Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
هو الصوفي الاتحادي عثمان الدكاكي الدمشقي, خالط الصوفية ودعاة وحدة الوجود، فتأثر بهم حتى ادعى الألوهية وانتقص من الأنبياء, فعقد له مجلس في دار العدل بدار السعادة في يوم الثلاثاء آخر شهر شوال واجتمع القضاة والأعيان على العادة وأحضر يومئذ عثمان الدكاكي، وادعي عليه بعظائم من القول لم يؤثر مثلها عن الحلاج ولا عن ابن أبي الغدافر السلقماني، وقامت عليه البينة بدعوى الإلهية- لعنه الله- وأشياء أخر من التنقيص بالأنبياء ومخالطته أرباب الريب من الباجريقية وغيرهم من الاتحادية- عليهم لعائن الله- ووقع منه في مجلس من إساءة الأدب على القاضي الحنبلي، وتضمن ذلك تكفيره من المالكية أيضا، فادعى أن له دوافع وقوادح في بعض الشهود، فرد إلى السجن مقيدا مغلولا مقبوحا، ثم لما كان يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي القعدة أحضر عثمان الدكاكي إلى دار السعادة وأقيم بين يدي الأمراء والقضاة وسئل عن القوادح في الشهود فعجز فلم يقدر، وعجز عن ذلك فتوجه عليه الحكم، فسئل القاضي المالكي الحكم عليه، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله، ثم حكم بإراقة دمه وإن تاب، فأخذ الدكاكي فضربت رقبته بدمشق بسوق الخيل، ونودي عليه: هذا جزاء من يكون على مذهب الاتحادية، وكان يوما مشهودا بدار السعادة، حضر خلق من الأعيان والمشايخ.
كتب السلطان الناصر بتجهيز عساكر دمشق وحلب وغيرهما للتجريدة إلى توريز، صحبة الأمير طشتمر نائب حلب، ويكون معه عامة أمراء التركمان والعربان، فتجهز الأمراء والأجناد بمماليك الشام، وبرز نائب حلب بمخيمه إلى ظاهر المدينة وأقام ينتظر قدوم عساكر مصر، فأصبح السلطان في مستهل ذي الحجة وبه وعك من قرف حدث عنه إسهال لزم منه الفراش خمسة أيام، فتصدق بمال جزيل، وأفرج عن المسجونين بسجن القضاة والولاة بالقاهرة ومصر وسائر الأعمال، ثم قدم إدريس القاصد بصحبة مملوك صاحب ماردين بكتابه يتضمن أن أولاد دمرداش بن جوبان بن تلك المغولي لما بلغهم طلب الشيخ حسن الكبير بن أقبغا أيلخان سبط أرغون المغولي وطغاي بن سونتاي المغولي من السلطان أن يجهز لهم عسكرا ليأخذ البلاد، وأنهما حلفا له وحلفا أهل البلاد وخطبا باسمه على منابر بغداد والموصل، وركبوا إلى محاربتهما، فطلب منهم الشيخ حسن الكبير الصلح، وحلف لهم وسار إليها طائعا، فأكرموه وكتبوا لطغاي بن سونتاي أمانا، واتفقوا على أن يعدوا الفرات إلى الشام، وأشار صاحب ماردين ألا تخرج التجريدة إلى توريز؛ فإنه ليس لسيرها فائدة، فتفرقت الأجناد من القلعة بغير عرض، وبعث السلطان من ليلته بجواب صاحب ماردين، واقتضى رأيه أن يكشف عما ذكره، فإن برهشين بن طغاي اتهمه في ذلك، ثم قدم البريد من حلب بصحة الخبر بصلح الشيخ حسن الكبير وطغاي مع أولاد دمرداش، فانزعج السلطان لذلك انزعاجا شديدا، واضطرب مزاجه.
