Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
هو السلطان ركن الدولة بركيارق بن السلطان ملكشاه بن السلطان ألب أرسلان بن داود بن سلجوق بن دقماق السلجوقي أبو المظفر، كانت سلطنته اثنتي عشرة سنة وأربعة أشهر، جرت له خطوب طويلة وحروب هائلة، خطب له ببغداد ست مرات, فقاسى من الحروب واختلاف الأمور عليه ما لم يقاسه أحد، واختلفت به الأحوال بين رخاء وشدة، وملك وزواله، وأشرف في عدة نوب بعد إسلام النعمة على ذهاب المهجة, ولم يهزم في حروبه غير مرة واحدة، وكان أمراؤه قد طمعوا فيه للاختلاف الواقع بينه وبين أخيه محمد، حتى إنهم كانوا يطلبون نوابه ليقتلوهم، فلا يمكنه الدفع عنهم، وكان متى خطب له ببغداد وقع الغلاء، ووقفت المعايش والمكاسب، وكان أهلها مع ذلك يحبونه، ويختارون سلطانه, وكان حليما كريما، صبورا عاقلا كثير المداراة، حسن القدرة، لا يبالغ في العقوبة، وكان عفوه أكثر من عقوبته.
ولما قوي أمره هذه السنة وأطاعه المخالفون وانقادوا له؛ أدركته منيته.
كان قد مرض بأصبهان بالسل والبواسير، فسار منها في محفة طالبا بغداد، فلما وصل إلى بروجرد ضعف عن الحركة، فأقام بها أربعين يوما، فاشتد مرضه، فلما أيس من نفسه خلع على ولده ملكشاه، وعمره حينئذ أربع سنين وثمانية أشهر، وخلع على الأمير إياز، وأحضر جماعة من الأمراء، وأعلمهم أنه قد جعل ابنه ولي عهده في السلطنة، وجعل الأمير إياز أتابكه -الأمير الوالد- وأمرهم بالطاعة لهما، ومساعدتهما على حفظ السلطنة لولده، والذب عنها، فأجابوا كلهم بالسمع والطاعة لهما، وبذل النفوس والأموال في حفظ ولده وسلطنته عليه، واستحلفهم على ذلك، فحلفوا، وأمرهم بالمسير إلى بغداد فساروا، فلما كانوا على اثني عشر فرسخا من بروجرد وصلهم خبر وفاته، فلما سمع الأمير إياز بموته أمر وزيره الخطير المبيذي وغيره بأن يسيروا مع تابوته إلى أصبهان، فحمل إليها ودفن فيها، مات بركيارق عن عمر أربع وعشرين سنة وشهور.
ثم خطب لملكشاه بن بركيارق ببغداد في جمادى الأولى، فلم يتم أمره، عدا عليه عمه محمد الذي كان ينازع أخاه بركيارق، فانتزع السلطنة وقتل الوصي إياز.
كانت وقعة بين طنكري الفرنجي، صاحب أنطاكية، وبين الملك رضوان، صاحب حلب، انهزم فيها رضوان وسببها أن طنكري حصر حصن أرتاح، وبه نائب الملك رضوان، فضيق الفرنج على المسلمين، فأرسل النائب بالحصن إلى رضوان يعرفه ما هو فيه من الحصر الذي أضعف نفسه، ويطلب النجدة، فسار رضوان في عسكر كثير من الخيالة، وسبعة آلاف من الرجالة، منهم ثلاثة آلاف من المتطوعة، فساروا حتى وصلوا إلى قنسرين، وبينهم وبين الفرنج قليل، فلما رأى طنكري كثرة المسلمين أرسل إلى رضوان يطلب الصلح، فأراد أن يجيب فمنعه أصبهبذ صباوة، وكان قد قصده وصار معه بعد قتل إياز، فامتنع من الصلح واصطفوا للحرب، فانهزمت الفرنج من غير قتال، ثم قال الفرنج: نعود ونحمل عليهم حملة واحدة، فإن كانت لنا، وإلا انهزمنا، فحملوا على المسلمين فلم يثبتوا وانهزموا، وقتل من المسلمين وأسر الكثير، وأما الرجالة فإنهم كانوا قد دخلوا معسكر الفرنج لما انهزموا، فاشتغلوا بالنهب، فقتلهم الفرنج، ولم ينج إلا الشريد فأخذ أسيرا، وهرب من في أرتاح إلى حلب، وملكه الفرنج، وهرب أصبهبذ صباوة إلى طغتكين أتابك بدمشق، فصار معه ومن أصحابه.
