القواعد لابن اللحام [19]


الحلقة مفرغة

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم التوفيق والتسديد ونحن في قراءة القاعدة الثلاثين من كتاب القواعد لـابن اللحام .

الملقي: قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الثلاثون: الفاء تقتضي تشريك ما بعدها لما قبلها في حكمه؛ إذ الجمهور على أنها تدل على الترتيب بلا مهلة, ويعبر عنها بالتعقيب, كأن الثاني أخذ بعقب الأول.

وقال الإمام فخر الدين : التعقيب بحسب الإمكان احترازاً من قولهم دخلت بغداد فالبصرة, فإذا كان بينهما ثلاثة أيام فدخل بعد الثلاث فهذا تعقيب عادة، أو بعد خمسة أو أربعة فليس بتعقيب.

وقال الفراء : يجوز أن يكون ما بعدها سابقاً.

وقال الجرمي : إن دخلت على الأماكن والمطر فلا تفيد الترتيب, تقول: نزلنا نجداً فتهامة، ونزل المطر نجداً فتهامة, وإن كانت تهامة في هذا سابقة. إذا تقرر هذا فمما يتعلق بالقاعدة من الفروع].

الشيخ: المؤلف رحمه الله ذكر -وهذا ديدنه رحمه الله- أن من اللغة ما له تعلق بعلم الأصول، وقد سبق وأن ذكرنا أن علم الأصول له علاقة في دلالات الألفاظ، وابن حزم رحمه الله يهتم بها, ولا يرى أنها قياساً, وهذا مسلم إلا في بعض المعاني، وبعض الفقهاء يسميها قياساً ولا يسميها دلالات ألفاظ مثلما نسمي في القياس نفي الفارق، الذي ليس بقياس العلة مثل قياس نفي الفارق, وقد ذكر الغزالي و الجويني إجماع العقلاء على الأخذ به، وابن حزم يأخذ به ولا يسميه قياساً.

ونحن الآن بصدد بعض الحروف, فالفاء عند علماء اللغة تقتضي التعقيب، وهو أن ما بعدها يأخذ ما قبلها بالتبع, وهذا ما يعبر عنه بالتعقيب, فتدل على الترتيب, لكن السؤال: هل الترتيب هذا بمهلة، الذي نسميه نحن التراخي كما هو في حرف (ثم) أم للتعقيب أي: بلا مهلة؟

تكلم العلماء رحمهم الله في هذا, وذكر الإمام فخر الرازي -صاحب المحصول- أن التعقيب بحسب الإمكان فلا يلزم منه عدم المهلة, لكنه قال: فإذا كان التعقيب يطول في أكثر من ثلاثة أيام أو أربعة أيام كما قال فهذا تعقيب عادة، أو بعد خمس أو أربع فليس بتعقيب, يعني: إذا كان في حدود ثلاثة أيام فيسمى تعقيباً, دخلت البصرة فبغداد، أو دخلت بغداد فالبصرة، فلا بد أن يكون من دخولك للبصرة بعد بغداد أو من دخولك بغداد بعد البصرة ثلاثة أيام فأقل.

عدم تغيير الترتيب في الفاء عند علماء اللغة لا بمدة ولا بزمن

وهذا الترتيب يحتاج إلى دليل، ومن المعلوم أن علماء اللغة لا يقيدون ذلك في مدة، وأن ذلك إنما هو مناط الشرع، وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره أن الفاء تفيد التعقيب عادة بلا مهلة, فكل شيء بحسبه، وأرى أن هذا الكلام قوي، فإن الفاء تفيد التعقيب بلا مهلة عادة، وكل شيء بحسبه، فمن كان من عادته أن يتعقبه بلا مهلة صار بلا مهلة، ومن عادته أن يتعقبه بمهلة عادة صارت هذه المهلة مقصودة.

فكأن علماء اللغة حينما يقولون فاء بعد ذلك دلالة على أن هذه المهلة محسوبة من الشيء الأول، فكأن المهلة الموجودة فيه هي مما لا بد منه.

