التفريح بذكر التسبيح


الحلقة مفرغة

الصدقة كل ما يبذله المؤمن من مال، فهي برهان على صدق الإيمان، وهي قسمان: واجبة وهي الزكاة المفروضة في المال والزروع والثمار والتجارات والأنعام، ومستحبة وهي غير السابق ذكرها، والصدقة تنمى حتى تكون أكبر من جبل أحد، وجاء في السنة أن الصدقة تدفع البلاء والمرض سواء كان المرض حسياً أو معنوياً كالشح والمعاصي، وكتمان الصدقة خير من إظهارها، وقول معروف خير من صدقة يتبعها أذى.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فحديثنا في هذه الليلة -أيها الإخوة- بعنوان: التفريح بذكر التسبيح.

التسبيح عبادةٌ عظيمة لله سبحانه وتعالى، نسبح الله تعالى بكرةً وأصيلاً، نسبح الله في الصباح والمساء، نسبح الله في الصلوات؛ في ركوعنا وسجودنا، نسبح الله في افتتاحنا لصلواتنا.

هذه العبادة ما معناها؟

ما هي المواضع التي يذكر فيها التسبيح؟

وما فضل التسبيح؟ إلى أمورٍ أخرى نتعرف عليها بمشيئة الله تعالى في مرورنا على هذه العبادة العظيمة من الأذكار التي يذكر بها المسلم ربه.

معاني التسبيح

أما معناه أيها الإخوة! فإن التسبيح: هو التنزيه فإذا سبحت الله أي: نزهته عن جميع النقائص والعيوب.. تسبح الله سبحانه وتعالى، أي: أن تبرئ ربك من كل عيب، وأن تشهد له بالكمال، وإذا حمدته فأنت تثني عليه، فيكتمل التسبيح بالتحميد، تمجيد الله عز وجل، لأنك تثبت له الكمال من جهة، وتنفي عنه النقص من جهةٍ أخرى، ولذلك كان من أعظم الأذكار: سبحان الله وبحمده: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم:17].

وقد يكون التسبيح بمعنى الصلاة كما أنه قد جاء في صلاة السبحة (سبحة الضحى) وهي: النافلة تسمى بالتسبيح، لأنها تشتمل على التسبيح، وكذلك فإن هذا التسبيح هو من رءوس الأذكار، فإن ذكر الله تعالى منه ما يكون تسبيحاً، ومنه ما يكون تهليلاً، ومنه ما يكون تحميداً منه ما يكون تكبيراً، وكل هذا من أنواع الثناء على الله عز وجل، والتسبيح تبريكٌ وتقديسٌ وتطهيرٌ، والتسبيح من حكمته استحضار العبد عظمة الخالق، ليمتلئ قلبه هيبةً فيخشع له سبحانه وتعالى، هذا التسبيح مطلوبٌ عقله بالقلب والتفكر فيه، وأننا إذا قلنا سبحان الله، فإن هذه ليست كلمة تقال باللسان دون أن نعرف معناها، بل نستحضر المعنى إذا عرفناها، إن التسبيح عبادةٌ لو كانت على طهارة فهي طيبة، ويجوز أن تكون على غير طهارةٍ قائماً وقاعداً ومضطجعاً: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191].

التسبيح داخل في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) وسواء كان تسبيحاً أو غيره، ويندب للمسلم أن يسبح الله سبحانه وتعالى بصوتٍ خافت على وجه العموم: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [الإسراء:110].. وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ [الأعراف:205].

وأما دبر الصلوات فقد ذهب عددٌ من أهل العلم إلى مشروعية الجهر به؛ لأن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قد أخبر أن الجهر بالذكر عقب المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا التسبيح إذا عقله الإنسان، فإنه يعقل أموراً كثيرةً منها:

بعض المخلوقات التي تسبح الله

أن يعرف أنه ليس مختصاً بهذا الذكر، فإن هناك مخلوقات تسبح الله سبحانه وتعالى، ألم يأتك خبر تسبيح الملائكة، لقد روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه : عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (أخبرني رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار؛ بينما هم جلوس ليلةً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بنجمٍ فاستنار، -أضاء النجم في السماء لما رمي به- فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا: كنا نقول: ولد الليلة رجلٌ عظيم، ومات رجلٌ عظيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال، قال: فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا) كلما أمر سبحانه بأمرٍ سبحت الملائكة على طبقاتها؛ حملة العرش ويليهم أهل السماوات السبع، حتى ينتهي التسبيح إلى الملائكة الذين في السماء الدنيا، إن السماوات ممتلئة بالملائكة ليس فيها موضع شبرٍ أو أربع أصابع إلا وفيه ملكٌ قائم راكعٌ أو ساجد (أطت السماء وحق لها أن تئط) لقد اهتزت واضطربت بعبادة الملائكة فيها، فهؤلاء الملائكة يسبحون الله سبحانه وتعالى.

