لقاء الباب المفتوح [149]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فهذا هو اللقاء التاسع والأربعون بعد المائة من لقاءات (الباب المفتوح) الذي يتم كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو الثالث عشر من شهر شوال عام 1417هـ.

نسأل الله أن يجعل هذه اللقاءات مباركة لنا ولإخواننا المسلمين.

بمناسبة انتهاء شهر الصيام والفراغ النفسي الذي يعتري كل إنسان كان مجتهداً في شهر رمضان أود أن أذكر الإخوان بأن عمل المؤمن لا يتقيد بالمواسم -أي: بمواسم الخيرات- كشهر رمضان وعشر ذي الحجة وما أشبهها، بل هو باقٍ مستمر إلى أن يموت الإنسان، لقول الله تبارك وتعالى: وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، ولقوله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]، فلم يجعل الله تعالى لعمل المؤمن أمداً إلا الموت، ولهذا يجب علينا أن نجعل هذه المواسم تنشيطاً لنا على العمل الصالح والإقبال على الله تبارك وتعالى بالأعمال الصالحة المقربة إليه، وألا تفتر هممنا عن فعل الطاعات بانتهاء هذه المواسم.

وأنا أذكر لكم نماذج تدل على أن أعمال المسلم لا تنتهي بالمواسم.

الصيام

الصيام -مثلاً- لا ينتهي بانتهاء رمضان .. الصيام مشروع كل وقت، وأفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهناك ألوان أخرى من الصيام، منها: صيام الستة الأيام من شوال، فإن (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر) فإذا صام الإنسان رمضان كله أداءً أو أداءً وقضاء إن كان عليه قضاء ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله) وثبت عنه أنه قال: (صوم يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) وقال في صيام عاشوراء وهو العاشر من شهر محرم: (إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) وأمر بصيام يوم قبله أو يوم بعده.

وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم).

القيام

كذلك القيام لم ينته بانتهاء رمضان، القيام مشروع كل ليلة، فقد قال الله عز وجل في وصف أهل الجنة: كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17-18] وقال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ [المزمل:20] وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتورم قدماه، وثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له وذلك كل ليلة).

إذاً: فقيام الليل لم ينته بانتهاء قيام رمضان، بل هو مستمر دائم في كل ليلة، فينبغي للإنسان أن يجعل لنفسه حضاً من آخر الليل يقوم فيه ولو نصف ساعة حسب ما يتيسر له، وإذا قام الليل فليستمر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل) ثم إنه لا يحقر شيئاً من العمل الصالح، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) وليختم صلاة الليل بالوتر، فإن كان يرجو آخر الليل فليوتر آخره، وإن كان لا يرجو فليوتر أوله قبل أن ينام.

النفقات والصدقات

النفقات والصدقات لا تزال أيضاً مشروعة لم تنته بانتهاء رمضان، فإن من الصدقات أن ينفق الإنسان على أهله، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـسعد بن أبي وقاص : (واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فيّ امرأتك) أي: في فمها.

فالصدقات والنفقات لم تزل مشروعة في كل وقت، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام: (أنه ما من مسلم يتصدق بما يعادل تمرة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذه الله تعالى بيمينه فيربيها لـه كما يربي أحدنا فلوه -أي: صغار خيله- حتى تكون مثل الجبل) وأخبر: (أن سبعة يظلهم الله في ظله.. -ومنهم:- رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).

العمرة

كذلك العمرة في رمضان وفي غيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) فلا تختص برمضان بل هي في أشهر الحج أفضل منها في رمضان عند كثير من العلماء، واحتجوا لهذا القول بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يعتمر في رمضان قط وإنما كانت عمره في أشهر الحج، فعمرة الحديبية في ذي القعدة، وعمرة القضاء في ذي القعدة، وعمرة الجعرانة في ذي القعدة، وعمرته مع حجه كذلك -أيضاً- في ذي الحجة وإحرامها في آخر ذي القعدة.

فالحاصل بارك الله فيكم أن الأعمال الصالحة لا تنقضي بانتهاء المواسم، بل المواسم ما هي إلا بيان لفضل الله عز وجل ورحمته لعباده وتنشيطه للإنسان بعودته إلى الله عز وجل وقيامه بطاعته، وينبغي أن يتخذ من ذلك قوةً ونشاطاً على العمل في المستقبل.

أسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعلنا من عباده الصالحين الموفقين لكل خير إنه على كل شيء قدير.

الصيام -مثلاً- لا ينتهي بانتهاء رمضان .. الصيام مشروع كل وقت، وأفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وهناك ألوان أخرى من الصيام، منها: صيام الستة الأيام من شوال، فإن (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر) فإذا صام الإنسان رمضان كله أداءً أو أداءً وقضاء إن كان عليه قضاء ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله) وثبت عنه أنه قال: (صوم يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) وقال في صيام عاشوراء وهو العاشر من شهر محرم: (إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) وأمر بصيام يوم قبله أو يوم بعده.

وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم).




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3387 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3344 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3310 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3288 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3270 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3255 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3113 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3086 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3032 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3028 استماع