Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


ازداد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما بعد التحكيم قوة، واختلف الناس بالعراق على علي رضي الله عنه، ولم يعد له هم إلا مصر التي كان يخشاها وأهلها؛ لقربهم منه، فأراد أن يضمها إليه ، فأرسل إلى من لم يبايع عليا ولم يأتمر بأمر نوابه يخبرهم بقدوم الجيش عليهم سريعا، وكان واليها من قبل علي حينئذ محمد بن أبي بكر، وكان يواجه اضطرابات داخلية بسبب معاوية بن خديج ومسلمة بن مخلد ومن اعتزلوا معهما؛ إذ كان أمرهم يزداد قوة يوما بعد يوم، خاصة بعد صفين، فخرج معاوية بن خديج ومن معه مطالبين بدم عثمان رضي الله عنه، فلما علم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بذلك رأى أن محمدا لا تمكنه المقاومة، فولى على مصر الأشتر النخعي، فتوفي في الطريق، وشق على محمد بن أبي بكر عزله، فأرسل إليه علي رضي الله عنه يثبته عليها، ويأمره بالصبر، فلما كانت سنة ثمان وثلاثين من الهجرة أرسل معاوية عمرو بن العاص في ستة آلاف، فسار بهم حتى نزل أدنى مصر، فجاءه من خالف عليا وطالب بدم عثمان رضي الله عنه في عشرة آلاف، فكتب محمد إلى علي بالخبر واستمده، فأرسل إليه أن يضم شيعته إليه، ويأمره بالصبر ويعده بإنفاذ الجيوش إليه، فقام محمد في الناس وندبهم إلى الخروج معه، فقام معه قليل لم يصمدوا أمام جيوش الشام وانهزموا، ودخل عمرو بن العاص رضي الله عنه الفسطاط، وهرب محمد وخرج معاوية بن خديج يطلبه حتى التقى به فقتله.


هو عبد الله بن وهب  الهمداني السبئي، وقيل: الحميري.

أصله من يهود صنعاء, وقيل: من يهود الحيرة، معروف بابن السوداء لأن أمه حبشية، أظهر الإسلام في زمن عثمان بن عفان, وقيل: إنه رومي أظهر الإسلام هو وجماعته السبئية بغرض تقويض الدولة الإسلامية لصالح الدولة البيزنطية.

وهو يختلف عن عبد الله بن وهب الراسبي رأس الخوارج الذي خرج على علي, رحل ابن سبإ إلى الحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام ثم استقر في مصر، كل ذلك ينشر بدعته، وجهر بها وتقوى في مصر، كان يقول برجعة النبي صلى الله عليه وسلم كرجعة عيسى في آخر الزمان، ثم دعا إلى علي وأثار الفتنة على عثمان، ثم غلا في علي وأظهر أنه الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالوصاية، ثم قال: إن في علي جزءا لاهوتيا، وأن هذا الجزء يتناسخ في الأئمة من بعد علي، ثم زعم أن عليا أيضا يرجع، وأفشل مع اتباعه المفاوضات بين علي والصحابة في الجمل وصفين، وتسببوا في نشوب الحرب بينهم.

يقال: إن عليا نفاه إلى المدائن.

وذلك أن علي بن أبي طالب لما بلغه أن ابن السوداء ينتقص أبا بكر وعمر دعا به، ودعا بالسيف وهم بقتله، فشفع فيه أناس، فقال: والله لا يساكنني في بلد أنا فيه، فسيره إلى المدائن، وقيل: حرقه بالنار فيمن حرقهم, وقيل: إنه اختفى ولم يعلم بخاتمته.


خرج قسطنطين ملك الروم إلى بلد الإسلام، فدخل ملطية عنوة وقهرا، وغلب أهلها، وهدم سورها، وعفا عمن فيها من المقاتلة والذرية.


بعد أن انهزم عبد الله بن علي (عم المنصور) على يد أبي مسلم، وبقي في البصرة، قام بالدعوة لنفسه، وبويع، ولكن لم يتم له شيء، فاستجار بأخيه سليمان الذي كان أميرا للبصرة، ثم إنه بقي كذلك حتى أظهر الطاعة للمنصور، ثم عزل المنصور عمه سليمان عن إمرة البصرة، فاختفى عبد الله بن علي وأصحابه خوفا على أنفسهم، فبعث المنصور إلى نائبه على البصرة، وهو سفيان بن معاوية، يستحثه في إحضار عبد الله بن علي إليه، فبعثه في أصحابه فقتل بعضهم، وسجن عبد الله بن علي عمه، وبعث بقية أصحابه إلى أبي داود نائب خراسان فقتلهم هناك.