- وكذلك الجبال والطير تسبح، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى بقوله عز وجل: وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [النور:41].. وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء:44] فهي تسبح الله عز وجل وقال تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الإسراء:44] كل شيءٍ حتى الجمادات تسبح بحمد الله تعالى، وهذه الجبال لما كان داود عليه السلام يقرأ في الزبور ما تملك الجبال إلا أن تسبح معه من جمال صوته عليه السلام، ولذلك قال المفسرون في قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ [سبأ:10] قال مجاهد : [سبحي معه].

ومن الجمادات التي سبحت: الطعام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا نعد الأيادي بركة وأنتم تعدونها تخوفيا، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقل الماء فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاءوا بإناءٍ فيه ماءٌ قليلٌ فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك، والبركة من الله) فلذلك لا يجوز أن يقال: بارك لنا يا فلان، أو تباركت علينا يا فلان، مصدر البركة من الله وليست من المخلوق، والله يبارك من خلقه ما يشاء، فجعل النبي مباركاً، وجعل ماء زمزم مباركاً، ويجعل البركة فيما يشاء سبحانه وتعالى.

وقال ابن مسعود: (فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل بين يدي النبي صلى الله عليه وسل) فالصحابة كان يسمعون بآذانهم تسبيح الطعام وهو يؤكل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

وأكرم وأعظم تسبيح هو تسبيح أهل الجنة.

أهل الجنة يسبحون الله عز وجل، وتسبيحهم لله سبحانه وتعالى ليس بتعبٍ ولا بنصب؛ لأنهم يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس كما قال عليه الصلاة والسلام: ((إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون ولا يبولون، ولا يتغوطون ولا يمتخطون، قالوا: فما بال الطعام؟ أين يذهب إذا أكله أهل الجنة؟ قال: جشاءٌ ورشحٌ كرشح المسك) فضلات الطعام من أجسادهم تترشح، ولكن رشحٌ ليس كعرقنا برائحة كريهة، إنما هو رشحٌ كرشح المسك، فيضمر بطن أحدهم، فيعود ويأكل، ويرشح كرشح المسك، ويضمر بطنه ويأكل، وهكذا في أكلٍ مستمر ولذةٍ مستمرة.

قال عليه الصلاة والسلام في الحديث: (يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس) رواه مسلم ، هل نتعب إذا تنفسنا نحن، إننا نتنفس بطريقةٍ آلية بدون كلفةٍ أو مشقة وهكذا يلهم أهل الجنة التسبيح، يسبحون باستمرار ولا يتعبهم ذلك التسبيح.

فضل التسبيح وأجره ومنزلته

التسبيح -أيها الإخوة- منزلته عظيمة وأجره جزيل وفضله كبير.

وقد جاء عن أبي مالكٍ الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (التسبيح والتكبير يملأ السماوات والأرض) وقال: (الحمد لله تملأ الميزان) وكذلك قال (إن التسبيح والتكبير يملأ السماوات والأرض) روى ذلك النسائي رحمه الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهو صدقةٌ من الصدقات كما قال عليه الصلاة والسلام: (يصبح على كل سلامى في كل يوم صدقة) كل عظم أو كل مفصل من المفاصل عليه صدقة، لشكر نعمة المفاصل، كيف نتحرك وكيف نقرب وكيف ننبسط إلا بهذه المفاصل، في الإنسان ثلاثمائة وستون، كل واحد عليه شكر نعمة، كل سلامى من أحدكم في كل يومٍ صدقة، فمن أين تأتي بثلاثمائة وستين صدقة؟ قال: (فله بكل صلاةٍ صدقة، وصيامٍ صدقة، وحجٍ صدقة، وتسبيحٍ صدقة) الحديث رواه أبو داود وهو حديثٌ صحيح.

وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن أجر التسبيح فقال الحديث الذي رواه أحمد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي عبد الله مولى جهينة قال: سمعتُ مصعب بن سعد يحدث عن سعد ، وهؤلاء كلهم ثقات، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة؟! قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: يسبح مائة تسبيحه فيكتب له ألف حسنةٍ وتمحى عنه ألف سيئةٍ).

إذاً مائة تسبيحه في اليوم، مائة تسبيحة يومياً يسردها كلها في نفس الوقت أو يجزئها على أوقات أو غير ذلك، وهي سهلة، قد تحتاج منك عشر دقائق أو ربع ساعة، دقائق قليلة تكسب فيها ألف حسنة، وليس فقط هذا، وإنما تمحى عنك ألف سيئةً أيضاً، والله ذو الفضل العظيم.

أما معناه أيها الإخوة! فإن التسبيح: هو التنزيه فإذا سبحت الله أي: نزهته عن جميع النقائص والعيوب.. تسبح الله سبحانه وتعالى، أي: أن تبرئ ربك من كل عيب، وأن تشهد له بالكمال، وإذا حمدته فأنت تثني عليه، فيكتمل التسبيح بالتحميد، تمجيد الله عز وجل، لأنك تثبت له الكمال من جهة، وتنفي عنه النقص من جهةٍ أخرى، ولذلك كان من أعظم الأذكار: سبحان الله وبحمده: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم:17].

وقد يكون التسبيح بمعنى الصلاة كما أنه قد جاء في صلاة السبحة (سبحة الضحى) وهي: النافلة تسمى بالتسبيح، لأنها تشتمل على التسبيح، وكذلك فإن هذا التسبيح هو من رءوس الأذكار، فإن ذكر الله تعالى منه ما يكون تسبيحاً، ومنه ما يكون تهليلاً، ومنه ما يكون تحميداً منه ما يكون تكبيراً، وكل هذا من أنواع الثناء على الله عز وجل، والتسبيح تبريكٌ وتقديسٌ وتطهيرٌ، والتسبيح من حكمته استحضار العبد عظمة الخالق، ليمتلئ قلبه هيبةً فيخشع له سبحانه وتعالى، هذا التسبيح مطلوبٌ عقله بالقلب والتفكر فيه، وأننا إذا قلنا سبحان الله، فإن هذه ليست كلمة تقال باللسان دون أن نعرف معناها، بل نستحضر المعنى إذا عرفناها، إن التسبيح عبادةٌ لو كانت على طهارة فهي طيبة، ويجوز أن تكون على غير طهارةٍ قائماً وقاعداً ومضطجعاً: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191].

التسبيح داخل في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) وسواء كان تسبيحاً أو غيره، ويندب للمسلم أن يسبح الله سبحانه وتعالى بصوتٍ خافت على وجه العموم: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [الإسراء:110].. وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ [الأعراف:205].

وأما دبر الصلوات فقد ذهب عددٌ من أهل العلم إلى مشروعية الجهر به؛ لأن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قد أخبر أن الجهر بالذكر عقب المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا التسبيح إذا عقله الإنسان، فإنه يعقل أموراً كثيرةً منها:

أن يعرف أنه ليس مختصاً بهذا الذكر، فإن هناك مخلوقات تسبح الله سبحانه وتعالى، ألم يأتك خبر تسبيح الملائكة، لقد روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه : عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (أخبرني رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار؛ بينما هم جلوس ليلةً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بنجمٍ فاستنار، -أضاء النجم في السماء لما رمي به- فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا: كنا نقول: ولد الليلة رجلٌ عظيم، ومات رجلٌ عظيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال، قال: فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا) كلما أمر سبحانه بأمرٍ سبحت الملائكة على طبقاتها؛ حملة العرش ويليهم أهل السماوات السبع، حتى ينتهي التسبيح إلى الملائكة الذين في السماء الدنيا، إن السماوات ممتلئة بالملائكة ليس فيها موضع شبرٍ أو أربع أصابع إلا وفيه ملكٌ قائم راكعٌ أو ساجد (أطت السماء وحق لها أن تئط) لقد اهتزت واضطربت بعبادة الملائكة فيها، فهؤلاء الملائكة يسبحون الله سبحانه وتعالى.