هو السلطان الملك الناصر، ناصر الدين أبو الفتح محمد ابن السلطان الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون، ولد الملك الناصر سنة 684، وكان قد أقيم الناصر في السلطنة بعد أخيه الملك الأشرف خليل سنة 693، وعمره تسع سنين ثم خلع في سادس عشر المحرم سنة أربع وتسعين، وأرسل إلى الكرك, ثم أعيد إلى الملك ثانيا وعمره خمس عشرة سنة، فأقام في الملك إلى سنة 708، وخرج يريد الحج، فتوجه إلى الكرك متبرما من سلار وبيبرس الجاشنكير أستاذ الدار وحجرهما عليه ومنعهما له من التصرف، فأعرض الناصر عن مصر، فوثب الجاشنكير على السلطنة وتسلطن، ثم اضطربت أموره، وقدم الناصر من الشام إلى مصر، فملك مرة ثالثة في شوال سنة 709 واستبد الناصر من حينئذ بالأمر من غير معارض مدة اثنتين وثلاثين سنة وشهرين وخمسة وعشرين يوما، كانت له فيها سير وأنباء، وكان الناصر أطول ملوك زمانه عمرا وأعظمهم مهابة, ودانت له البلاد وملك الأطراف بالطاعة، لما زاد مرض السلطان بالإسهال وخارت قواه، أشار عليه بعض الأمراء أن يعهد بالملك إلى أحد أولاده، فأجاب إلى ذلك فجعل ابنه أبا بكر سلطانا بعده، وأوصاه بالأمراء، وأوصى الأمراء به، وعهد إليهم ألا يخرجوا ابنه أحمد من الكرك وحذرهم من إقامته سلطانا، وجعل قوصون وبشتاك وصييه، وإليهما تدبير ابنه أبي بكر وحلفهما، ثم حلف السلطان الأمراء والخاصكية، وأكد على ولده في الوصية بالأمراء، وأفرج عن الأمراء المسجونين بالشام، وهم طيبغا حاجي وألجيبغا العادلى وصاروجا، ثم قام الأمراء، فبات السلطان ليلة الثلاثاء، وأصبح وقد تخلت عنه قوته، وأخذ في النزع يوم الأربعاء، فاشتد عليه كرب الموت حتى مات أول ليلة الخميس الحادي عشر من ذي الحجة، وله من العمر سبع وخمسون سنة وأحد عشر شهرا وخمسة أيام, ودفن بالمدرسة المنصورية بين القصرين، أما السلطان الجديد فلقبه الأمراء الأكابر بالملك المنصور، وجلسوا حوله، واتفقوا على إقامة الأمير سيف الدين طقزدمر الحموي- زوج أمه- نائب السلطة بديار مصر، وأن يكون الأمير قوصون مدبر الدولة ورأس المشورة، ويشاركه في الرأي الأمير بشتاك.
هو الملك أزبك خان بن طغرلجا بن منكوتمر بن طغان بن باطو بن دوشي خان بن جنكز خان ملك التتار، وكان أسلم وحسن إسلامه وحرض رعيته على الإسلام، فأسلم بعضهم، ولم يلبس أزبك خان بعد أن أسلم السراقوجات- لباس الرأس عند التتار- وكان يلبس حياصة من فولاذ ويقول: لبس الذهب حرام على الرجال، وكان يميل إلى دين وخير، ويتردد إلى الفقراء، وكان عنده عدل في رعيته، وتزوج الملك الناصر محمد بابنته، وكان أزبك شجاعا كريما مليح الصورة ذا هيبة وحرمة، ومملكته متسعة، وهي من بحر قسطنطيينة إلى نهر إرتش مسيرة ثمانمائة فرسخ، لكن أكثر ذلك قرى ومراعي، ومات أزبك خان بعد أن ملك نحوا من ثلاثين سنة، وولي الملك بعده ابنه: جاني بك خان.