ولهذا قال الجرمي رحمه الله: إن دخلت -يعني الفاء- على الأماكن والمطر فلا تفيد الترتيب، فهو الآن يناقش الترتيب، يعني: ليست المسألة مسألة تعقيب، يأتيني بعده بمهلة أو بلا مهلة، قال: لا تفيد الترتيب.

والمشهور عند علماء اللغة أن الذي يقول: بعد الفاء يقصد بذلك الترتيب؛ ولهذا نقول: الذي يظهر في قولك: دخلت الرياض فمكة، أنه ليس المقصود أن تدخل الرياض ثم تخرج وسوف تصل مكة، يعني: أنه الرياض بعدها مباشرة مكة، لا، المقصود: دخلت الرياض فمكة؛ يعني أني لم أنشغل بعد الرياض إلا بالذهاب إلى مكة، هذا المقصود، فإذا قلت: دخلت الرياض فمكة, فالمقصود من ذلك أنك لم تدخل بعد الرياض ولم تنشغل بغيرها إلا في دخولك إلى مكة، مع العلم أن بين الرياض وبين مكة ست ساعات بالسيارة، ولكن هذا غير مقصود، يعني المقصود أنك لم تنشغل بعد الرياض إلا بمكة، وعلى هذا فالمهلة هذه مقصودة وهي داخلة باتفاق.

المؤلف يقول: (إذا تقرر هذا)، أي: أن الجمهور يقولون: بلا مهلة، وأن الرازي يقول: المهلة تكون بثلاثة فأقل وما زاد فلا، وبعضهم يقول: لا تفيد الترتيب كما هو معلوم.

مسائل تتعلق بقاعدة دلالة الفاء على الترتيب

الملقي: [إذا تقرر هذا فمما يتعلق بالقاعدة من الفروع:

أولاً: إذا قال لزوجته: إن قمت فقعدت فأنت طالق، لم تطلق إلا بهما مرتبين كما ذكر, جزم به جمهور الأصحاب].

الشيخ: يعني لو قال: إن قمت فقعدت فأنت طالق، فقعدت ثم قامت لا تطلق، لكن إذا قامت ثم قعدت فإنها تطلق، وهذا الكلام مبني على قاعدة الفقهاء المشهورة عندهم كالحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في أظهر الروايتين عنهم, وهي أنهم إن علقوا الطلاق على شرط مجرد كما لو قال: إن غربت الشمس فأنت طالق، فإن الطلاق يقع بمجرد غروب الشمس لمجرد حصول هذا الشرط المجرد سواء كان هذا الشرط المجرد مكاناً أم زماناً.

النوع الثاني: إن علقه على شرط غير مقصود, ولكن مقصوده الحث والحض مثل: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق, وهذا مقصوده المنع من الذهاب، لم يكن هذا الشرط محضاً مجرداً، الأئمة الأربعة المشهور عندهم أن المرأة تطلق إن ذهبت إلى أهلها على حسب ما علقه به، فإن قال: أنت طالق ثلاثاً إن ذهبت إلى أهلك كانت طالقاً ثلاثاً، وإن قال: أنت طالق ثم طالق ثم طالق إن ذهبت إلى أهلك، وإن كان قصده الحض والمنع فإن الجمهور الأربعة يقولون: تطلق ثلاثاً.

وقول بعض الأصحاب وهو اختيار أبي العباس بن تيمية وهو عليه الفتوى عندنا: أن الرجل إذا قال لزوجته: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، فعلقه على شرط غير مجرد, وإنما قصد بذلك الحث أو المنع فإن المرأة لا تطلق بذلك، فصار حكمه كحكم اليمين.

وذكر ابن تيمية أن هذا القول هو قاعدة الصحابة، فقد روى الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنه في قصة المرأة التي وجدت أحد مواليها له علاقة بإحدى إمائها, فقالت: هي يهودية أو نصرانية، ومالها رتاج الكعبة إن لم تفرق بينهما، غضبت هذه المرأة فقالت: والله لأفرقن بينهما ومالي رتاج الكعبة، والرتاج هو اسم الباب والكسوة ونحو ذلك، فلما عقلت ندمت على ما قالت، ثم سألت ابن عمر فقال: عليها الكفارة، فقد علقت هذا الأمر على أمر غير مجرد، ولكن قصدت بذلك حث نفسها, هذا استدلال ابن تيمية ، ومع أنه لم يكن هناك طلاق إلا أنه جعل هذا قاعدة الصحابة.