- وكذلك الجبال والطير تسبح، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى بقوله عز وجل: وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [النور:41].. وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء:44] فهي تسبح الله عز وجل وقال تعالى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الإسراء:44] كل شيءٍ حتى الجمادات تسبح بحمد الله تعالى، وهذه الجبال لما كان داود عليه السلام يقرأ في الزبور ما تملك الجبال إلا أن تسبح معه من جمال صوته عليه السلام، ولذلك قال المفسرون في قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ [سبأ:10] قال مجاهد : [سبحي معه].

ومن الجمادات التي سبحت: الطعام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا نعد الأيادي بركة وأنتم تعدونها تخوفيا، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقل الماء فقال: اطلبوا فضلة من ماء، فجاءوا بإناءٍ فيه ماءٌ قليلٌ فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك، والبركة من الله) فلذلك لا يجوز أن يقال: بارك لنا يا فلان، أو تباركت علينا يا فلان، مصدر البركة من الله وليست من المخلوق، والله يبارك من خلقه ما يشاء، فجعل النبي مباركاً، وجعل ماء زمزم مباركاً، ويجعل البركة فيما يشاء سبحانه وتعالى.

وقال ابن مسعود: (فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل بين يدي النبي صلى الله عليه وسل) فالصحابة كان يسمعون بآذانهم تسبيح الطعام وهو يؤكل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.

وأكرم وأعظم تسبيح هو تسبيح أهل الجنة.

أهل الجنة يسبحون الله عز وجل، وتسبيحهم لله سبحانه وتعالى ليس بتعبٍ ولا بنصب؛ لأنهم يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس كما قال عليه الصلاة والسلام: ((إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون ولا يبولون، ولا يتغوطون ولا يمتخطون، قالوا: فما بال الطعام؟ أين يذهب إذا أكله أهل الجنة؟ قال: جشاءٌ ورشحٌ كرشح المسك) فضلات الطعام من أجسادهم تترشح، ولكن رشحٌ ليس كعرقنا برائحة كريهة، إنما هو رشحٌ كرشح المسك، فيضمر بطن أحدهم، فيعود ويأكل، ويرشح كرشح المسك، ويضمر بطنه ويأكل، وهكذا في أكلٍ مستمر ولذةٍ مستمرة.

قال عليه الصلاة والسلام في الحديث: (يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس) رواه مسلم ، هل نتعب إذا تنفسنا نحن، إننا نتنفس بطريقةٍ آلية بدون كلفةٍ أو مشقة وهكذا يلهم أهل الجنة التسبيح، يسبحون باستمرار ولا يتعبهم ذلك التسبيح.

التسبيح -أيها الإخوة- منزلته عظيمة وأجره جزيل وفضله كبير.

وقد جاء عن أبي مالكٍ الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (التسبيح والتكبير يملأ السماوات والأرض) وقال: (الحمد لله تملأ الميزان) وكذلك قال (إن التسبيح والتكبير يملأ السماوات والأرض) روى ذلك النسائي رحمه الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهو صدقةٌ من الصدقات كما قال عليه الصلاة والسلام: (يصبح على كل سلامى في كل يوم صدقة) كل عظم أو كل مفصل من المفاصل عليه صدقة، لشكر نعمة المفاصل، كيف نتحرك وكيف نقرب وكيف ننبسط إلا بهذه المفاصل، في الإنسان ثلاثمائة وستون، كل واحد عليه شكر نعمة، كل سلامى من أحدكم في كل يومٍ صدقة، فمن أين تأتي بثلاثمائة وستين صدقة؟ قال: (فله بكل صلاةٍ صدقة، وصيامٍ صدقة، وحجٍ صدقة، وتسبيحٍ صدقة) الحديث رواه أبو داود وهو حديثٌ صحيح.

وقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن أجر التسبيح فقال الحديث الذي رواه أحمد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي عبد الله مولى جهينة قال: سمعتُ مصعب بن سعد يحدث عن سعد ، وهؤلاء كلهم ثقات، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة؟! قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: يسبح مائة تسبيحه فيكتب له ألف حسنةٍ وتمحى عنه ألف سيئةٍ).

