مختصر التحرير [59]


الحلقة مفرغة

الإكراه الذي يرفع التكليف

قال المؤلف رحمه الله تعالى في بيان ما يكون به التكليف وما ينقطع به التكليف: [ ويكلف مع سكر لم يعذر به وإكراه ].

يعني: ويكلف مع الإكراه، ولكن سبق لنا أنه لا يكلف في قدر ما أكره عليه فقط، بدليل قوله: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106] وقوله صلى الله عليه وسلم: ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ).

وقوله: [ ويبيح ما قبح ابتداء بضرب أو تهديد بحق أو غيره ].

يعني: يبيح الإكراه ما قبح ابتداء بضرب، وقوله: (بضرب) متعلق بإكراه، (أو تهديد بحق أو غيره) فإذا أكره الإنسان على شيء بالضرب أو التهديد وفعل المكره عليه فإنه يكون مباحاً له، وإذا كان مباحاً له فلا إثم عليه، وهل يقع أو لا؟ لا يقع، فلو أكره على طلاق امرأته فطلقها فإن الطلاق لا يقع.

قال: [ لا من كآلة تحمل ].

يعني: ولا يكلف من كان كآلة تحمل، مثل أن يأخذ الرجل الرجل فيضرب به رجلاً آخر، فالذي ضرب به الرجل الآخر لا يكون مكلفاً في هذه الحال؛ لأنه كالآلة، فكأنه أخذ عصا وضرب بها الرجل، فلا يكون مكلفاً ولا ضمان عليه في هذه الحال، بل الضمان على من ضرب، لا على المضروب به.

عدم تكليف المعذور بسكر وأكل البنج والمغمى عليه

قال: [أو عذر بسكر وآكل بنج]، أي فإنه لا يكلف، فالمعذور بسكر مثل أن يشرب شراباً لا يدري أنه خمر ثم يسكر، فهذا معذور لا يؤاخذ بهذا الشرب لأنه جاهل، ولو طلق أو فعل فعلاً في حال سكره هذا لم يكلف به.

كذلك أكل البنج، فالإنسان إذا أكل بنجاً معذوراً فيه فإنه لا يكلف، ولكن هل يقضي ما فاته من العبادة؟

الجواب: نعم يقضي، فلو أن رجلاً بنج لعملية وبقي في البنج حتى دخل وقت الصلاة وخرج وقت الصلاة ثم أفاق بعد ذلك، فإن عليه قضاء هذه الصلاة.

كذلك أيضاً لا يكلف [مغمى عليه]؛ لأنه فاقد العقل، ولكن هل يلزمه قضاء ما وجب عليه من العبادات أثناء إغمائه إذا كانت العبادات مما يقضى؟

فيه خلاف، والصحيح أنه يلزمه شيء ولا يلزمه شيء آخر، فالصيام يلزمه قضاؤه، يعني: لو أغمي على الرجل يومين أو ثلاثة من رمضان وجب عليه قضاء هذه الأيام الثلاثة.

والصلاة على القول الراجح لا يلزمه قضاؤها، فلو أغمي عليه أياماً فإنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه غير مكلف.

فلو قال قائل: لماذا لا تجعلونه كالنائم الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها

فالجواب: لا نجعله كالنائم؛ لأن النائم لو أوقظ لاستيقظ، والمغمى عليه لا يستيقظ، فظهر الفرق بينهما.

لا يكلف نائم وناس ومخطئ

قال: [ ولا يكلف نائم ].

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رفع القلم عن ثلاثة ... إلخ )، وقضاء ما يقضيه من الصلاة لم يتوجه عليه إلا بعد استيقاظه، ولهذا قال: ( فليصلها إذا ذكرها )، يعني: إذا استيقظ من النوم، فيكون وجوب القضاء ليس بأمر الأداء، بل بأمر جديد آخر.

يقول المؤلف: [ وناس ].

يعني: حال نسيانه لا يكلف.

قال: [ ومخطئ ].

يعني: جاهلاً حال خطئه، ولكن يلزمهما قضاء ما يجب قضاؤه من العبادات.

لا يكلف مجنون وغير بالغ

وكذلك أيضاً لا يكلف [ مجنون وغير بالغ ].

وهذا واضح أيضاً، لكن الفرق بين المجنون وغير البالغ والناسي والمخطئ، الفرق بينهما أن الناسي والمخطئ حصل لهما مانع من التكليف، والمجنون والصغير لفوات شرط التكليف، ولهذا يجب على النائم والمخطئ والناسي أن يعيد الصلاة مثلاً لو حصل ذلك فيها، ولا يجب على الصغير والمجنون قضاء الصلاة، والله أعلم.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
مختصر التحرير [69] 3198 استماع
مختصر التحرير [54] 3180 استماع
مختصر التحرير [70] 3076 استماع
مختصر التحرير [33] 2821 استماع
مختصر التحرير [36] 2818 استماع
مختصر التحرير [47] 2750 استماع
مختصر التحرير [23] 2738 استماع
مختصر التحرير [45] 2738 استماع
مختصر التحرير [4] 2686 استماع
مختصر التحرير [34] 2619 استماع