به ما فعلوا: «ما ترون أني صانع بكم؟» قالوا: خيرًا، أخٌ كريم، وابن أخٍ كريم قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

وقال لهم: «فإني أقول كما قال أخي يوسف: ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92]».
 
ومن مبادئ الحب في حياته صلى الله عليه وسلم: رعاية الضعفاء:
قال صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئًا.
وقال صلى الله عليه وسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر».
والإسلام يوجب علينا أن نتعامل بالحب، فإذا بالكلمة الطيبة فيه مغلفة بالحب، وإذا بالعمل الصالح محشوًّا حبًّا ورفقًا ونصحًا.
 
ففي الإسلام نعيش الحب في كل قولٍ أو عملٍ أو حالٍ، في كل وقت، عبادةً وعملاً صالحًا وطاعةً لله تعالى.
 
فما قيمة أن تظل طوال العام عاقًّا لأمك ثم تكرمها وتبرها يومًا واحدًا في العام، فأي عيدٍ كاذبٍ هذا؟!
ما قيمة أن تحتفل بالحب يومًا في العام، وطوال الشهور والأيام يسيء الزوج عشرة الزوجة، أو الزوجة تسيء عشرة زوجها؟!
ما قيمة أن نحتفل بالحب وهو كلام كاذب أجوف، ما قيل إلا تبريرًا لفعل ما يغضب الله تعالى؟!
ما قيمة أن تحتفل بالحب يومًا وأنت طوال العام تظلم أو تسرق أو تكذب أو تسيء معاملة الآخرين؟!
 
وهذا ليس معناه أن الإسلام ينكر الحب أو يعاديه، كلا، إن العالم الغربي يحتفل في يومٍ من أيام العام ويعتبره عيد للحب.
 
والإسلام يحتفل بالحب في كل كلمة وعمل ونظرة وابتسامة وصلة في كل لحظة في حياة الإنسان.
فالبون شاسع، والمقارنة لا وجه لها، وتقليد الغرب فسادٌ وإفساد.

شارك الخبر

المرئيات-١