إذاً مائة تسبيحه في اليوم، مائة تسبيحة يومياً يسردها كلها في نفس الوقت أو يجزئها على أوقات أو غير ذلك، وهي سهلة، قد تحتاج منك عشر دقائق أو ربع ساعة، دقائق قليلة تكسب فيها ألف حسنة، وليس فقط هذا، وإنما تمحى عنك ألف سيئةً أيضاً، والله ذو الفضل العظيم.

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح الله في صلاته، وإذا أردنا أن نعرف عدد المرات التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يسبح فيها في ركوعه وسجوده فإن أقرب حديثٍ ينبئنا عن ذلك حديث سعيد بن جبير : قال: (سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليتٌ وراء أحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى -يعني: عمر بن عبد العزيز- قال: فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات) رواه النسائي رحمه الله فيه.

هذا الحديث هو الحديث الذي فيه ذكر عدد التسبيحات النبوية في الركوع والسجود، كان عليه الصلاة والسلام -نحن نعلم أن الواحدة واجبة والثلاث أفضل- يسبح عشر تسبيحات في الركوع وعشر تسبيحات في السجود.

وكان عليه الصلاة والسلام يسبح في صلاته إذا قرأ القرآن وخصوصاً في قيام الليل كما جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه قال: (صليتٌ مع النبي عليه الصلاة والسلام ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلتُ: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً فإذا مر بآية فيها تسبيحٌ سبح، وإذا مر بسؤالٍ سأل، وإذا مر بتعوذٍ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى فكان سجوده قريباً من قيامه) وهكذا كان عليه الصلاة والسلام طويل التسبيح في صلاته، وفي ركوعه وسجوده، وفي قيامه إذا قرأ في صلاة الليل ومر بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبح الله عز وجل، توقف عن القراءة وصار يسبح الله سبحانه وتعالى.

التسبيح في الصلاة المفروضة وبعدها

لقد جاءت -أيها الإخوة- السنة بأن التسبيح في افتتاح الصلاة وأثناء القراءة في قيام الليل، وفي الركوع والسجود، وإذا انتهى من الصلاة فإنه يسبح الله ثلاثاً وثلاثين كما جاء ذلك في حديثٍ صحيح، يقول عليه الصلاة والسلام ((من سبح الله في دبر كل صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على شيءٍ قدير؛ غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر).

فإذاً في أول الصلاة: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وبعد نهاية الصلاة أول ذكر من الأذكار: سبحان الله، يبدأ به، ثلاثاً وثلاثين.

التسبيح في الصباح والمساء

لقد جاءت السنة أيضاً بتسبيح الله سبحانه وتعالى في الصباح والمساء كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به، إلا أحدٌ قال مثلما قال أو زاد عليه) رواه مسلمٌ رحمه الله تعالى.

وكذلك فإن التسبيح في الصباح والمساء مما ورد في القرآن: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى [طه:130] وكما مر معنا يطلق التسبيح على الصلاة.

التسبيح في السفر

لقد ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كانوا إذا نزلوا في السفر -في منخفضٍ من الأرض- سبحوا الله تعالى: (كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا) وقد أشار ابن القيم رحمه الله وغيره إلى مناسبة هذا التسبيح، وهو أن الإنسان إذا نزل في منخفض فإنه يتذكر أن ينزه الله تعالى عن السفول وعن المواطن المنخفضة، وعن كل نقصٍ وعيبٍ، ويقدس ربه بهذا التسبيح، فإذا نزل قال: سبحان الله، وإذا ارتفع تذكر عظمة ربه وارتفاعه سبحانه وتعالى فكبرَ، يكبر الله ويذكر الكبير المتعال.

وكذلك التسبيح يكون أيضاً في الركوع والسجود واجباً كما تقدم، وأن التسبيح في الركوع بقوله: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى مناسبٌ لحال المصلي، فإن المصلي عندما يكون في أنزل مكان وأخفض مكان ويضع جبهته على الأرض ويقول: سبحان ربي الأعلى، فيتذكر علو ربه، وهو في أخفض مكان، كما أنه يسبحه عندما ينزل في الأماكن المنخفضة في الأسفار، وهذا ليس خاصاً بالأرض فحتى لو كان في الجو ونزل أو نزلت الطائرة فإنه يسبح الله سبحانه وتعالى.