كانت وقعة بين الفرنج والمسلمين كانوا فيها على السواء، وسببها أن أمير الجيوش الأفضل، وزير صاحب مصر، كان قد سير ولده شرف المعالي في السنة الماضية إلى الفرنج فقهرهم وأخذ الرملة منهم، ثم اختلف المصريون والعرب وادعى كل واحد منهما أن الفتح له، فأتتهم سرية الفرنج فتقاعد كل فريق منهما بالآخر، حتى كاد الفرنج يظهرون عليهم، فرحل عند ذلك شرف المعالي إلى أبيه بمصر، فنفذ ولده الآخر، وهو سناء الملك حسين، في جماعة من الأمراء، منهم جمال الملك، والنائب بعسقلان للمصريين، وأرسلوا إلى طغتكين أتابك بدمشق -أتابك يعني الأمير الوالد- يطلبون منه عسكرا، فأرسل إليهم أصبهبذ صباوة ومعه ألف وثلاثمائة فارس، وكان المصريون في خمسة آلاف، وقصدهم بغدوين الفرنجي، صاحب القدس وعكا ويافا، في ألف وثلاثمائة فارس، وثمانية آلاف راجل، فوقع المصاف بينهم بين عسقلان ويافا، فلم تظهر إحدى الطائفتين على الأخرى، فقتل من المسلمين ألف ومائتان، ومن الفرنج مثلهم، وقتل جمال الملك، أمير عسقلان، فلما رأى المسلمون أنهم قد تكافؤوا في النكاية قطعوا الحرب وعادوا إلى عسقلان، وعاد صباوة إلى دمشق، وكان مع الفرنج جماعة من المسلمين، منهم بكتاش بن تتش، وكان طغتكين قد عدل في الملك إلى ولد أخيه دقاق، وهو طفل، فدعاه ذلك إلى قصد الفرنج؛ ليكون معهم.
احتل الفرنج حصن أفامية من بلد الشام، وسبب ذلك أن المتولي لأفامية من جهة الملك رضوان صاحب حلب أرسل إلى صاحب مصر العبيدي الإسماعيلي، وكان يميل إلى مذهبهم، يستدعي منهم من يسلم إليه الحصن، وهو من أمنع الحصون، فطلب خلف بن ملاعب الكلابي -كان متغلبا على حمص- من صاحب مصر العبيدي أن يكون هو المقيم به، وقال: إنني أرغب في قتال الفرنج وأوثر الجهاد.
فسلموه إليه وأخذوا رهائنه، فلما ملكه خلع طاعتهم ولم يرع حقهم، وأقام بأفامية يخيف السبيل، ويقطع الطريق، واجتمع عنده كثير من المفسدين، فكثرت أمواله، ثم إن الفرنج ملكوا سرمين، وهي من أعمال حلب، وأهلها غلاة في التشيع، فلما ملكها الفرنج تفرق أهلها، فتوجه القاضي الذي بها إلى ابن ملاعب وأقام عنده، فأكرمه وأحبه ووثق به، فأعمل القاضي الحيلة عليه، وكتب إلى أبي طاهر، المعروف بالصائغ، وهو من أعيان أصحاب الملك رضوان، ووجوه الباطنية ودعاتهم، ووافقهم على الفتك بابن ملاعب، وأن يسلم أفامية إلى الملك رضوان، وعاود القاضي مكاتبة أبي طاهر بن الصائغ، وأشار عليه أن يوافق رضوان على إنفاذ ثلاثمائة رجل من أهل سرمين، وينفذ معهم خيلا من خيول الفرنج، وسلاحا من أسلحتهم، ورؤوسا من رؤوس الفرنج، ويأتوا إلى ابن ملاعب ويظهروا أنهم غزاة ويشكوا من سوء معاملة الملك رضوان وأصحابه لهم، وأنهم فارقوه، فلقيهم طائفة من الفرنج فظفروا بهم، ويحملوا جميع ما معهم إليه، فإذا أذن لهم في المقام اتفقت آراؤهم على إعمال الحيلة عليه، ففعل ابن الصائغ ذلك، ووصل القوم إلى أفامية، وقدموا إلى ابن ملاعب بما معهم من الخيل وغيرها، فقبل ذلك منهم، وأمرهم بالمقام عنده، وأنزلهم في ربض أفامية، فلما كان في بعض الليالي نام الحراس بالقلعة، فقام القاضي ومن بالحصن من أهل سرمين، ودلوا الحبال وأصعدوا أولئك القادمين جميعهم، وقصدوا أولاد ابن ملاعب، وبني عمه، وأصحابه، فقتلوهم، وأتى القاضي وجماعة معه إلى ابن ملاعب، فقتله وقتل أصحابه، وهرب ابناه، فقتل أحدهما، والتحق الآخر بأبي الحسن بن منقذ، ولما سمع ابن الصائغ خبر أفامية سار إليها، وهو لا يشك أنها له، فقال له القاضي: إن وافقتني وأقمت معي، فبالرحب والسعة، ونحن بحكمك، وإلا فارجع من حيث جئت.
