Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


مات في سنة 548هـ رجار ملك صقلية وملك ولده غليالم، وكان فاسد التدبير، فخرج من حكمه عدة من حصون صقلية، فلما كان هذه السنة قوي طمع الناس فيه، فخرج عن طاعته جزيرة جربة وجزيرة قرقنة، وأظهروا الخلاف عليه، وخالف عليه أهل إفريقية، فأول من أظهر الخلاف عليه، من أهل إفريقية، عمر بن أبي الحسين الفرياني بمدينة صفاقس، وكان رجار قد استعمل عليها، لما فتحها، أباه أبا الحسين، وكان من العلماء الصالحين، فأظهر العجز والضعف، فقال أبو الحسين: استعمل ولدي عمر فاستعمله، وأخذه رهينة معه إلى صقلية، فلما وجد عمر هذه الفرصة دعا أهل المدينة إلى الخلاف وقال: يطلع جماعة منكم إلى السور، وجماعة يقصدون مساكن الفرنج والنصارى جميعهم، ويقتلونهم كلهم، فلم تطلع الشمس حتى قتلوا الفرنج عن آخرهم، وكان ذلك أول سنة 551هـ، ثم أتبعه أبو محمد بن مطروح بطرابلس وبعدهما محمد بن رشيد بقابس، وسار عسكر عبد المؤمن إلى بونة فملكها وخرجت جميع إفريقية عن حكم الفرنج ما عدا المهدية وسوسة، وأرسل عمر بن أبي الحسين إلى زويلة، وهي مدينة قريبة إلى المهدية، يحرضهم على الوثوب على من معهم فيها من النصارى، ففعلوا ذلك، وقدم عرب البلاد إلى زويلة، فأعانوا أهلها على من بالمهدية من الفرنج، وقطعوا الميرة عن المهدية.

فلما اتصل الخبر بغليالم ملك صقلية أحضر أبا الحسين وعرفه ما فعل ابنه، فأمر أن يكتب إليه ينهاه عن ذلك، ويأمره بالعود إلى طاعته، ويخوفه عاقبة فعله، فقال: من قدم على هذا لم يرجع بكتاب؛ فأرسل ملك صقلية إليه رسولا يتهدده، ويأمره بترك ما ارتكبه، فلم يمكنه عمر من دخول البلد يومه ذلك، فلما كان الغد خرج أهل البلد جميعهم ومعهم جنازة، والرسول يشاهدهم، فدفنوها وعادوا، وأرسل عمر إلى الرسول يقول له: هذا أبي قد دفنته، وقد جلست للعزاء به، فاصنعوا به ما أردتم، فعاد الرسول إلى غليالم فأخبره بما صنع عمر بن أبي الحسين، فأخذ أباه وصلبه، فلم يزل يذكر الله تعالى حتى مات، وأما أهل زويلة فإنهم كثر جمعهم بالعرب وأهل صفاقس وغيرهم، فحصروا المهدية وضيقوا عليها، وكانت الأقوات بالمهدية قليلة.


لما حصر أهالي أفريقية المهدية سير إليها صاحب صقلية عشرين شينيا –سفن كبيرة- فيها الرجال والطعام والسلاح، فدخلوا البلد، وأرسلوا إلى العرب وبذلوا لهم مالا لينهزموا، وخرجوا من الغد، فاقتتلوا هم وأهل زويلة، فانهزمت العرب، وبقي أهل زويلة وأهل صفاقس يقاتلون الفرنج بظاهر البلد، وأحاط بهم الفرنج، فانهزم أهل صفاقس وركبوا في البحر فنجوا، وبقي أهل زويلة، فحمل عليهم الفرنج فانهزموا إلى زويلة، فوجدوا أبوابها مغلقة فقاتلوا تحت السور، وصبروا حتى قتل أكثرهم ولم ينج إلا القليل فتفرقوا، ومضى بعضهم إلى عبد المؤمن، فلما قتلوا هرب من بها من الحرم والصبيان والشيوخ في البر، ولم يعرجوا على شيء من أموالهم، ودخل الفرنج زويلة وقتلوا من وجدوا فيها من النساء والأطفال، ونهبوا الأموال، واستقر الفرنج بالمهدية إلى أن أخذها عبد المؤمن منهم.


أرسل السلطان محمد بن محمود بن ملكشاه إلى الخليفة المقتفي يطلب منه أن يخطب له في بغداد، فلم يجبه إلى ذلك، فسار من همذان إلى بغداد ليحاصرها، فانجفل الناس وحصن الخليفة البلد، وجاء السلطان محمد فحصر بغداد، ووقف تجاه التاج من دار الخلافة في جحفل عظيم، ورموا نحوه النشاب، وقاتلت العامة مع الخليفة قتالا شديدا بالنفط وغيره، واستمر القتال مدة، فبينما هم كذلك إذ جاءه الخبر أن أخاه قد خلفه في همذان، فانشمر عن بغداد إليها، في ربيع الأول من سنة اثنتين وخمسين، وتفرقت عنه العساكر الذين كانوا معه في البلاد، وأصاب الناس بعد ذلك القتال مرض شديد، وموت ذريع، واحترقت محال كثيرة من بغداد، واستمر ذلك فيها مدة شهرين.


جمع نور الدين بن محمود صاحب الشام، العساكر بحلب، وسار إلى قلعة حارم، وهي للفرنج غربي حلب،  فحصرها وجد في قتالها، فامتنعت عليه بحصانتها، وكثرة من بها من فرسان الفرنج ورجالتهم، فلما علم الفرنج ذلك جمعوا فارسهم وراجلهم من سائر البلاد، وحشدوا، واستعدوا، وساروا نحوها ليرحلوه عنها، فلما قاربوه طلب منهم المصاف، فلم يجيبوه إليه، وراسلوه، وتلطفوا الحال معه، فلما رأى أنه لا يمكنه أخذ الحصن، ولا يجيبونه إلى المصاف، وكان بالحصن شيطان من شياطينهم يعرفون عقله ويرجعون إلى رأيه، فأرسل إليهم يقول: إننا نقدر على حفظ القلعة، وليس بنا ضعف، فلا تخاطروا أنتم باللقاء، فإنه إن هزمكم أخذها وغيرها، والرأي مطاولته؛ فأرسلوا إليه وصالحوه على أن يعطوه نصف أعمال حارم، فاصطلحوا على ذلك، ورحل عنهم.