Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
قام ملك فرنسا لويس التاسع بتجهيز حملة صليبية هي في التعداد الثامنة، وقصد بها تونس ليجعلها طريقه إلى مصر، لكن قوات أمير تونس أبي عبد الله محمد بن أبي زكريا الحفصي تصدت لها وساعد أيضا على فشلها انتشار الأوبئة بينهم مع حرارة الجو وكان ممن توفي في تونس من الصليبيين الملك نفسه لويس التاسع، غير الكثير من أفراد جيشه.
هو الملك تقي الدين عباس بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب بن شاذي، وهو آخر من بقي من أولاد العادل، وقد سمع الحديث من الكندي وابن الحرستاني، وكان محترما عند الملوك لا سيما عند الملك الظاهر لا يترفع عليه أحد في المجالس والمواكب، وكان لين الأخلاق حسن العشرة، لا تمل مجالسته, توفي يوم الجمعة الثاني والعشرين من جمادى الآخرة بدرب الريحان، ودفن بتربة له بسفح قاسيون.
في يوم الخميس ثامن رجب دخل الظاهر دمشق وفي صحبته ولده الملك السعيد بركة وابن الحنا الوزير وجمهور الجيش ثم خرجوا متفرقين وتواعدوا أن يلتقوا بالساحل ليشنوا الغارة على جبلة واللاذقية ومرقب وعرقا وما حولها من البلاد، فلما اجتمعوا فتحوا صافينا والمجدل، ثم ساروا فنزلوا على حصن الأكراد يوم الثلاثاء التاسع عشر رجب، وله ثلاثة أسوار، فنصبوا المنجنيقات ففتحها قسرا يوم نصف شعبان، فدخل الجيش، وكان الذي يحاصره ولد السلطان الملك السعيد بركة، فأطلق السلطان أهله ومن عليهم وأجلاهم إلى طرابلس، وتسلم القلعة بعد عشرة أيام من الفتح، فأجلى أهلها أيضا وجعل كنيسة البلد جامعا، وأقام فيه الجمعة، وولى فيها نائبا وقاضيا وأمر بعمارة البلد، وبعث صاحب طرسوس بمفاتيح بلده يطلب منه الصلح على أن يكون نصف مغل بلاده للسلطان، وأن يكون له بها نائبا فأجابه إلى ذلك، وكذلك فعل صاحب المرقب فصالحه أيضا على المناصفة ووضع الحرب عشر سنين.
بلغ السلطان الظاهر بيبرس وهو مخيم على حصن الأكراد أن صاحب جزيرة قبرص قد ركب بجيشه إلى عكا لينصر أهلها خوفا من السلطان، فأراد السلطان أن يغتنم هذه الفرصة فبعث جيشا كثيفا في اثني عشرة شيني - نوعا من المراكب- ليأخذوا جزيرة قبرص في غيبة صاحبها عنها، فسارت المراكب مسرعة فلما قاربت المدينة جاءتها ريح عاصف فصدم بعضها بعضا فانكسر بعضها, وغرق خلق وأسر الفرنج من الصناع والرجال قريبا من ألف وثمانمائة، ثم سار السلطان فنصب المجانيق على حصن عكا فسأله أهلها الأمان على أن يخليهم فأجابهم إلى ذلك، ودخل البلد يوم عيد الفطر فتسلمه، وكان الحصن شديد الضرر على المسلمين، وهو واد بين جبلين.
هو أبو محمد عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين، القرشي، المخزومي، بن قطب الدين المقدسي الصوفي الرقوطي، نسبة إلى رقوطة بلدة قريبة من مرسية بالأندلس.
المشهور بابن سبعين، ولد سنة أربع عشرة وستمائة، واشتغل بعلم الأوائل والفلسفة، فتولد له من ذلك نوع من الإلحاد، وصنف فيه، وكان يعرف السيميا، وكان يلبس بذلك على الأغبياء من الأمراء والأغنياء، ويزعم أنه حال من أحوال القوم، وله المصنفات منها كتاب البدوي، وكتاب الهو، رسالة النصيحة النورية، عهد ابن سبعين، الإحاطة، الرسالة الفقيرية، الحكم والمواعظ، الرسالة القبرصية, وقد أقام بمكة واستحوذ على عقل صاحبها أبي نمي بن أبي سعد.
