ديوان الإفتاء [481]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين, حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى, وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه, ومداد كلماته.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار, وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار, وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.

أما بعد:

إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته, وأوصيكم بأن تكثروا من الدعاء لإخواننا المسلمين في ليبيا, بأن يعجل الله فرجهم, وأن يحسن خلاصهم, وأن يفك أسرهم, وأن يخلصهم من ذلك الجبار العنيد, الذي طغى في البلاد, فأكثر فيها الفساد, وأذل العباد, وبدل أحكام الله عز وجل، وأخرج زبالات أفكاره فألزم بها الناس حيناً من الدهر, حتى ضجت من ظلمه البلاد والعباد والشجر والدواب, وعانى من شؤمه كل من جاوره.

جبروت القذافي تجاه من ثار ضد ظلمه

أيها الإخوة: إن الله عز وجل يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته, هذا الذي يدير معركة مع شعبه, يرميهم بالرصاص, ويضربهم بالذخيرة الحية, ويقصفهم بالمدافع والطائرات, ويستأسد على المسلمين العزل, الذين خرجوا يعترضون على ظلمه, الذي ضجت منه الأرض والسماء, ويتوقون إلى عيش كريم, تتاح لهم فيه حرياتهم, وتضمن كرامتهم, وتصان حقوقهم, لما خرجوا يطالبون بهذا كله, وهي من حقوقهم وليست منة منه ولا من أبيه, وإنما هي حقوق كفلتها لهم الشريعة, ما رضي بذلك، وأعلن أنه سيدير معركة إلى آخر واحد من رجاله, وآخر طلقة من رصاصه, لكننا نقول: إن الله تعالى من ورائه محيط قال تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ[إبراهيم:42], وجاء في الحديث: ( إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ).

ولذلك الناس يقولون بلسانهم: إن الله يمهل ولا يهمل, فالله عز وجل حليم, يحلم على هؤلاء الجبابرة العتاة, الذين سعوا في الأرض بالفساد, لكنه جل جلاله ينتقم منهم ويذلهم متى ما شاء, وينتصر لدينه ولكتابه ولسنة نبيه ولعباده المؤمنين, فهذا الطاغية جثم على صدور الناس أكثر من أربعين سنة، فحرف الكلم عن مواضعه, وحشر أنفه في تفسير كلام الله وهو من أجهل عباد الله, واستطال بلسانه في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجحد السنة وكذبها, وزعم يوماً من الأيام أن الحج ليس إلا عبادات وثنية, وطقوساً جاهلية, كبرت كلمة تخرج من فيه إن يقول إلا كذباً.

وبعد ذلك جعل دستور بلاده والقوانين التي يتحاكم إليها الناس من بنيات أفكاره، التي لا يسندها كتاب ولا سنة ولا عقل ولا شرع, لكنه هكذا فرض نفسه على الناس، بدد ثروات الأمة, وأفقر شعبه, وأساء إلى الشرفاء والفضلاء وأهل العلم والدين, والآن خرجوا كلهم ثائرين على هذا الوضع المزري, وعلى هذا الحاكم المفسد الذي أوقد نيران الحروب في كل مكان, وأشعلها حرباً ضد الإسلام في كل واد، فهو في كل قضية ضد المسلمين, يسعى فيما يسوءهم, ويضرهم كما قال الله عن أمثاله من المنافقين: وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[آل عمران:118].

أيها الإخوة الكرام! إن إخواننا في ليبيا مسلمون موحدون, ومحبون للدين كغيرهم من عامة المسلمين, ولكنه تسلط عليهم هذا الجبار العنيد, وهذا الطاغية المريد, ما يزيد على أربعة عقود, وسفك الدماء، وأزهق الأرواح، وانتهك الحرمات, وأتلف الأموال, لكنهم الآن قاموا قومة رجل واحد بصدور عارية، وأيدي متوضئة, يريدون الله ورسوله والدار الآخرة, يريدون الانتصار لدينهم, والثأر لحرماتهم التي طالما انتهكت.