وهذا القول وإن كان له حظ كبير من النظر لكن ينبغي تخويف الناس من هذا الأمر، وهذا ما يسمى بالحلف بالطلاق, وهذا القول بدعة كما ذكر ذلك ابن تيمية يقول: لم يكن هذا حادثاً -يعني الطلاق- في عهد القرون المفضلة كالصحابة وكبار التابعين، وإنما حدث ذلك في زمن الحجاج حينما ألزم الناس بأن يحلفوا بالطلاق إن خانوا طريقته، فهذا يدل على أن المسألة مسألة حادثة، فذكر ابن تيمية أن هذا محرم وبدعة.

على كل حال نحن بصدد قوله: (إن قمت فقعدت فأنت طالق) هذا بناء على أنه قصد الفعل المجرد, والله أعلم.

يقول: (لم تطلق إلا بهما مرتبين)، يعني: القيام ثم القعود، فلو حصل قعود ثم قيام فلا تطلق إلا إن قعدت بعد القيام, والله أعلم.

الملقي: [وذكر بعض المتأخرين أن بعض الأصحاب حكى رواية أن الفاء وثم كالواو في هذه المسألة، فحينئذ يقع الطلاق بالشرطين كيف وجدا على هذه الرواية].

الشيخ: يعني إن قال: إن قمت فقعدت فإنها تطلق بالقعود ثم بالقيام؛ لأن الفاء هنا لم يقصد بها التعقيب بأكثر مما يقصد بها فعل الأمرين, والله أعلم.

الملقي: [ويتخرج لنا رواية أنها تطلق بوجود أحدهما, ولو قلنا بالترتيب بناء على أن الطلاق إذا كان معلقاً على شرطين أنها تطلق بوجود أحدهما].

الشيخ: هذا قول آخر وهو: إن قصد بذلك تخويفها ومنعها من التحرك بقصد ألا تخرج من بيتها، مثلما يقول: والله إن قمت لأفعلن كذا، فهو قصد بذلك الفعل كله وليس ذات القيام، مثلاً لو قالت: أنا أريد أن أذهب إلى بيت أهلي فقال: والله إن قمت من مكانك فأنت طالق، وهو قصد بذلك إن قمت من مكانك للذهاب إلى بيت أهلك، فهذا كما قلنا: على حسب ما نوى، إذا كان قصده المنع أو الحث على المنع.

الملقي: [ومنها: إذا قال لزوجته قبل الدخول: أنت طالق فطالق، فإنها تطلق بالأولى, ولا يلحقها ما بعدها سواء في ذلك التعليق والتنجيز، جزم به الأصحاب].

الشيخ: هذه مبنية على مسألة: أن الرجل إذا عقد على امرأته ولم يدخل بها ثم طلقها، فإن الطلقة الأولى تعتبر المرأة بها بائنة منه بلا عدة؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، وهل تعتبر بائنة بينونة كبرى فلا يحق لها أن تتزوجه مرة ثانية إلا بزوج آخر؟ الذي يظهر أنها بينونة صغرى.

وهذا الترتيب يحتاج إلى دليل، ومن المعلوم أن علماء اللغة لا يقيدون ذلك في مدة، وأن ذلك إنما هو مناط الشرع، وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره أن الفاء تفيد التعقيب عادة بلا مهلة, فكل شيء بحسبه، وأرى أن هذا الكلام قوي، فإن الفاء تفيد التعقيب بلا مهلة عادة، وكل شيء بحسبه، فمن كان من عادته أن يتعقبه بلا مهلة صار بلا مهلة، ومن عادته أن يتعقبه بمهلة عادة صارت هذه المهلة مقصودة.