خرج في الأندلس الحباب بن رواحة بن عبد الله الزهري ودعا إلى نفسه، واجتمع إليه جمع من اليمانية، فسار إلى الصميل، وهو أمير قرطبة، فحصره بها وضيق عليه، فاستمد الصميل يوسف الفهري أمير الأندلس، فلم يفعل لتوالي الغلاء والجوع على الأندلس، ولأن يوسف قد كره الصميل واختار هلاكه ليستريح منه.

وثار بها أيضا عامر العبدري وجمع جمعا واجتمع مع الحباب على الصميل، وقاما بدعوة بني العباس.

فلما اشتد الحصار على الصميل كتب إلى قومه يستمدهم، فسارعوا إلى نصرته واجتمعوا وساروا إليه، فلما سمع الحباب بقربهم سار الصميل عن سرقسطة وفارقها، فعاد الحباب إليها وملكها، واستعمل يوسف الفهري الصميل على طليطلة


كان عبد الرحمن بن معاوية قد انتقل إلى بلاد المغرب؛ فرارا من عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس، فاجتاز بمن معه من أصحابه الذين فروا معه بقوم يقتتلون على عصبية اليمانية والمضرية، فبعث مولاه بدرا إليهم فاستمالهم إليه، فبايعوه ودخل بهم ففتح بلاد الأندلس واستحوذ عليها، وانتزعها من يوسف بن عبد الرحمن الفهري آخر ولاة بني أمية في الأندلس، والذي جمع جيشا فيما بعد، وأعلن العصيان وأراد غزو قرطبة، فسار إليه عبد الرحمن وهزمه وقتله، وسكن عبد الرحمن قرطبة، واستمر في خلافته في تلك البلاد من هذه السنة إلى سنة 172، وقيل: إنه في البداية لم يعلن الدعوة الأموية، بل قيل: إنه كان يدعو للخليفة العباسي.

حاول المنصور القضاء عليه بواسطة العلاء بن مغيث، لكنه لم يفلح، واستطاع عبد الرحمن أن يقتله، ومن ثم ترك عبد الرحمن الدعوة للخليفة العباسي، وسمي عبد الرحمن هذا بصقر قريش.


جاء ثلاثمائة مركب للروم مع ثلاثة رؤساء، فأناخ أحدهم في مائة مركب بدمياط، وكان على معونة مصر عنبسة بن إسحاق الضبي، فلما حضر العيد أمر الجند الذين بدمياط أن يحضروا مصر، فساروا منها، فاتفق وصول الروم وهي فارغة من الجند، فنهبوا وأحرقوا وسبوا، وأحرقوا جامعها، وأخذوا ما بها من سلاح ومتاع، وقند، وغير ذلك، وسبوا من النساء المسلمات والذميات نحو ستمائة امرأة، وأوقروا سفنهم من ذلك، وكان عنبسة قد حبس ابن الأكشف بدمياط، فكسر قيده، وخرج يقاتلهم، وتبعه جماعة، وقتل من الروم جماعة، وسارت الروم إلى أشنوم تنيس، وكان عليه سور وبابان من حديد قد عمله المعتصم، فنهبوا ما فيه من سلاح، وأخذوا البابين، ورجعوا ولم يعرض لهم أحد.


هو أبو المطرف عبدالرحمن بن الحكم بن هشام بن عبدالرحمن الداخل، رابع أمراء الأندلس، ويلقب بالأوسط، أو عبدالرحمن الثاني، ولد عام 176هـ, كان مكثرا للغزو، فتصدى للثورات الداخلية وعدوان النصارى في شمال الأندلس، وغارات النورماند البحرية, وكان يحب العمران، فبنى المساجد والقصور، وفي عهده كثرت وفود المشارقة العلماء.

توفي في قرطبة بعد حكم دام 32 سنة، مخلفا من الأولاد 150 من الذكور، و50 من الإناث، ثم تولى من بعده ابنه محمد، المعروف بمحمد الأول، الذي دامت إمارته 34 عاما.


