Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


وقع في استراباذ فتنة عظيمة بين العلويين ومن يتبعهم من الشيعة وبين الشافعية ومن معهم، وكان سببها أن الإمام محمدا الهروي وصل إلى استراباذ، فعقد مجلس الوعظ، وكان قاضيها أبو نصر سعد بن محمد بن إسماعيل النعيمي شافعي المذهب أيضا فثار العلويين ومن يتبعهم من الشيعة بالشافعية ومن يتبعهم باستراباذ، ووقعت بين الطائفتين فتنة عظيمة انتصر فيها العلويون، فقتل من الشافعية جماعة، وضرب القاضي ونهبت داره ودور من معه، وجرى عليهم من الأمور الشنيعة ما لا حد عليه، فسمع شاه مازندران الخبر فاستعظمه، وأنكر على العلويين فعلهم، وبالغ في الإنكار مع أنه شديد التشيع، وقطع عنهم جرايات كانت لهم، ووضع الجبايات والمصادرات على العامة، فتفرق كثير منهم وعاد القاضي إلى منصبه وسكنت الفتنة.


وفي مدة حصار عبد المؤمن للمهدية أطاعته صفاقس، وكذلك مدينة طرابلس، وجبال نفوسة، وقصور إفريقية وما والاها، وفتح مدينة قابس بالسيف، وسير ابنه أبا محمد عبد الله في جيش ففتح بلادا، ثم إن أهل مدينة قفصة لما رأوا تمكن عبد المؤمن أجمعوا على المبادرة إلى طاعته، وتسليم المدينة إليه.


كان بنو نجاح يحكمون تهامة وكان أميرهم فاتك بن منصور الذي توفي سنة 540هـ وكان ظهر في أيامه المهديون، فهاجموا بإمرة علي بن مهدي بلاد بني نجاح سنة 538هـ غير أنهم هزموا وانسحب علي بن مهدي إلى الجبال، وبعد موت فاتك خلفه فاتك بن محمد بن فاتك، وبقي إلى أواخر هذا العام فكان آخر ملوك بني نجاح ونهاية دولتهم به، ثم أغار علي بن مهدي مرة أخرى على زبيد فاستنجد أهلها ببني الرس وكان إمامهم المتوكل أحمد بن سليمان فأنجدهم ودفع عنهم غارات علي بن مهدي الذي استطاع دخولها سنة 553هـ.


لما ملك الفرنج مدينة المهدية وفعلوا ما فعلوا في زويلة المدينة المجاورة للمهدية من القتل والنهب، هرب منهم جماعة وقصدوا عبد المؤمن صاحب المغرب، وهو بمراكش، يستجيرونه، فلما وصلوا إليه ودخلوا عليه أكرمهم، وأخبروه بما جرى على المسلمين، وأنه ليس من ملوك الإسلام من يقصد سواه، فبدأ بالاستعداد للمسير, فلما كان في صفر سنة554هـ سار عن مراكش، فلم يزل يسير إلى أن وصل إلى مدينة تونس، فلما نازلها أرسل إلى أهلها يدعوهم إلى طاعته، فامتنعوا، فقاتلهم ثم نزلوا يسألونه الأمان فأجابهم إليه.

ثم سار عبد المؤمن منها إلى المهدية والأسطول يحاذيه في البحر، فوصل إليها ثامن عشر رجب سنة 554هـ، وكان حينئذ بالمهدية أولاد ملوك الفرنج وأبطال الفرسان، وقد أخلوا زويلة، فدخل عبد المؤمن زويلة، وامتلأت بالعساكر والسوقة وانضاف إليه من صنهاجة والعرب وأهل البلاد ما يخرج عن الإحصاء، وأقبلوا يقاتلون المهدية مع الأيام، فلا يؤثر فيها لحصانتها وقوة سورها وضيق موقع القتال عليها، فعلم عبد المؤمن أن المهدية لا تفتح بقتال برا ولا بحرا، لأن البحر دائر بأكثرها، فكأنها كف في البحر، وزندها متصل بالبر، وليس لها إلا المطاولة، فتمادى الحصار، وكانت الفرنج  تخرج شجعانهم إلى أطراف العسكر، فتنال منه وتعود سريعا؛ فأمر عبد المؤمن أن يبنى سور من غرب المدينة يمنعهم من الخروج، وأحاط الأسطول بها في البحر، وركب عبد المؤمن في شيني، ومعه الحسن بن علي الذي كان صاحبها، وطاف بها في البحر، فهاله ما رأى من حصانتها، وفي مدة حصاره أطاعته مجموعة من المناطق.