فكأن علماء اللغة حينما يقولون فاء بعد ذلك دلالة على أن هذه المهلة محسوبة من الشيء الأول، فكأن المهلة الموجودة فيه هي مما لا بد منه.

ولهذا قال الجرمي رحمه الله: إن دخلت -يعني الفاء- على الأماكن والمطر فلا تفيد الترتيب، فهو الآن يناقش الترتيب، يعني: ليست المسألة مسألة تعقيب، يأتيني بعده بمهلة أو بلا مهلة، قال: لا تفيد الترتيب.

والمشهور عند علماء اللغة أن الذي يقول: بعد الفاء يقصد بذلك الترتيب؛ ولهذا نقول: الذي يظهر في قولك: دخلت الرياض فمكة، أنه ليس المقصود أن تدخل الرياض ثم تخرج وسوف تصل مكة، يعني: أنه الرياض بعدها مباشرة مكة، لا، المقصود: دخلت الرياض فمكة؛ يعني أني لم أنشغل بعد الرياض إلا بالذهاب إلى مكة، هذا المقصود، فإذا قلت: دخلت الرياض فمكة, فالمقصود من ذلك أنك لم تدخل بعد الرياض ولم تنشغل بغيرها إلا في دخولك إلى مكة، مع العلم أن بين الرياض وبين مكة ست ساعات بالسيارة، ولكن هذا غير مقصود، يعني المقصود أنك لم تنشغل بعد الرياض إلا بمكة، وعلى هذا فالمهلة هذه مقصودة وهي داخلة باتفاق.

المؤلف يقول: (إذا تقرر هذا)، أي: أن الجمهور يقولون: بلا مهلة، وأن الرازي يقول: المهلة تكون بثلاثة فأقل وما زاد فلا، وبعضهم يقول: لا تفيد الترتيب كما هو معلوم.

الملقي: [إذا تقرر هذا فمما يتعلق بالقاعدة من الفروع:

أولاً: إذا قال لزوجته: إن قمت فقعدت فأنت طالق، لم تطلق إلا بهما مرتبين كما ذكر, جزم به جمهور الأصحاب].

الشيخ: يعني لو قال: إن قمت فقعدت فأنت طالق، فقعدت ثم قامت لا تطلق، لكن إذا قامت ثم قعدت فإنها تطلق، وهذا الكلام مبني على قاعدة الفقهاء المشهورة عندهم كالحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في أظهر الروايتين عنهم, وهي أنهم إن علقوا الطلاق على شرط مجرد كما لو قال: إن غربت الشمس فأنت طالق، فإن الطلاق يقع بمجرد غروب الشمس لمجرد حصول هذا الشرط المجرد سواء كان هذا الشرط المجرد مكاناً أم زماناً.

النوع الثاني: إن علقه على شرط غير مقصود, ولكن مقصوده الحث والحض مثل: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق, وهذا مقصوده المنع من الذهاب، لم يكن هذا الشرط محضاً مجرداً، الأئمة الأربعة المشهور عندهم أن المرأة تطلق إن ذهبت إلى أهلها على حسب ما علقه به، فإن قال: أنت طالق ثلاثاً إن ذهبت إلى أهلك كانت طالقاً ثلاثاً، وإن قال: أنت طالق ثم طالق ثم طالق إن ذهبت إلى أهلك، وإن كان قصده الحض والمنع فإن الجمهور الأربعة يقولون: تطلق ثلاثاً.

وقول بعض الأصحاب وهو اختيار أبي العباس بن تيمية وهو عليه الفتوى عندنا: أن الرجل إذا قال لزوجته: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، فعلقه على شرط غير مجرد, وإنما قصد بذلك الحث أو المنع فإن المرأة لا تطلق بذلك، فصار حكمه كحكم اليمين.