حاصر بغا مدينة تفليس، وعلى مقدمته زيرك التركي، فخرج إليه صاحب تفليس إسحاق بن إسماعيل فقاتله، فأسر إسحاق، فأمر بغا بضرب عنقه وصلبه، وأمر بإلقاء النار في النفط إلى نحو المدينة، وكان أكثر بنائها من خشب الصنوبر، فأحرق أكثرها، وأحرق من أهلها نحوا من خمسين ألف إنسان، وخمدت النار بعد يومين; لأن نار الصنوبر لا بقاء لها، ودخل الجند فأسروا من بقي من أهلها، واستلبوهم حتى استلبوا الموتى.

ثم سار بغا إلى مدن أخرى ممن كان يمالئ أهلها مع من قتل نائب أرمينية يوسف بن محمد بن يوسف؛ أخذا بثأره، وعقوبة لمن تجرأ عليه.


هو الإمام الكبير، شيخ المشرق، سيد الحفاظ، أبو يعقوب: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي التيمي المروزي، المعروف بابن راهويه، ولد بمرو عام 161هـ كان من أهل مرو، وسكن نيسابور، أحد الأئمة الحفاظ، شيخ البخاري وأحمد ومسلم وغيرهم، فكلهم روى عنه، قال الحسن بن عبد الصمد: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: أحفظ سبعين ألف حديث كأنها نصب عيني.

اجتمع فيه الحديث والفقه، والحفظ والدين والورع، ولإسحاق تصانيف، وكان صاحب فقه كالإمام أحمد، وله مسائل مشهورة، قال إسحاق: قال لي عبد الله بن طاهر أمير خراسان: لم قيل لك: ابن راهويه؟ وما معنى هذا، وهل تكره أن يقال لك هذا؟ قلت: اعلم- أيها الأمير- أن أبي ولد في الطريق، فقالت المراوزة: راهويه؛ لأنه ولد في الطريق، وكان أبي يكره هذا، وأما أنا فلست أكره ذلك.


هو أبو الحسن علي بن بويه، وهو أكبر أولاد بويه، وأول من تملك منهم، وكان عاقلا حاذقا حميد السيرة رئيسا في نفسه.

كان أول ظهوره في سنة 322, فلما كان في هذا العام 338 قويت عليه الأسقام وتواترت عليه الآلام، فأحس من نفسه بالهلاك، ولم يفاده ولا دفع عنه أمر الله ما هو فيه من الأموال والملك وكثرة الرجال والأموال، ولا رد عنه جيشه من الديلم والأتراك والأعجام، مع كثرة العدد والعدد، بل تخلوا عنه أحوج ما كان إليهم، فسبحان الله الملك القادر، القاهر العلام! ولم يكن له ولد ذكر، فأرسل إلى أخيه ركن الدولة يستدعيه إليه وولده عضد الدولة، ليجعله ولي عهده من بعده، فلما قدم عليه فرح به فرحا شديدا، وخرج بنفسه في جميع جيشه يتلقاه، فلما دخل به إلى دار المملكة أجلسه على السرير وقام بين يديه كأحد الأمراء؛ ليرفع من شأنه عند أمرائه ووزرائه وأعوانه.

وكان يوما عظيما مشهودا.

ثم عقد لعضد الدولة البيعة على ما يملكه من البلدان والأموال، وتدبير المملكة والرجال.

وفيهم من بعض رؤوس الأمراء كراهة لذلك، فشرع في القبض عليهم، وقتل من شاء منهم وسجن آخرين، حتى تمهدت الأمور لعضد الدولة.

ثم كانت وفاة عماد الدولة بشيراز في هذه السنة، عن سبع وخمسين سنة، وكانت مدة ملكه ست عشرة سنة، وكان من أقوى الملوك في زمانه، وكان ممن حاز قصب السبق دون أقرانه، وكان هو أمير الأمراء، وبذلك كان يكاتبه الخلفاء، ولكن أخاه معز الدولة كان ينوب عنه في العراق والسواد.


هو الخليفة أبو القاسم عبد الله المستكفي بالله بن المكتفي علي بن المعتضد العباسي.

كان ربع القامة مليحا، معتدل البدن، أبيض بحمرة، خفيف العارضين.

وأمه أم ولد.

بويع وقت خلع المتقي لله عام 333.

وله يومئذ إحدى وأربعون سنة، ولقب بالمستكفي بالله.

