شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث [13]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

الصلاة خلف البر والفاجر

قال المصنف رحمه الله: [ ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلاة خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً ].

ما يتعلق ببعض المسائل الفرعية التي يذكرها الأئمة في مسائل الاعتقاد، ويدرجونها في ثناياها, ويخللون هذه المسائل لوجود خلاف عند بعض أهل البدع, ويشهرون أمثال هذه المسائل فتكون علماً عليهم, كما يدخل الأئمة ما يتعلق بمسألة المسح على الخفين لمخالفة الرافضة في ذلك, وكذلك ما يتعلق بالصلاة خلف الإمام البر والفاجر والقتال معه, وغير ذلك من المسائل التي لا تندرج ضمن مسائل العقائد؛ وذلك لاشتهارها, حتى يكون ثمة معرفة لما ظهر من منهج أهل الابتداع والضلال وبين أهل الإسلام, وذلك من العلامات والدلائل الفارقة بين أهل الحق وأهل الباطل ليهتدي الإنسان بذلك على ما ورائها.

جهاد الكفار مع الولاة

قال المصنف رحمه الله: [ ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جورة فجرة ].

هنا يقول: (ويرون جهاد الكفرة معهم) يعني: أن الإمام إذا كان ظالماً أو فاسقاً ومهما بلغ ظلمه ما لم يقع في الكفر فإنه يقاتل معه, قال: قتال الكفرة, يعني: أنه مسلم, أما إذا كان كافراً هو في ذاته؛ فلا يجوز للإنسان أن يقاتل معه؛ لأن قتاله خلف إمام كافر قتال جاهلية, لا يجوز للإنسان أن يقاتل معه على الإطلاق, والجهاد على نوعين: جهاد دفع, وجهاد طلب.

وجهاد الدفع لا يشترط له نية, وإنما تحقق المقصد مجرداً, وأما جهاد الطلب فهو الذي تطلب له النية, وتشترط له الشروط المشهورة مما يتكلم فيه العلماء في مسائل الجهاد.

ولهذا نقول: إن الإنسان إذا دافع عن ماله أو عرضه أو دمه فإنه لا يشترط لذلك أن ينوي ذلك أنه لله حتى يكون صادقاً, بل لو أنه دفع عن عرضه مجرداً من غير استحضار نية وقتل لكان شهيداً, بخلاف قتال الطلب وجهاد الطلب, لا بد به من نية, جاء في السنن من حديث سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون أهله فهو شهيد, ومن قتل دون دمه فهو شهيد ), هذا جهاد الدفع, فلا يشترط له نية, وما دمت تدافع عن المال وتدافع عن الدم وتدافع عن العرض فأنت شهيد لمجرد وجود ذلك.

أما جهاد الطلب كما جاء في الصحيح: ( قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل يقاتل للمغنم, والرجل يقاتل حمية, والرجل يقاتل ليرى مكانه, أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون الله هي العليا فهو في سبيل الله ), مع أنه ذكر الرجل يقاتل للمغنم, يعني: لأجل المال, وفي ذاك قال: ( من قتل دون ماله فهو شهيد ), لأن الذي يقاتل لكسب المال طلباً قاتل لغير الله فميتته ميتة جاهلية.

ولهذا نقول: إن قتال الدفع لا يشترط له نية, وأما جهاد الطلب فتطلب له نية إعلاء كلمة الله.

والذي يقتل دفاعاً عن دمه وعرضه فهو شهيد, ولو لم يتحقق فيه الإخلاص أو يطرأ عليه, وقد جاء عند النسائي وغيره من حديث قابوس بن أبي المخارق عن أبيه أنه قال: ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد أن يأخذ مالي, فقال: لا تعطه مالك, قال: فإن غلبني؟ قال: فاستنصر بمن حولك من المسلمين, قال: إن لم يكن حولي أحد؟ قال: استنصر من السلطان, قال: إن نأى السلطان عني؟ قال: قاتل دون مالك ), حتى تدفع عن مالك وتقتل ثم تكون من شهداء الآخرة.

ففي مسألة الدفع يختلف, ولهذا إذا وجدت أمة تدافع عن عرضها تنصر ولو كانت فاسقة, أو لو كانت كافرة, تنصر؛ فإذا كان لديك جار نصراني أو جار فاسق أو جار يهودي أو غير ذلك, صال عليه صائل يريد أن ينتهك عرضه أو أن يستبيح ماله, فاستنصر بك وجب عليك النصر أو لم يجب عليك؟ وجب.