ثم جاء أسطول صاحب صقلية فأرسل إليهم ملك الفرنج يأمرهم بالمجيء إلى المهدية، فلما قارب أسطول صقلية المهدية حطوا شراعهم ليدخلوا الميناء، فخرج إليهم أسطول عبد المؤمن، وركب العسكر جميعه، ووقفوا على جانب البحر، فاستعظم الفرنج ما رأوه من كثرة عساكر الموحدين، ودخل الرعب قلوبهم، فاقتتلوا في البحر، فانهزمت شواني الفرنج، وتبعهم المسلمون، فأخذوا منهم سبع شوان.

ويئس أهل المهدية حينئذ من النجدة، وصبروا على الحصار ستة أشهر، فنزل حينئذ من فرسان الفرنج إلى عبد المؤمن عشرة وكان قوتهم قد فني حتى أكلوا الخيل, وسألوا الأمان لمن فيها من الفرنج على أنفسهم وأموالهم ليخرجوا منها ويعودوا إلى بلادهم، فعرض عليهم الإسلام، ودعاهم إليه فلم يجيبوا، ولم يزالوا يترددون إليه أياما واستعطفوه بالكلام اللين، فأجابهم إلى ذلك، وأمنهم وأعطاهم سفنا فركبوا فيها وساروا، وكان الزمان شتاء، فغرق أكثرهم ولم يصل منهم إلى صقلية إلا النفر اليسير.

ودخل عبد المؤمن المهدية بكرة عاشوراء من المحرم سنة 555هـ، وسماها عبد المؤمن سنة الأخماس، وأقام بالمهدية عشرين يوما، فرتب أحوالها، وأصلح ما انثلم من سورها، ونقل إليها الذخائر من القوات والرجال والعدد، واستعمل عليها أحد أصحابه، وجعل معه الحسن بن علي الذي كان صاحبها، وأمره أن يقتدي برأيه في أفعاله، وأقطع الحسن بها أقطاعا، وأعطاه دورا نفيسة يسكنها، وكذلك فعل بأولاده، ورحل من المهدية أول صفر من السنة إلى بلاد المغرب.


في ثامن ربيع الآخر، كثرت الزيادة في دجلة، وخرق القورج  فوق بغداد -القورج  نهر بين القاطول وبغداد، منه يكون غرق بغداد غالبا- فامتلأت الصحاري وخندق البلد، وأفسد الماء السور وأحدث فيه فتحة يوم السبت تاسع عشر الشهر، فوقع بعض السور عليها فسدها، ثم فتح الماء فتحة أخرى، وأهملوها ظنا أنها تنفس عن السور لئلا يقع، فغلب الماء، وتعذر سده، فغرق قراح ظفر، والأجمة، والمختارة، والمقتدية، ودرب القبار، وخرابة ابن جردة، والريان، وقراح القاضي، وبعض القطيعة، وبعض باب الأزج، وبعض المأمونية، وقراح أبي الشحم، وبعض قراح ابن رزين، وبعض الظفرية، ودب الماء تحت الأرض إلى أماكن، فوقعت وأخذ الناس يعبرون إلى الجانب الغربي، فبلغت المعبرة عدة دنانير، ولم يكن يقدر عليها، ثم نقص الماء، وتهدم السور، وبقي الماء الذي داخل السور يدب في المحال التي لم يركبها الماء، فكثر الخراب، وبقيت المحال لا تعرف إنما هي تلول، فأخذ الناس حدود دورهم بالتخمين، وأما الجانب الغربي فغرقت فيه مقبرة أحمد بن حنبل وغيرها من المقابر، وانخسفت القبور المبنية، وخرج الموتى على رأس الماء، وكذلك المشهد والحربية، وكان أمرا عظيما، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


في صفر سار عبد المؤمن بن علي عن مراكش، يطلب إفريقية، فلم يزل يسير إلى أن وصل إلى مدينة تونس في الرابع والعشرين من جمادى الآخرة، وبها صاحبها أحمد بن خراسان، فلما نازلها أرسل إلى أهلها يدعوهم إلى طاعته، فامتنعوا، فقاتلهم من الغد أشد قتال، فلم يبق إلا أخذها، ودخول الأسطول إليها، فجاءت ريح عاصف منعت الموحدين من دخول البلد، فرجعوا ليباكروا القتال ويملكوه، فلما جن الليل نزل سبعة عشر رجلا من أعيان أهلها إلى عبد المؤمن يسألونه الأمان لأهل بلدهم، فأجابهم إلى الأمان لهم في أنفسهم وأهليهم وأموالهم لمبادرتهم إلى الطاعة، وأما ما عداهم من أهل البلد فيؤمنهم في أنفسهم وأهاليهم، ويقاسمهم على أموالهم وأملاكهم نصفين، وأن يخرج صاحب البلد هو وأهله؛ فاستقر ذلك، وتسلم البلد، وعرض الإسلام على من بها من اليهود والنصارى، فمن أسلم سلم، ومن امتنع قتل، وأقام أهل تونس بها بأجرة تؤخذ عن نصف مساكنهم.