قام ببيعته أمير الأمراء توزون، ولما أقبل أبو الحسن أحمد بن بويه على العراق استولى على الأهواز والبصرة وواسط، ثم بغداد, وفر منها أمير الأمراء في حينها ابن شيرزاد, وتولى ابن بويه منصب أمير الأمراء, ولقبه المستكفي بمعز الدولة، وأصبح المعز الآمر الناهي في بغداد، وبلغ الحال بضعف الخليفة أن قرر له معز الدولة في الشهر مائة وخمسون ألف درهم فقط, وفي عام 334 دخل على الخليفة المستكفي اثنان من الديلم، فطلبا منه الرزق، فمد يده للتقبيل، فجبذاه من سرير الخلافة، وجراه بعمامته، ونهبت داره، وساقاه ماشيا إلى منزل معز الدولة، الذي خلع المستكفي وسمل عينيه بمكحل محمي.

ثم بايع للفضل بن المقتدر، ولقبه بالمطيع لله، واستقل بملك العراق معز الدولة.

وضعف أمر الخلافة جدا، وظهر الرفض والاعتزال ببني بويه.

فكانت خلافة المستكفي ستة عشر شهرا، ثم عاش بعد العزل والكحل ذليلا مقهورا مسجونا أربعة أعوام إلى أن مات وله ست وأربعون سنة.


وقعت فتنة بين الشيعة وأهل السنة، ونهبت الكرخ.


هو أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس أبو جعفر المرادي المصري النحوي، المعروف بالنحاس، والنحاس: نسبة إلى من يعمل النحاس.

لغوي مفسر أديب، له مصنفات كثيرة في التفسير وغيره، وقد سمع الحديث ولقي أصحاب المبرد، أخذ النحو عن علي بن سليمان الأحوص، وأبي بكر الأنباري، وأبي إسحاق الزجاج، ونفطويه، وغيرهم، وله مصنفات كثيرة مفيدة، منها (تفسير القرآن) و(الناسخ والمنسوخ) و(شرح أبيات سيبويه)، ولم يصنف مثله، وشرح المعلقات والدواوين العشرة، وغير ذلك, وروى الحديث عن النسائي، وانتفع الناس به.

كان مقترا على نفسه, يهبونه العمامة فيقطعها ثلاث عمائم، وكان سبب وفاته: أنه جلس على درج المقياس في شاطئ النيل، وهو في أيام زيادته، يقطع شيئا من العروض، فسمعه جاهل من العامة فظنه يسحر النيل حتى لا يزيد ماؤه، فتغلو الأسعار، فرفسه برجله فسقط فغرق، فلم يوقف له على خبر, ولم يدر أين ذهب.


لما قتل باذ الكردي سار ابن أخته أبو علي بن مروان الكردي في طائفة من الجيش إلى حصن كيفا، وهو على دجلة، وهو من أحصن المعاقل، وكان به امرأة باذ وأهله، فلما بلغ الحصن قال لزوجة خاله: قد أنفذني خالي إليك في مهمة، فظنته حقا، فلما صعد إليها أعلمها بهلاكه، وأطمعها في التزوج بها، فوافقته على ملك الحصن وغيره، ونزل وقصد حصنا حصنا، حتى ملك ما كان لخاله، وسار إلى ميافارقين، وسار إليه أبو طاهر وأبو عبد الله ابنا حمدان طمعا فيه، ومعهما رأس باذ، فوجدا أبا علي قد أحكم أمره، فتصافوا واقتتلوا أكثر من مرة، وأقام ابن مروان بديار بكر وضبطها، وأحسن إلى أهلها، وألان جانبه لهم، فطمع فيه أهل ميافارقين، فاستطالوا على أصحابه، فأمسك عنهم إلى يوم العيد، وقد خرجوا إلى المصلى، فلما تكاملوا في الصحراء وافى إلى البلد، وأخذ أبا الصقر شيخ البلد فألقاه من على السور، وقبض على من كان معه، وأخذ الأكراد ثياب الناس خارج البلد، وأغلق أبواب البلد، وأمر أهله أن ينصرفوا حيث شاؤوا، ولم يمكنهم من الدخول، فذهبوا كل مذهب.


تفاقم الأمر بالعيارين ببغداد وصار الناس أحزابا، في كل محلة أمير مقدم، واقتتل الناس وأخذت الأموال، وأحرقت دور كبار، ووقع حريق بالنهار في نهر الدجاج، فاحترق بسببه شيء كثير للناس.