وشاع صيته وكثر أتباعه بين أهل مكة بسبب سخائه وعلمه، وقد ظل ابن سبعين في مكة حتى توفي به، وجاور في بعض الأوقات بغار حراء يرتجي فيما ينقل عنه أن يأتيه فيه وحي، كما أتى النبي صلى الله عليه وسلم!! بناء على ما يعتقده من العقيدة الفاسدة من أن النبوة مكتسبة، وأنها فيض يفيض على العقل إذا صفا، فما حصل له إلا الخزي في الدنيا والآخرة، إن كان مات على ذلك, وقد كان إذا رأى ابن سبعين الطائفين حول البيت يقول عنهم كأنهم الحمير حول المدار، وأنهم لو طافوا به كان أفضل من طوافهم بالبيت، وقد نقلت عنه عظائم من الأقوال والأفعال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فصار بعضهم يرى أن باب النبوة مفتوح لا يمكن إغلاقه فيقول كما كان ابن سبعين يقول: "لقد زرب ابن آمنة حيث قال: لا نبي بعدي" أو يرى لكونه أشد تعظيما للشريعة أن باب النبوة قد أغلق فيدعي أن الولاية أعظم من النبوة، وأن خاتم الأولياء أعلم بالله من خاتم الأنبياء، وأن خاتم الأنبياء بل وجميع الأنبياء إنما يستفيدون معرفة الله من مشكاة خاتم الأولياء!! ويقول إنه يوافق النبي في معرفة الشريعة العملية؛ لأنه يرى الأمر على ما هو عليه فلا بد أن يراه هكذا، وإنه أعلم من النبي بالحقائق العلمية؛ لأنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول!! وهذا بناء على أصول هؤلاء الفلاسفة الكفار الذين هم أكفر من اليهود والنصارى".
وقال شيخ الإسلام: "ابن سبعين أحد أئمة الاتحادية ومحققيهم وأذكيائهم، أنه قال عن كلام ابن عربي: "فلسفة مخموجة" وكلامه هو أدخل في الفلسفة وأبعد عن الإسلام، ولا ريب أن هؤلاء من جنس الملاحدة الباطنية القرامطة، وهؤلاء الفلاسفة مشتركون في الضلال ومذاهب هؤلاء الفلاسفة في الإلهيات من أشد المذاهب اضطرابا وتناقضا وقولا لا حقيقة له، فلما كان مذهبهم المقارنة التي هي في الحقيقة تعطيل الصنع والخلق والإبداع وإن كانوا يدعون أنهم يثبتون واجبا غير العالم، فهذا دعواهم، وإلا ففي الحقيقة يلزمهم ألا يكون ثم واجب الوجود غير العالم، وهذا حقيقة قول الاتحادية وهو الذي أظهره إمام هؤلاء فرعون؛ فإن الاتحادية تنتحله وتعظمه والباطنية تنتحله وتعظمه وهو على مقتضى أصول الفلاسفة الصابئة المشركين الذين هم من أعظم الناس إيمانا بالجبت والطاغوت" قال الذهبي: "كان ابن سبعين صوفيا على قاعدة زهاد الفلاسفة وتصوفهم، وله كلام كثير في العرفان على طريق الاتحاد والزندقة, وقد ذكرنا محط هؤلاء الجنس في ترجمة " ابن الفارض "، و " ابن العربي " وغيرهما.
فيا حسرة على العباد كيف لا يغضبون لله تعالى ولا يقومون في الذب عن معبودهم، تبارك اسمه وتقدست في ذاته، عن أن يمتزج بخلقه أو يحل فيهم, وتعالى الله عن أن يكون هو عين السموات والأرض وما بينهما, فإن هذا الكلام شر من مقالة من قال بقدم العالم، ومن عرف هؤلاء الباطنية عذرني، أو هو زنديق مبطن للاتحاد يذب عن الاتحادية والحلولية، ومن لم يعرفهم فالله يثيبه على حسن قصده.
وينبغي للمرء أن يكون غضبه لربه إذا انتهكت حرماته أكثر من غضبه لفقير غير معصوم من الزلل.
فكيف بفقير يحتمل أن يكون في الباطن كافرا، مع أنا لا نشهد على أعيان هؤلاء بإيمان ولا كفر لجواز توبتهم قبل الموت.
وأمرهم مشكل وحسابهم على الله, وأما مقالاتهم فلا ريب في أنها شر من الشرك، فيا أخي ويا حبيبي أعط القوس باريها ودعني ومعرفتي بذلك، فإنني أخاف الله أن يعذبني على سكوتي، كما أخاف أن يعذبني على الكلام في أوليائه.
وأنا لو قلت لرجل مسلم: يا كافر، لقد بؤت بالكفر، فكيف لو قلته لرجل صالح أو ولي لله تعالى؟ " توفي ابن سبعين في الثامن والعشرين من شوال بمكة.
خرج السلطان الظاهر بيبرس من دمشق وأتى إلى الساحل، ثم سار إلى القرين ونازله، وأخذ باشورته –حائط ظاهر الحصن يختفي وراءه الجند عند القتال- في ثاني ذي القعدة، فأخذ الحصن وأمر بهدم قلعته، ثم سار عنه ونزل اللجون، وتقدمت مراسيمه إلى النواب بالديار المصرية بتجهيز الشواني، ثم إن السلطان جاء إلى عكا وأشرف عليها وتأملها، ثم سار إلى الديار المصرية.
وفي اليوم السابع عشر من ذي الحجة من هذه السنة أمر بإراقة الخمور من سائر بلاده وتهدد من يعصرها أو يعتصرها بالقتل، وأسقط ضمان ذلك، وكان ذلك بالقاهرة وحدها كل يوم ضمانه ألف دينار، ثم سارت البرد بذلك إلى الآفاق.