كان السلطان محمد بن قلاوون قبل وفاته أوصى بأن يعاد أحمد بن سليمان للخلافة على ما كان أبوه عهد إليه، وأشهد على ذلك أربعين عدلا وقاضي قوص وغيره من الفقهاء والقضاة، ففي أول هذه السنة أحضر السلطان المنصور بن محمد بن قلاوون الخليفة الواثق إبراهيم وخلعه بناء على وصية المستكفي لابنه أحمد، وبايع القضاة والسلطان أحمد بن سليمان المستكفي ولقبه الحاكم بأمر الله.
هو الشيخ الإمام العلامة الحافظ حجة العصر، ومحدث الشام ومصر وخاتمة الحفاظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي بن عبد الملك بن أبي الزهر القضاعي الكلبي المزي الحلبي المولد، ولد بظاهر حلب في عاشر ربيع الآخر سنة 654، وكان إمام عصره وأحد الحفاظ المشهورين، نشأ بالمزة بالقرب من دمشق, فحفظ القرآن الكريم وعني باللغة وبرع فيها وأتقن النحو والتصريف، ثم طلب الحديث سنة 675، فما ونى وما فتر ولا لها ولا قصر، في الطلب والاجتهاد والرواية, وصنف وأفاد، وكتب الكثير، لما ولي دار الحديث الأشرفي تمذهب للشافعي وأشهد عليه بذلك.
وكان فيه حياء وسكينة، وحلم واحتمال وقناعة، واطراح تكلف وترك التجمل والتودد والانجماع عن الناس وقلة الكلام، إلا أنه يسأل فيجيب ويجيد، وكلما طالت مجالسة الطالب له ظهر له فضله.
وكان لا يتكثر بفضائله، كثير السكوت لا يغتاب أحدا.
وكان معتدل القامة مشربا بحمرة، قوي التركيب متع بحواسه وذهنه.
وكان قنوعا غير متأنق في ملبس أو مأكل، يصعد إلى الصالحية وغيرها ماشيا وهو في عشر التسعين, وأما معرفته بالرجال فإليه تشد الرحال؛ فإنه كان الغاية وحامل الراية.
ولما ولي دار الحديث قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: "لم يل هذه المدرسة من حين بنائها وإلى الآن أحق منه بشرط الواقف، وقد وليها جماعة كبار مثل: ابن الصلاح، ومحيي الدين النواوي، وابن الزبيدي، لأن الواقف قال: فإن اجتمع من فيه الرواية ومن فيه الدراية قدم من فيه الدراية؛ قال الشيخ شمس الدين: لم أر أحفظ منه، ولم ير هو مثل نفسه, ولم يسألني ابن دقيق العيد إلا عنه.
وكان قد اغتر في شبيبته وصحب عفيف الدين التلمساني، فلما تبين له مذهبه هجره وتبرأ منه, ثم قال الشيخ شمس الدين: قرأت بخط الحافظ فتح الدين ابن سيد الناس: ووجدت بدمشق الحافظ المقدم، والإمام الذي فاق من تأخر وتقدم، أبا الحجاج المزي؛ بحر هذا العلم الزاخر، القائل من رآه: كم ترك الأوائل للأواخر، أحفظ الناس للتراجم، وأعلمهم بالرواة من أعارب وأعاجم، لا يخص بمعرفته مصرا دون مصر، ولا ينفرد علمه بأهل عصر دون عصر، معتمدا آثار السلف الصالح، مجتهدا فيما نيط به في حفظ السنة من النصائح، معرضا عن الدنيا وأشباهها، مقبلا على طريقته التي أربى بها على أربابها، لا يبالي بما ناله من الأزل، ولا يخلط جده بشيء من الهزل، وكان بما يصنعه بصيرا، وبتحقيق ما يأتيه جديرا، وهو في اللغة إمام، وله بالقريض إلمام".