لما مات سعد الدولة الحمداني صاحب حلب، سار الوزير أبو الحسن المغربي من مشهد علي إلى العزيز بمصر، وأطمعه في حلب، فسير جيشا وعليهم منجوتكين أحد أمرائه إلى حلب، فسار إليها في جيش كثيف فحصرها، وبها أبو الفضائل ولؤلؤ، فكتبا إلى بسيل ملك الروم يستنجدانه، وهو يقاتل البلغار، فأرسل بسيل إلى نائبه بأنطاكية يأمره بإنجاد أبي الفضائل، فسار في خمسين ألفا، حتى نزل على الجسر الجديد بالعاصي، فلما سمع منجوتكين الخبر سار إلى الروم؛ ليلقاهم قبل اجتماعهم بأبي الفضائل، وعبر إليهم العاصي، وأوقعوا بالروم فهزموهم وولوا الأدبار إلى أنطاكية، وكثر القتل فيهم، وسار منجوتكين إلى أنطاكية، فنهب بلدها وقراها وأحرقها، وأنفذ أبو الفضائل إلى بلد حلب، فنقل ما فيه من الغلال، وأحرق الباقي إضرارا بعساكر مصر، وعاد منجوتكين إلى حلب فحصرها، فأرسل لؤلؤ إلى أبي الحسن المغربي فبذل لهم مالا ليردوا منجوتكين عنهم هذه السنة، بعلة تعذر الأقوات، ففعلوا ذلك، وكان منجوتكين قد ضجر من الحرب، فأجابهم إليه وسار إلى دمشق، ولما بلغ الخبر إلى العزيز، غضب وكتب بعود العسكر إلى حلب، وإبعاد المغربي، وأنفذ الأقوات من مصر في البحر إلى طرابلس، ومنها إلى العسكر، فنازل العسكر حلب، وأقاموا عليها ثلاثة عشر شهرا، فقلت الأقوات بحلب، وعاد أبو الفضائل إلى مراسلة ملك الروم والاعتضاد به، وقال له: متى أخذت حلب أخذت أنطاكية وعظم عليك الخطب، وكان قد توسط بلاد البلغار، فعاد وجد في السير، وكان الزمان ربيعا، وعسكر مصر قد أرسل إلى منجوتكين يعرفه الحال، وأتته جواسيسه بمثل ذلك، فسار كالمنهزم عن حلب، ووصل ملك الروم، فنزل على باب حلب، وخرج إليه أبو الفضائل ولؤلؤ، وعاد إلى حلب، ورحل بسيل إلى الشام، ففتح حمص وشيزر ونهبهما، وسار إلى طرابلس فنازلها، فامتنعت عليه، وأقام عليها نيفا وأربعين يوما، فلما أيس منها عاد إلى بلاد الروم، ولما بلغ الخبر إلى العزيز عظم عليه، ونادى في الناس بالنفير لغزو الروم، وبرز من القاهرة، وحدث به أمراض منعته، وأدركه الموت.


قيل في سبب خلع الطائع وهو عبد الكريم أبو بكر عدة أشياء؛ منها: أنه عجز عن دفع مصاريف الجند، ومنها أنه بسجنه للشيخ المفيد سبب ذلك جفوة بينه وبين بهاء الدولة، وقيل غير ذلك، فكان خلعه حين جاء بهاء الدولة إلى دار الخلافة، وقد جلس الطائع متقلدا سيفا، فلما قرب بهاء الدولة قبل الأرض، وتقدم أصحابه فجذبوا الطائع بحمائل سيفه، وتكاثروا عليه ولفوه في كساء، وحمل في زبزب- نوع من السفن الشراعية- في دجلة، وأصعد إلى دار الملك.

وارتج البلد، وظن أكثر الناس أن القبض على بهاء الدولة، ونهبت دار الخلافة، وماج الناس، إلى أن نودي بخلافة القادر.

وكتب على الطائع كتاب بخلع نفسه، وأنه سلم الأمر إلى القادر بالله، فتشغبت الجند يطلبون رسم البيعة، وترددت الرسل بينهم وبين بهاء الدولة، ومنعوا الخطبة باسم القادر، ثم أرضوهم وسكنوا، وأقيمت الخطبة للقادر في الجمعة الآتية، والقادر هذا ابن عم الطائع المخلوع.