فأيس ابن الصائغ منه، وكان أحد أولاد ابن ملاعب بدمشق عند طغتكين غضبان على أبيه، فولاه طغتكين حصنا، وضمن على نفسه حفظ الطريق، وأخذ القوافل، فاستغاثوا إلى طغتكين منه، فأرسل إليه من طلبه، فهرب إلى الفرنج واستدعاهم إلى حصن أفامية، وقال: ليس فيه غير قوت شهر، فأقاموا عليه يحاصرونه، فجاع أهله وملكه الفرنج، وقتلوا القاضي المتغلب عليه، وأخذوا الصائغ فقتلوه، وكان هو الذي أظهر مذهب الباطنية بالشام، هكذا ذكر بعضهم أن أبا طاهر الصائغ قتله الفرنج بأفامية، وقد قيل: إن ابن بديع، رئيس حلب، قتله سنة سبع وخمسمائة بعد وفاة رضوان.
كان صنجيل الفرنجي قد ملك مدينة جبلة، وأقام على طرابلس يحصرها، فحيث لم يقدر أن يملكها بنى بالقرب منها حصنا وبنى تحته ربضا، وأقام مراصد لها، منتظرا وجود فرصة فيها، فخرج فخر الملك أبو علي بن عمار، صاحب طرابلس، فأحرق ربضه، ووقف صنجيل على بعض سقوفه المتحرقة، ومعه جماعة من القمامصة -كبار القساوسة- والفرسان، فانخسف بهم، فمرض صنجيل من ذلك عشرة أيام ومات، وحمل إلى القدس فدفن فيه، ثم إن ملك الروم أمر أصحابه باللاذقية ليحملوا الميرة إلى هؤلاء الفرنج الذين على طرابلس، فحملوها في البحر، فأخرج إليها فخر الملك بن عمار أسطولا، فجرى بينهم وبين الروم قتال شديد، فظفر المسلمون بقطعة من الروم فأخذوها، وأسروا من كان بها وعادوا، ولم تزل الحرب بين أهل طرابلس والفرنج عدة سنين، فعدمت الأقوات بها، وخاف أهلها على نفوسهم وأولادهم وحرمهم، فجلا الفقراء وافتقر الأغنياء، وظهر من ابن عمار صبر عظيم وشجاعة ورأي سديد، ومما أضر بالمسلمين فيها أن صاحبها استنجد سقمان بن أرتق فجمع العساكر وسار إليه، فمات في الطريق وأجرى ابن عمار الجرايات على الجند والضعفة، فلما قلت الأموال عنده شرع يقسط على الناس ما يخرجه في باب الجهاد، فأخذ من رجلين من الأغنياء مالا مع غيرهما، فخرج الرجلان إلى الفرنج وقالا: إن صاحبنا صادرنا، فخرجنا إليكم لنكون معكم، وذكرا لهم أنه تأتيه الميرة من عرقة والجبل، فجعل الفرنج جميعا على ذلك الجانب يحفظه من دخول شيء إلى البلد، فأرسل ابن عمار وبذل للفرنج مالا كثيرا ليسلموا الرجلين إليه فلم يفعلوا، فوضع عليهما من قتلهما غيلة.
حدثت وقعة بين طغتكين أتابك دمشق -أتابك يعني الأمير الوالد- وبين قمص -كبير القساوسة- كبير من قمامصة الفرنج، وسبب ذلك أنه تكررت الحروب بين عسكر دمشق وبغدوين، فتارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء، ففي آخر الأمر بنى بغدوين حصنا بينه وبين دمشق نحو يومين، فخاف طغتكين من عاقبة ذلك، وما يحدث به من الضرر؛ فجمع عسكره وخرج إلى مقاتلتهم، فسار بغدوين ملك القدس وعكا وغيرهما، إلى هذا القمص ليعاضده ويساعده على المسلمين، فعرفه القمص غناه عنه، وأنه قادر على مقارعة المسلمين إن قاتلوه، فعاد بغدوين إلى عكا، وتقدم طغتكين إلى الفرنج، واقتتلوا واشتد القتال، فانهزم أميران من عسكر دمشق، فتبعهما طغتكين وقتلهما، وانهزم الفرنج إلى حصنهم فاحتموا به، فقال طغتكين: من أحسن قتالهم وطلب مني أمرا فعلته معه، ومن أتاني بحجر من حجارة الحصن أعطيته خمسة دنانير، فبذل الرجالة نفوسهم، وصعدوا إلى الحصن وخربوه، وحملوا حجارته إلى طغتكين، فوفى لهم بما وعدهم، وأمر بإلقاء الحجارة في الوادي، وأسروا من بالحصن، فأمر بهم فقتلوا كلهم، واستبقى الفرسان أسراء، وكانوا مائتي فارس، ولم ينج ممن كان في الحصن إلا القليل، وعاد طغتكين إلى دمشق منصورا، فزين البلد أربعة أيام وخرج منها إلى رفنية، وهو من حصون الشام، وقد تغلب عليه الفرنج، وصاحبه ابن أخت صنجيل المقيم على حصار طرابلس، فحصره طغتكين، وملكه، وقتل به خمسمائة رجل من الفرنج.