وذكر ابن تيمية أن هذا القول هو قاعدة الصحابة، فقد روى الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنه في قصة المرأة التي وجدت أحد مواليها له علاقة بإحدى إمائها, فقالت: هي يهودية أو نصرانية، ومالها رتاج الكعبة إن لم تفرق بينهما، غضبت هذه المرأة فقالت: والله لأفرقن بينهما ومالي رتاج الكعبة، والرتاج هو اسم الباب والكسوة ونحو ذلك، فلما عقلت ندمت على ما قالت، ثم سألت ابن عمر فقال: عليها الكفارة، فقد علقت هذا الأمر على أمر غير مجرد، ولكن قصدت بذلك حث نفسها, هذا استدلال ابن تيمية ، ومع أنه لم يكن هناك طلاق إلا أنه جعل هذا قاعدة الصحابة.

وهذا القول وإن كان له حظ كبير من النظر لكن ينبغي تخويف الناس من هذا الأمر، وهذا ما يسمى بالحلف بالطلاق, وهذا القول بدعة كما ذكر ذلك ابن تيمية يقول: لم يكن هذا حادثاً -يعني الطلاق- في عهد القرون المفضلة كالصحابة وكبار التابعين، وإنما حدث ذلك في زمن الحجاج حينما ألزم الناس بأن يحلفوا بالطلاق إن خانوا طريقته، فهذا يدل على أن المسألة مسألة حادثة، فذكر ابن تيمية أن هذا محرم وبدعة.

على كل حال نحن بصدد قوله: (إن قمت فقعدت فأنت طالق) هذا بناء على أنه قصد الفعل المجرد, والله أعلم.

يقول: (لم تطلق إلا بهما مرتبين)، يعني: القيام ثم القعود، فلو حصل قعود ثم قيام فلا تطلق إلا إن قعدت بعد القيام, والله أعلم.

الملقي: [وذكر بعض المتأخرين أن بعض الأصحاب حكى رواية أن الفاء وثم كالواو في هذه المسألة، فحينئذ يقع الطلاق بالشرطين كيف وجدا على هذه الرواية].

الشيخ: يعني إن قال: إن قمت فقعدت فإنها تطلق بالقعود ثم بالقيام؛ لأن الفاء هنا لم يقصد بها التعقيب بأكثر مما يقصد بها فعل الأمرين, والله أعلم.

الملقي: [ويتخرج لنا رواية أنها تطلق بوجود أحدهما, ولو قلنا بالترتيب بناء على أن الطلاق إذا كان معلقاً على شرطين أنها تطلق بوجود أحدهما].

الشيخ: هذا قول آخر وهو: إن قصد بذلك تخويفها ومنعها من التحرك بقصد ألا تخرج من بيتها، مثلما يقول: والله إن قمت لأفعلن كذا، فهو قصد بذلك الفعل كله وليس ذات القيام، مثلاً لو قالت: أنا أريد أن أذهب إلى بيت أهلي فقال: والله إن قمت من مكانك فأنت طالق، وهو قصد بذلك إن قمت من مكانك للذهاب إلى بيت أهلك، فهذا كما قلنا: على حسب ما نوى، إذا كان قصده المنع أو الحث على المنع.

الملقي: [ومنها: إذا قال لزوجته قبل الدخول: أنت طالق فطالق، فإنها تطلق بالأولى, ولا يلحقها ما بعدها سواء في ذلك التعليق والتنجيز، جزم به الأصحاب].

الشيخ: هذه مبنية على مسألة: أن الرجل إذا عقد على امرأته ولم يدخل بها ثم طلقها، فإن الطلقة الأولى تعتبر المرأة بها بائنة منه بلا عدة؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، وهل تعتبر بائنة بينونة كبرى فلا يحق لها أن تتزوجه مرة ثانية إلا بزوج آخر؟ الذي يظهر أنها بينونة صغرى.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
القواعد لابن اللحام [21] 2456 استماع
القواعد لابن اللحام [3] 2345 استماع
القواعد لابن اللحام [23] 2226 استماع
القواعد لابن اللحام [22] 2220 استماع
القواعد لابن اللحام [8] 2080 استماع
القواعد لابن اللحام [2] 1923 استماع
القواعد لابن اللحام [16] 1920 استماع
القواعد لابن اللحام [9] 1866 استماع
القواعد لابن اللحام [17] 1819 استماع
القواعد لابن اللحام [27] 1790 استماع