وهو أبو العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن الخليفة جعفر المقتدر، ولما حمل الطائع إلى دار بهاء الدولة أشهد عليه بالخلع، وكان مدة خلافته سبع عشرة سنة وثمانية شهور وستة أيام، وحمل إلى القادر بالله لما ولي الخلافة، فبقي عنده إلى أن توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، ليلة الفطر، وصلى عليه القادر بالله، وكبر عليه خمسا.


هو الأمير الكبير, قائد الجيوش, أبو الحسن جوهر بن عبد الله الرومي الصقلي، قائد المعز الفاطمي, من نجباء الموالي.

كان عالي الهمة, نافذ الأمر.

فتح مصر للفاطميين فأنهى الحكم الإخشيدي عليها لما تهيأ له أخذ البلاد بمكاتبة من أمراء مصر, عندما قلت عليهم الأموال, اختط القاهرة في الليلة التي دخل فيها مصر, والجامع الأزهر، كل ذلك قبل مجيء المعز الفاطمي إليها، ثم لما تملك العزيز أرسله إلى فتح دمشق، لكنه انسحب لاستنجادهم بالقرامطة، فعزل عن القيادة إلى أن توفي.

قال الذهبي: "كان جوهر حسن السيرة في الرعايا, عاقلا أديبا, شجاعا مهيبا, لكنه على نحلة بني عبيد، التي ظاهرها الرفض, وباطنها الانحلال.

وعموم جيوشهم من البربر، وأهل زعارة وشر لا سيما من تزندق منهم, فكانوا في معنى الكفرة, فكم ذاق المسلمون منهم من القتل والنهب وسبي الحريم، ولا سيما في أوائل دولتهم, حتى إن أهل صور استنجدوا بنصارى الروم لما لحقهم من المغاربة من الظلم والجور وأخذ الحريم من الحمامات والطرق أمر كبير"، فقاموا عليهم, وقتلوا فيهم فهربوا.

توفي جوهر في هذه السنة في القاهرة، ودفن في الجامع الأزهر.


كان أبو الحسن بن المعلم وزير بهاء الدولة البويهي, قد استولى على الأمور كلها، وخدمه الناس كلهم، حتى الوزراء، فمنع أهل الكرخ وباب الطاق من النوح يوم عاشوراء، ومن تعليق المسوح، الذي كان يعمل به من نحو ثلاثين سنة، وكان المقرب من قربه، والمبعد من بعده، فثقل على الأمراء أمره، ولم يراعهم هو، فأجابهم السلطان، فشغب الجند في هذا الوقت، وشكوا منه، وطلبوا منه تسليمه إليهم، فراجعهم بهاء الدولة، ووعدهم كف يده عنهم، فلم يقبلوا منه، فقبض عليه وعلى جميع أصحابه، فظن أن الجند يرجعون، فلم يرجعوا، فسلمه إليهم، فسقوه السم مرتين، فلم يعمل فيه شيئا، فخنقوه ودفنوه، وكان هذا الوزير قد أبطل ما كان يفعله الرافضة يوم عاشوراء ومنعهم من القيام بتلك البدع.


نزل ملك الروم بأرمينية، وحصر خلاط، وملاذكرد، وأرجيش، فضعفت نفوس الناس عنه، ثم هادنه أبو علي الحسن بن مروان مدة عشر سنين، وعاد ملك الروم.


سار شهاب الدولة هارون بن سليمان إيلك- المعروف ببغراخان التركي- ملك الترك، بعساكره إلى بخارى، فسير الأمير نوح بن منصور جيشا كثيرا، ولقيهم إيلك وهزمهم، فعادوا إلى بخارى، وهو في أثرهم، فخرج نوح بنفسه وسائر عسكره، ولقيه فاقتتلوا قتالا شديدا وأجلت المعركة عن هزيمة إيلك فعاد منهزما إلى بلاساغون، وهي كرسي مملكته.


ابتاع أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن بويه دارا بالكرخ وجدد عمارتها، ونقل إليها كتبا كثيرة، ووقفها على الفقهاء، وسماها دار العلم، فكانت أول مدرسة وقفت على الفقهاء، وكانت قبل النظامية بمدة طويلة.


