Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
خرج المتوكل من العراق قاصدا دمشق فأدركه الأضحى في الطريق ولم يصل دمشق إلا في أول هذه السنة، فدخل الخليفة المتوكل إلى مدينة دمشق في أبهة الخلافة، وكان يوما مشهودا، وكان عازما على الإقامة بها، وأمر بنقل دواوين الملك إليها، وأمر ببناء القصور بها، فبنيت بطريق داريا، فأقام بها مدة، ثم إنه استوخمها ورأى أن هواءها بارد ندي وماءها ثقيل بالنسبة إلى هواء العراق ومائها، ورأى الهواء بها يتحرك من بعد الزوال في زمن الصيف، فلا يزال في اشتداد وغبار إلى قريب من ثلث الليل، ورأى كثرة البراغيث بها، ودخل عليه فصل الشتاء فرأى من كثرة الأمطار والثلوج أمرا عجيبا، وغلت الأسعار وهو بها؛ لكثرة الخلق الذين معه، وانقطعت الأجلاب بسبب كثرة الأمطار والثلوج، فضجر منها، ثم رجع من آخر السنة إلى سامرا بعد ما أقام بدمشق شهرين وعشرة أيام، ففرح به أهل بغداد فرحا شديدا.
فتح المسلمون مدينة قصريانة، وهي المدينة التي بها دار الملك بصقلية، وكان الملك قبلها يسكن سرقوسة، فلما ملك المسلمون بعض الجزيرة نقل دار الملك إلى قصريانة لحصانتها.
وسبب فتحها أن العباس بن الفضل- أمير صقلية- سار في جيوش المسلمين إلى مدينة قصريانة، وسرقوسة، وسير جيشا في البحر، فلقيهم أربعون شلندي للروم، فاقتتلوا أشد قتال، فانهزم الروم، وأخذ منهم المسلمون عشر شلنديات برجالها، وعاد العباس بن الفضل إلى مدينته.
فلما كان الشتاء سير سرية، فبلغت قصريانة، فنهبوا وخربوا، وعادوا ومعهم رجل كان له عند الروم قدر ومنزلة، فأمر العباس بقتله، فقال: استبقني، ولك عندي نصيحة، قال: وما هي؟ قال: أملكك قصريانة، والطريق في ذلك أن القوم في هذا الشتاء وهذه الثلوج آمنون من قصدكم إليهم، فهم غير محترسين، ترسل معي طائفة من عسكركم حتى أدخلكم المدينة.
فانتخب العباس ألفي فارس أنجاد أبطال، وسار إلى أن قاربها، وكمن هناك مستترا وسير عمه رباحا في شجعانهم، فساروا مستخفين في الليل، فنصبوا السلاليم، وصعدوا الجبل، ثم وصلوا إلى سور المدينة، قريبا من الصبح، والحرس نيام، فدخلوا من نحو باب صغير فيه، فدخل المسلمون كلهم، فوضعوا السيف في الروم، وفتحوا الأبواب.
وجاء العباس في باقي العسكر، فدخلوا المدينة وصلوا الصبح يوم الخميس منتصف شوال، وبنى فيها في الحال مسجدا ونصب فيه منبرا وخطب فيه يوم الجمعة، وقتل من وجد فيها من المقاتلة، وأخذوا ما فيها من بنات البطارقة بحليهن، وأبناء الملوك، وأصابوا فيها ما يعجز الوصف عنه، وذل الشرك يومئذ بصقلية ذلا عظيما.
ولما سمع الروم أرسل ملكهم بطريقا من القسطنطينية في ثلاثمائة شلندي وعسكر كثير، فوصلوا إلى سرقوسة، فخرج إليهم العباس من المدينة، ولقي الروم وقاتلهم، فهزمهم، فركبوا في مراكبهم هاربين، وغنم المسلمون منهم مائة شلندي، وكثر القتل فيهم، ولم يصب من المسلمين ذلك اليوم غير ثلاثة نفر بالنشاب.
كانت رأس الخيمة قد أعلنت ولاءها للدولة السعودية الأولى، ولجأ إليها عدد من الذين فروا من الدرعية بعد استسلام الإمام عبد الله بن سعود، وجدد أهل رأس الخيمة ولاءهم لتركي بن عبد الله، حيث قدم إليه وفد منهم يطالبون بقاض ومعلم وسرية، فأرسل معهم سرية بقيادة عمر بن عفيصان لحمايتهم من خصومهم، ومعه قاض هو الشيخ محمد بن عبد العزيز العوسجي قاضي بلدان المحمل زمن الإمام سعود، وأصبحت واحة البريمي مركزا للقوة السعودية في تلك الجهات.
هو الإمام العلامة الشيخ عبد العزيز بن الشيخ الإمام حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر من آل معمر أهل العيينة، وهم من بين سعد بن زيد مناة بن تميم، ولد في الدرعية مركز الحركة العلمية في ذلك الحين سنة 1203هـ ونشأ في وسط العلماء العاملين الذين كانت تزخر بهم الدرعية ونجد في ذلك الزمن، فكان من شيوخه والده الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، والشيخ الإمام عبد الله ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، والشيخ العلامة المؤرخ أبو بكر حسين بن غنام، والشيخ أحمد بن حسين بن رشيد بن عفالق الحنبلي نزيل الدرعية، وغيرهم من العلماء، فمهر في جميع العلوم والفنون فصار عالما محققا وفقيها متبحرا، له اليد الطولى والباع الواسع في التصنيف والتأليف ونشر العلم وتخريج الكثير من الطلاب، والرد على المعارضين، وله عدة مصنفات وفتاوى ورسائل وأشعار، ومن أشهر مصنفاته وأجلها الكتاب المسمى: منحة القريب العجيب في الرد على عباد الصليب، ومن مصنفاته أيضا: اختصار نظم ابن عبد القوي للمقنع.
أخذ عنه العلم وانتفع به كثير من العلماء، وفي زمنه جرى على الديار النجدية والدولة السعودية ما جرى من التقتيل والتخريب، فدمرت الدرعية وتشتت علماؤها وقادة الدعوة الذين كانوا بها؛ أخرجهم إبراهيم باشا من أوطانهم ونفاهم إلى مصر، وفر الشيخ عبد العزيز بن معمر من الدرعية إلى البحرين، وكان لا يزال شابا في العقد الثالث من عمره، فأقام بها ولم تنقطع صلته بآل الشيخ الذين نقلوا إلى مصر، فكان يكاتب الشيخ عبد الرحمن بن حسن بأشعار يتوجع فيها على ما حل بنجد من الدمار والخراب.
أرسل شيخ البحرين عبد الله بن خليفة عليه شبهة كتبها قسيس نصراني إنجليزي عجز عن الرد عليها علماء البحرين والأحساء، فتناوله الشيخ عبد العزيز وأمعن النظر فيه وقال: تأخذون مني دحض هذه الشبهة بعد شهر إن شاء الله تعالى، فلبث شهرا وأتم الرد وبعث به إلى الأمير وفرح به أشد الفرح، ودعي القسيس الإنكليزي وأعطاه الرد، فلما طالعه عجب له واندهش جدا لما كان يظنه من عجز علماء البحرين، وقال: هذا الرد لا يكون من هنا وإنما يكون من البحر النجدي، فقال له الأمير: نعم، إنه أحد طلبة العلم النجديين.
أقام الشيخ عبد العزيز في البحرين حتى توفي فيها.