تنبيه الإمام في الصلاة بالتسبيح

سبحان الذي لا ينسى، لقد كان التسبيح منبهاً للإمام من قبل المأمومين، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من نابه شيءٌ في صلاته فليقل: سبحان الله). ( وجعل التصفيق للنساء والتسبيح للرجال) فإذا أخطأ الإمام وأراد المأموم أن ينبهه، فإنه يقول له: سبحان الله، فهذا الإنسان ينسى والله تعالى لا ينسى، فسبحان من لا ينسى، ولذلك يذكر المأموم الإمام التسبيح، إذا أخطأ أو سهى في صلاته، كما أن المصلي يمكن أن يسبح لأي شيءٍ ينوبه في الصلاة، فلو أن إنساناً طرق الباب، أو أوشك شخصٌ على الوقوع في المهلكة، أو أوشك الولد أن يقترب من الكهرباء، وأراد المصلي أن ينبه زوجته أو أحداً في البيت، فإنه لا بأس عليه أن يرفع صوته بالتسبيح ما دام أنه قد نابه شيءٌ في الصلاة، فليسبح. (من نابه شيءٌ في صلاته فليقل: سبحان الله فإنه لا يسمعه أحدٌ يقول: سبحان الله إلا التفت) حديثٌ صحيحٌ رواه البخاري رحمه الله تعالى.

وكذلك جاء عن علي رضي الله عنه: (كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعةً آتيه فيها، فإذا أتيته استأذنته؛ إن وجدته يصلي فسبح دخلت، وإن وجدته فارغاً أذن لي).

إن التسبيح أيها الأخوة! يكون في عبادات أخرى مثل: ما يكون في صلاة الكسوف والخسوف، فإنه قد جاء في السنة أن التسبيح عند الكسوف والخسوف عبادة، كما روى عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه حيث قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد كسفت الشمس وهو قائمٌ في الصلاة رافعٌ يديه، فجعل يسبح ويهلل ويكبر، ويحمد ويدعو حتى حسر عنها) وهذا الحديث قد رواه مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه .

التسبيح في صلاة العيدين

والتسبيح يكون مشروعاً في تكبيرات صلاة العيدين، فإن الثناء على الله بعد كل تكبيرة من تكبيرات صلاة العيدين سنة، فيسبح ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويحمد الله تعالى ويهلله عز وجل، فيقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، والذي ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه، مما كان يقول بين تكبيرات العيد، أن يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

التسبيح عند التعجب

التسبيح يستعمل عند التعجب، إذا قال لك إنسان شيئاً عجيباً أو استغربت من فعلٍ أو قولٍ فإنه يشرع لك التسبيح، هذا من المواطن التي يسبح فيها الإنسان، وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي أبا هريرة وأبو هريرة جنب، فانسل أبو هريرة وذهب خفية فاغتسل فتفقده النبي عليه الصلاة والسلام وسأل عنه قال: أين كنتَ يا أبا هريرة ؟ قال: يا رسول الله! لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل، فقال: سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس) فقد تعجب عليه الصلاة والسلام مما قاله أبو هريرة إذ كان أبو هريرة يظن أن الجنب لا يجالس ولا يصافح، فقال ((سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس)

وكذلك جاء في صحيح مسلم ، عن أنسٍ رضي الله عنه أن أخت الربيع أم حارثة جرحت إنساناً فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (القصاص القصاص فقالت أم الربيع: يا رسول الله! أتقتص من فلانه؟ والله لا يقتص منها! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: القصاص كتاب الله، سبحان الله يا أم الربيع!

وإن هناك من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، كما حصل أن عم أنس بن مالك ، أنس بن النضر لما جيء بخبر القصاص قال: والله لا تكسر ثنية الربيع وأبر الله قسمه وتسامحا) وكانوا من قبل مصرين على القصاص، ومصرين على كسر سن هذه الفاعلة، وهذه الفاعلة كان لها منزلة عظيمة، لكنها اعتدت وأخطأت، ولما حكم النبي عليه الصلاة والسلام بالقصاص، وأصروا عليه وجاء أنس بن النضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: والله لا تكسر ثنية الربيع ، هذه المرأة الصالحة لا تكسر ثنيتها حلف فأبر الله قسمه، فجاءوا وتنازلوا ولم تكسر ثنيتها.