والشهداء الآن في ليبيا بالمئات نسأل الله أن يتقبلهم برحمته, وأن يعلي درجاتهم في جنته, وأن يفسح لهم في مستقر رحمته, والجرحى كذلك كثيرون, والمستشفيات تستصرخ الناس في أن يتبرعوا بدمائهم, وأن يأتوا لنجدة إخوانهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كأنه كتب على المسلمين في عامة البلاد بأن يرضخوا تحت حكم الطغاة المستبدين, ثم بعد ذلك إذا تاقوا إلى الحرية, وراموا أن ينالوا ما نال غيرهم, فلا بد أن تسفك دماؤهم, وتزهق أرواحهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الحث على الدعاء للمسلمين في ليبيا

إخوتي في الله! إني لأرجو أن يخص كل واحد منا إخوانه في ليبيا بالدعاء, فإن المسلمين أمة واحدة وقد ورد في الحديث: ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم, ويسعى بذمتهم أدناهم, وهم يد على من سواهم ) وفي الحديث الآخر: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد, إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ), فقبيح بنا أن نغفل عن إخواننا, ومثلما كان اهتمامنا بإخواننا في غزة, ومثلما كان اهتمامنا بإخواننا في تونس ومن بعدها بإخواننا في مصر, فالآن يجب أن نهتم بإخواننا في ليبيا, فإن الكل مسلمون, تجمعنا بهم كلمة: لا إله إلا الله, محمد رسول الله, وقبلتنا واحدة, وذمتنا واحدة, فواجب علينا أن ندعو لهم, وأن نتضرع إلى الله عز وجل أن يعجل فرجهم, وأن ينزل بذلك الطاغية المريد آية تكون عبرة للآخرين, من أجل أن ينتبه الجميع إلى أن لهذا الكون رباً هو على كل شيء قدير, وهو بكل شيء عليم, وهو الذي يقول للشيء: كن فيكون, وهو الذي يهب الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء, ويعز من يشاء ويذل من يشاء, سبحانه وتعالى العليم الخبير القوي العزيز, لا إله غيره ولا رب سواه.

نصيحة للمؤمنين في ليبيا تجاه ما يعانون من ظلم القذافي

وإني لأتوجه لإخواننا في ليبيا بأن يجأروا إلى الله عز وجل, وأن يلجئوا إليه, وأن يعتصموا بجنابه, وأن يكثروا من الاستغفار, وأن يواصلوا جهادهم, فإن الله تعالى وعد أن بعد العسر يسراً, ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم بأن النصر مع الصبر, وأن الفرج مع الكرب, وأن مع العسر يسراً, ثقوا بما عند الله عز وجل من قوة, وما عند الله عز وجل من بأس, ثقوا بأن الله ينصر من يشاء بما يشاء, وأنه لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب, وأملوا في الله خيراً, وعما قريب إن شاء الله: يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ[الروم:4-7].

توجيه للقذافي بالاتعاظ بمن سبقه من الظالمين

وإن تعجب أيها المسلم! فعجب أمر هذا الطاغية, لم يتعظ بما كان من جاريه وصاحبيه اللذين سبقاه إلى حيث شاء الله, فإنه يخطو ذات الخطوات, ويسلك نفس المسلك, فبعد أن يضرب بالرصاص وبعد أن يخوف ويهدد ويتوعد, وبعد أن يعلن أن قوى خارجية هي التي تدير الأمور وهي التي تتآمر عليه, بعد ذلك يقطع الاتصالات ويخرج بعض أكابر مجرميه من أجل أن يخيفوا الناس ويروعوهم, مثلما فعل صاحباه, ولا حول ولا قوة إلا بالله! أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الذاريات:53], فهم متساوون في الطغيان, والاستبداد والقهر والرغبة والشهوة في إذلال الناس, واستعبادهم, هكذا غايتهم, وهكذا منهجهم، وهكذا سبيلهم.

لكن أقول لهذا المسكين: واجب عليك أن تتعظ بصاحبيك, وأن تعلم أنه ما أغنت عنهم قوتهم شيئاً, وما أغنت عنهم حصونهم التي ظنوا أنها مانعتهم من الله, فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب, كلاهما هرب في يوم جمعة, ونرجو إن شاء الله ألا يأتي عليك يوم الجمعة إلا وقد خلص الله منك البلاد والعباد.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم, بأسمائه الحسنى وصفاته العلى, وباسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب, وإذا سئل به أعطى, أن يخلص إخواننا في ليبيا من هذا المتمرد العاتي الذي سام المسلمين سوء العذاب, ونسأل الله عز وجل أن ينزل به بأسه وأن يأخذه أخذ عزيز مقتدر, وأن يقبضه قبضة مهيمن متكبر, وأن يرينا فيه آياته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين, اللهم آمين.