ملك مدينة بخارى شهاب الدولة هارون بن سليمان إيلك المعروف ببغراخان التركي، وكان له كاشغر وبلاساغون إلى حد الصين، وكان سبب ذلك أن أبا الحسن بن سيمجور لما مات وولي ابنه أبو علي خراسان بعده، فسار نحو بخارى، وقصد بلاد السامانية، فاستولى عليها شيئا بعد شيء، فسير إليه نوح جيشا كبيرا، واستعمل عليهم قائدا كبيرا من قواده اسمه انج، فلقيهم بغراخان، فهزمهم وأسر انج وجماعة من القواد، فلما ظفر بهم قوي طمعه في البلاد وسار بغراخان نحو بخارى، فلقيه فائق، واختص به، وصار في جملته، ونازلوا بخارى، فاختفى الأمير نوح وملكها بغراخان، ولما نزل بغراخان بخارى وأقام بها استوخمها، فلحقه مرض ثقيل، فانتقل عنها نحو بلاد الترك، فلما فارقها ثار أهلها بعسكره ففتكوا بهم وغنموا أموالهم، ووافقهم الأتراك الغزية على النهب والقتل لعسكر بغراخان، فلما سار بغراخان عن بخارى أدركه أجله فمات، ولما سمع الأمير نوح بمسيره عن بخارى بادر إليها فيمن معه من أصحابه، فدخلها وعاد إلى دار ملكه وملك آبائه، وفرح أهلها به وتباشروا بقدومه.


عظم خطب العيارين، وعاثوا ببغداد فسادا، وأخذوا الأموال والعملات الثقال ليلا ونهارا، وحرقوا مواضع كثيرة، وأخذوا من الأسواق الجبايات، وتطلبهم الشرط، فلم يفد ذلك شيئا ولا فكروا في الدولة، بل استمروا على ما هم عليه من أخذ الأموال، وقتل الرجال، وإرعاب النساء والأطفال، في سائر المحال، فلما تفاقم الحال بهم تطلبهم السلطان بهاء الدولة وألح في طلبهم فهربوا بين يديه واستراح الناس من شرهم.


رجع ركب العراق أثناء طريقهم للحج بعدما فاتهم الحج، وذلك أن الأصيفر الأعرابي الذي كان قد تكفل بحراستهم اعترض لهم في الطريق وذكر لهم أن الدنانير التي أقطعت له من دار الخلافة كانت دراهم مطلية، وأنه يريد من الحجيج بدلها، وإلا لا يدعهم يتجاوزون هذا المكان، فمانعوه وراجعوه، فحبسهم عن السير حتى ضاق الوقت ولم يبق فيه ما يدركون فيه الحج، فرجعوا إلى بلادهم، ولم يحج منهم أحد، وكذلك ركب الشام وأهل اليمن لم يحج منهم أحد هذا العام، وإنما حج أهل مصر والمغرب خاصة.


هو أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن عباس بن عباد بن أحمد بن إدريس الطالقاني الوزير المشهور بكافي الكفاة، وزر لمؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه.

هو أول من سمي بالصاحب؛ لأنه صحب مؤيد الدولة من الصبا، وسماه الصاحب، فغلب عليه، ثم سمي به كل من ولي الوزارة بعده، وقيل: لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد، فقيل له صاحب ابن العميد، ثم خفف فقيل: الصاحب.

أصله من الطالقان، وكان نادرة دهره وأعجوبة عصره في الفضائل والمكارم.

أخذ الأدب عن الوزير أبي الفضل بن العميد، وأبي الحسين أحمد بن فارس.

وقد كان من العلم والفضيلة والبراعة والكرم والإحسان إلى العلماء والفقراء على جانب عظيم، وكان صاحب دعابة وطرفة في ردوده وتعليقاته.

لما توفي مؤيد الدولة بويه بجرجان في سنة 373، ولي بعده أخوه فخر الدولة أبو الحسن، فأقره على الوزارة، وبالغ في تعظيمه.

قال الذهبي: "بقي في الوزارة ثمانية عشر عاما، وفتح خمسين قلعة، وسلمها إلى فخر الدولة، لم يجتمع عشرة منها لأبيه.

وكان الصاحب عالما بفنون كثيرة من العلم، لم يدانه في ذاك وزير، وكان أفضل وزراء دولة بني بويه الديلمة، وأغزرهم علما، وأوسعهم أدبا، وأوفرهم محاسن".