من أهم مصنفاته تهذيب الكمال في أسماء الرجال في أربعة عشر مجلدا، كشف به الكتب القديمة في هذا الشأن، وسارت به الركبان، واشتهر في حياته، وهو كتاب نافع جدا ليس له نظير في فنه، وألف كتاب " أطراف الكتب الستة " في تسعة أسفار, وكان سبب موته هو أنه أصابه طاعون فمرض عدة أيام حتى إذا كان يوم السبت من الثاني عشر من صفر توفي بعد صلاة الظهر، فلم يمكن تجهيزه تلك الليلة، فلما كان من الغد يوم الأحد ثالث عشر صفر صبيحة ذلك اليوم، غسل وكفن وصلي عليه بالجامع الأموي، وحضر القضاة والأعيان وخلائق لا يحصون كثرة، وخرج بجنازته من باب النصر فصلوا عليه خارج باب النصر، أمهم عليه القاضي تقي الدين السبكي الشافعي، وهو الذي صلى عليه بالجامع الأموي، ثم ذهب به إلى مقابر الصوفية، فدفن هناك إلى جانب زوجته المرأة الصالحة الحافظة لكتاب الله: عائشة بنت إبراهيم بن صديق، غربي قبر شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية- رحمهم الله أجمعين.
لما تسلطن الملك المنصور أبو بكر، أصبح همه ملذات نفسه، فأصبح هذا شيئا شائعا عنه يعرفه القاصي والداني، حتى أصبح معروفا بالشرب وجلب المغنيات إلى قصره، حتى قال الأمير قوصون الناصري: أهكذا يكون أمر سلطان المسلمين؟! أهكذا كان أبوه يفعل؟! وكانت هذه الكلمة منه سببا في الوحشة التي حصلت بعد ذلك، ثم لما استفحل هذا الأمر من السلطان، قرر الأمراء خلعه وإخراجه وإخوته من القلعة، فتوجه برسبغا في جماعة إلى القلعة، وأخرج المنصور وإخوته، وهو سابع سبعة، ومع كل منهم مملوك صغير وخادم وفرس وبقجة قماش، وأركبهم برسبغا إلى شاطئ النيل، وأنزلهم في الحراقة، وسافر بهم جركتمر بن بهادر إلى قوص، واتفق الأمراء على إقامة كجك بن محمد بن قلاوون، فكانت مدة سلطنة المنصور أبي بكر تسعة وخمسين يوما، ومن حين قلده الخليفة أربعين يوما، ومن الاتفاق العجيب أن الملك الناصر أخرج الخليفة أبا الربيع سليمان وأولاده إلى قوص مرسما عليهم، فقوصص بمثل ذلك!! وأخرج الله أولاده مرسما عليهم إلى قوص على يد أقرب الناس إليه، وهو قوصون مملوكه وثقته ووصيه على أولاده، ثم في يوم الاثنين حادي عشر صفر أقيم الملك الأشرف علاء الدين كجك بن الناصر محمد بن قلاوون سلطانا، ولم يكمل له من العمر خمس سنين، وقيل: كان عمره دون سبع سنين، ولما تم أمره في السلطنة جلس الأمراء وتشاوروا فيمن يقيموه في نيابة السلطنة فرشح الأمير أيدغمش أمير آخور، فامتنع أيدغمش من ذلك، فوقع الاتفاق على الأمير قوصون الناصري، فأجاب وشرط على الأمراء أن يقيم على حاله في الأشرفية من القلعة ولا يخرج منها إلى دار النيابة خارج باب القلة من القلعة، فأجابه الأمراء إلى ذلك، فاستقر من يومه في النيابة، وتصرف في أمور الدولة.
هو الملك الأفضل علاء الدين علي ابن الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل ابن الملك الأفضل علي ابن الملك المظفر محمود ابن الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن الأمير نجم الدين أيوب بن شادي الأيوبي صاحب حماة وابن صاحبها، مات بدمشق، وهو من جملة أمرائها بعدما باشر سلطنة حماة عشرين سنة إلى أن نقله قوصون إلى إمرة الشام؛ وولي نيابة حماة بعده الأمير طقزدمر الحموي، وكانت وفاته في ليلة الثلاثاء حادي عشر ربيع الآخر عن ثلاثين سنة.