أيها الإخوة: إن الله عز وجل يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته, هذا الذي يدير معركة مع شعبه, يرميهم بالرصاص, ويضربهم بالذخيرة الحية, ويقصفهم بالمدافع والطائرات, ويستأسد على المسلمين العزل, الذين خرجوا يعترضون على ظلمه, الذي ضجت منه الأرض والسماء, ويتوقون إلى عيش كريم, تتاح لهم فيه حرياتهم, وتضمن كرامتهم, وتصان حقوقهم, لما خرجوا يطالبون بهذا كله, وهي من حقوقهم وليست منة منه ولا من أبيه, وإنما هي حقوق كفلتها لهم الشريعة, ما رضي بذلك، وأعلن أنه سيدير معركة إلى آخر واحد من رجاله, وآخر طلقة من رصاصه, لكننا نقول: إن الله تعالى من ورائه محيط قال تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ[إبراهيم:42], وجاء في الحديث: ( إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ).

ولذلك الناس يقولون بلسانهم: إن الله يمهل ولا يهمل, فالله عز وجل حليم, يحلم على هؤلاء الجبابرة العتاة, الذين سعوا في الأرض بالفساد, لكنه جل جلاله ينتقم منهم ويذلهم متى ما شاء, وينتصر لدينه ولكتابه ولسنة نبيه ولعباده المؤمنين, فهذا الطاغية جثم على صدور الناس أكثر من أربعين سنة، فحرف الكلم عن مواضعه, وحشر أنفه في تفسير كلام الله وهو من أجهل عباد الله, واستطال بلسانه في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجحد السنة وكذبها, وزعم يوماً من الأيام أن الحج ليس إلا عبادات وثنية, وطقوساً جاهلية, كبرت كلمة تخرج من فيه إن يقول إلا كذباً.

وبعد ذلك جعل دستور بلاده والقوانين التي يتحاكم إليها الناس من بنيات أفكاره، التي لا يسندها كتاب ولا سنة ولا عقل ولا شرع, لكنه هكذا فرض نفسه على الناس، بدد ثروات الأمة, وأفقر شعبه, وأساء إلى الشرفاء والفضلاء وأهل العلم والدين, والآن خرجوا كلهم ثائرين على هذا الوضع المزري, وعلى هذا الحاكم المفسد الذي أوقد نيران الحروب في كل مكان, وأشعلها حرباً ضد الإسلام في كل واد، فهو في كل قضية ضد المسلمين, يسعى فيما يسوءهم, ويضرهم كما قال الله عن أمثاله من المنافقين: وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[آل عمران:118].

أيها الإخوة الكرام! إن إخواننا في ليبيا مسلمون موحدون, ومحبون للدين كغيرهم من عامة المسلمين, ولكنه تسلط عليهم هذا الجبار العنيد, وهذا الطاغية المريد, ما يزيد على أربعة عقود, وسفك الدماء، وأزهق الأرواح، وانتهك الحرمات, وأتلف الأموال, لكنهم الآن قاموا قومة رجل واحد بصدور عارية، وأيدي متوضئة, يريدون الله ورسوله والدار الآخرة, يريدون الانتصار لدينهم, والثأر لحرماتهم التي طالما انتهكت.

والشهداء الآن في ليبيا بالمئات نسأل الله أن يتقبلهم برحمته, وأن يعلي درجاتهم في جنته, وأن يفسح لهم في مستقر رحمته, والجرحى كذلك كثيرون, والمستشفيات تستصرخ الناس في أن يتبرعوا بدمائهم, وأن يأتوا لنجدة إخوانهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كأنه كتب على المسلمين في عامة البلاد بأن يرضخوا تحت حكم الطغاة المستبدين, ثم بعد ذلك إذا تاقوا إلى الحرية, وراموا أن ينالوا ما نال غيرهم, فلا بد أن تسفك دماؤهم, وتزهق أرواحهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2820 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2646 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2529 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2528 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2499 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2472 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2460 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2440 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2402 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2401 استماع