سمع الحديث من المشايخ الجياد العوالي الإسناد، وعقد له في وقت مجلس للإملاء فاحتفل الناس لحضوره، وحضره وجوه الأمراء، فلما خرج إليهم لبس زي الفقهاء وأشهد على نفسه بالتوبة والإنابة مما يعاينه من أمور السلطان، وذكر للناس أنه كان يأكل من حين نشأ إلى يومه هذا من أموال أبيه وجده مما ورثه منهم، ولكن كان يخالط السلطان، وهو تائب مما يمارسونه، واتخذ بناء في داره سماه بيت التوبة، ووضع العلماء خطوطهم بصحة توبته، وحين حدث استملى عليه جماعة لكثرة مجلسه، توفي بالري وله نحو ستين سنة، ونقل إلى أصبهان، وله كتاب المحيط في اللغة.

قال عنه الذهبي: "كان شيعيا جلدا كآل بويه، وما أظنه يسب، لكنه معتزلي، قيل: إنه نال من البخاري، وقال: هو حشوي لا يعول عليه"  .


سير المنصور محمد بن أبي عامر عسكرا إلى بلاد الفرنج للغزو، فنالوا منهم وغنموا، وأوغلوا في ديارهم، وأسروا غرسية، وهو ملك للفرنج بن ملك من ملوكهم يقال له شانجة، وكان من أعظم ملوكهم وأمنعهم.


هو الإمام الحافظ المجود, شيخ الإسلام, علم الجهابذة, أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن دينار بن عبد الله الدارقطني، الحافظ الكبير، المقرئ المحدث, كان عالما حافظا فقيها على مذهب الإمام الشافعي.

أخذ الفقه عن أبي سعيد الاصطخري الفقيه الشافعي.

كانت ولادته في ذي القعدة سنة 306.

والدارقطني بفتح الدال المهملة وبعد الألف راء مفتوحة ثم قاف مضمومة نسبة إلى دار قطن محلة كبيرة ببغداد.

كان من بحور العلم, ومن أئمة الدنيا, انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ورجاله, مع التقدم في القراءات وطرقها, وقوة المشاركة في الفقه والاختلاف والمغازي وأيام الناس, وغير ذلك.

أستاذ الصناعة في علم الحديث والعلل، سمع الكثير، وجمع وصنف وألف وأجاد وأفاد، وأحسن النظر والتعليل والانتقاد والاعتقاد، وكان فريد عصره، ونسيج وحده، وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل، والجرح والتعديل، وحسن التصنيف والتأليف، والاطلاع التام في الدراية، له كتابه المشهور: (السنن) من أحسن المصنفات في بابه، وله كتاب العلل بين فيه الصواب من الدخل، والمتصل من المرسل، والمنقطع والمعضل، وكتاب الأفراد، وله غير ذلك من المصنفات، وكان من صغره موصوفا بالحفظ الباهر، والفهم الثاقب، والبحر الزاخر، وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: "لم ير الدارقطني مثل نفسه"، وقد اجتمع له مع معرفة الحديث العلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر، مع الإمامة والعدالة، وصحة اعتقاد.

قال أبو بكر البرقاني: كان الدارقطني يملي علي العلل من حفظه.

قلت- والكلام للذهبي-: إن كان كتاب "العلل" الموجود قد أملاه الدارقطني من حفظه كما دلت عليه هذه الحكاية, فهذا أمر عظيم يقضى به للدارقطني أنه أحفظ أهل الدنيا، وإن كان قد أملى بعضه من حفظه, فهذا ممكن، وقد جمع قبله كتاب " العلل " علي بن المديني حافظ زمانه".

وقد كانت وفاته في يوم الثلاثاء السابع من ذي القعدة، وله من العمر سبع وسبعون سنة ويومان، ودفن من الغد بمقبرة باب الدير قريبا من قبر معروف الكرخي- رحمهما الله.


قام زيري بن عطية بالخروج على المنصور بن أبي عامر الأندلسي، فجهز المنصور ابن أبي عامر جيشا كبيرا بقيادة غلامه واضح، وضم له قبائل صنهاجة المعادية لزيري، فاقتتل في واد بقرب طنجة وانتهى القتال باحتلال مدينة فاس وهزيمة زيري الذي هرب ولجأ إلى بلاد صنهاجة بالمغرب الأقصى حتى توفي فيها.