إن التسبيح عند الرعد قد ورد فيه حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كنّا مع عمر رضي الله عنه في سفر، فأصابنا رعدٌ وبرد فقال لنا كعب رضي الله عنه: من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاث مرات، عوفي من ذلك الرعد، قال: فقلنا فعوفينا) أخرجه الطبراني وحسنه ابن حجر رحمه الله كما نقل ابن علان في الفتوحات الربانية .

التسبيح للحائض والجنب

إن هذا التسبيح يكون للإنسان في كل أحيانه، ولذلك فهو إنقاذ للحائض ومجالٌ لها للأجر وذكر الله تعالى، فحيث أنها لا تقرأ القرآن ولا تمسك القرآن، وعند بعض العلماء لا تقرأ القرآن لكنها لا تنسى التسبيح، ولذلك لما ذكر الترمذي رحمه الله تعالى المسألة في سننه ساق الحديث وفي إسناده ضعف، قال ((لا تقرأ الجنب ولا الحائض) وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، مثل: سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل.

فحتى لو قلنا على قول هؤلاء العلماء أنها لا تقرأ القرآن، فلا يعني هذا أن تنقطع عن ذكر الله، ولذلك يكون التسبيح مجالاً للعبادة، فتهلل وتسبح وتذكر الله عز وجل، واختار عددٌ من أهل العلم أن الحائض يمكن أن تقرأ القرآن لكن بدون أن تمس المصحف، وتقرأ القرآن إما عن ظهر قلب، أو أنها تمسك المصحف بخرقةٍ أو بشيءٍ أو تقلب الورقة بالقلم ونحو ذلك.

التسبيح فيه قوة للبدن ووقاية من المجاعة

التسبيح فيه قوة للبدن والدليل على أن التسبيح يقوي البدن ما جاء في الحديث الصحيح عن عبيدة السلماني عن علي رضي الله عنه قال: شكت إليّ فاطمة مجل يديها من الطحين -لقد أصاب يدي فاطمة خشونة نتيجة الخبز فشكت لزوجها علي رضي الله عنه- فقال لها علي مقترحاً: لو أتيت أباك فسألته خادماً، فذهبت تسأل أباها خادماً يكفيها مؤنة العمل، فقال ((ألا أدلكما على ما هو خيرٌ لكما من الخادم؟ إذا أخذتما مضجعكما تقولان ثلاثاً وثلاثين، وثلاثاً وثلاثين وأربعاً وثلاثين، من تحميدٍ وتسبيحٍ وتكبير).

فإذا سبحان الله ثلاثاً وثلاثين والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر أربعاً وثلاثين، هذه الأذكار بدل الخادم، إذاً تعطي قوة للبدن، وتعوض عن الخادم، وأشار إلى هذا المعنى ابن القيم رحمه الله وعده من الأذكار التي تقوي البدن، وقد جاء في الحديث أيضاً، أن التسبيح يقيت الناس، عندما لا يكون هناك طعام ولا شراب، وهذا ليس في الآخرة بل في الدنيا، يأتي على الناس وقت لا يجدون فيه طعاماً ويعيشون مدة طويلة بدون طعام فما يقيتهم وما يقويهم وما يبقيهم على قيد الحياة، قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال المشهور: (وإنه قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شدادٍ يصيب الناس فيها جوعٌ شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر الله السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضرا، فلا تبقى ذات ظلف -الدواب- إلا هلكت، إلا ما شاء الله، قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل والتكبير والتسبيحُ والتحميدُ ويجري ذلك عليهم مُجرى الطعام).

إذاً يقوم هذا بالنسبة لهم مقام الطعام، ويكفيهم عن الطعام! هذا التسبيح لعظمة أجره وفائدته في الدنيا وفي الآخرة.




استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
اقتضاء العلم العمل 3610 استماع
التوسم والفراسة 3608 استماع
مجزرة بيت حانون 3529 استماع
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] 3496 استماع
اليهودية والإرهابي 3424 استماع
إن أكرمكم عند الله أتقاكم 3424 استماع
حتى يستجاب لك 3392 استماع
المحفزات إلى عمل الخيرات 3370 استماع
ازدد فقهاً بفروض الشريعة 3346 استماع
الزينة والجمال 3334 استماع