وهل تبحث عن نية تقول: أنت تنوي أو لا تنوي؟ لا تبحث عن النية, بل تقوم بنصره؛ لأنه مظلوم ويدفع عن ظلمه, بخلاف لو جاءك وقال: إني أريد أن أقاتل أناساً, هل تأتي وتقاتل معه؟ لا؛ لأنه قتال طلب، لا بد فيه من تحقق إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.

ولهذا نقول: إن إخواننا في سوريا يدافعون عن أعراضهم ودمائهم, ويدافعون عن أموالهم التي استبيحت باستباحات متنوعة بشعة, فيعانون على اختلاف أحوالهم, بخلاف لو كانوا صفاً يريدون أن يطلبوا عدواً, حينئذٍ نبحث في مسألة إعلاء كلمة الله ومن يريد تحقيقها.

الدعاء للولاة بالصلاح والتوفيق

قال المصنف رحمه الله: [ ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ].

وذلك أن الدعاء للحاكم بالصلاح في ذلك صلاح أقواله وأفعاله, وصلاح أقواله وأفعاله صلاح الناس, فإنه إذا قال أو فعل ائتسى واقتدى به الناس, إن صلح صلحوا في الغالب، وإن فسد فسدوا, ولهذا يدعى لهم بالصلاح والهداية، ولا يدعى لهم بمزيد فساد؛ لأن في فسادهم ضلال.

وهذا الدعاء يختلف العلماء في مواضعه, ولا يعرف الدعاء للأئمة في خطب الجمع لدى السلف, لم يكن ذلك معروفاً, وقد ذكر الشافعي رحمه الله عن عطاء في كتابه الأم أن هذا محدث, وإن شهد بعض الفقهاء أن دعاء الأئمة هذا من الأمور المشروعة, وعلى هذا في كل موضع دعاء يدعو الإنسان فيه, سواء كان ذلك في الجمع أو كان ذلك في المجالس العامة أو كان ذلك في دعاء الإنسان في سجوده ونحو ذلك.

ولكن نقول: إن مواضع الأدعية المشروعة يدعو بها الإنسان بلا إفراط ولا تفريط, فإن كثيراً من الأدعية التي يدعو بها الإنسان تخرج عن كونها دعاء وطلب الإصلاح إلى كونها مدحاً؛ تتضمن معاني المدح, فالإنسان حينئذٍ يستجلب إصلاحاً وصلاحاً, لا يستجلب مدحاً ورفعة.

القتال مع الإمام ضد الفئة الباغية

قال المصنف رحمه الله: [ ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل].

الفئة الباغية التي تبغي على إمام المسلمين نقول: إذا كان الإمام مسلماً وخرج عليه فئة فإنها تقاتل باعتبار أنها باقية, وإذا خرج خارج من المسلمين على إمام ليس من المسلمين فإنه لا يذاد عنه, نقل ابن القاسم عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: إذا خرج خارج على إمام صالح كـعمر بن عبد العزيز يقاتل معه, وإذا خرج خارج على غيره فيترك ظالم سلطه الله على ظالم، ثم ينتقم الله منهما.

فيدعى لأئمة الإسلام مهما بلغوا ظلماً بالصلاح, ويقاتل إذا خرج عليهم خارج من الناس, باعتبار أن هؤلاء فئة قد بغوا على إمام المسلمين.

قال المصنف رحمه الله: [ ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلاة خلف كل إمام مسلم براً كان أو فاجراً ].

ما يتعلق ببعض المسائل الفرعية التي يذكرها الأئمة في مسائل الاعتقاد، ويدرجونها في ثناياها, ويخللون هذه المسائل لوجود خلاف عند بعض أهل البدع, ويشهرون أمثال هذه المسائل فتكون علماً عليهم, كما يدخل الأئمة ما يتعلق بمسألة المسح على الخفين لمخالفة الرافضة في ذلك, وكذلك ما يتعلق بالصلاة خلف الإمام البر والفاجر والقتال معه, وغير ذلك من المسائل التي لا تندرج ضمن مسائل العقائد؛ وذلك لاشتهارها, حتى يكون ثمة معرفة لما ظهر من منهج أهل الابتداع والضلال وبين أهل الإسلام, وذلك من العلامات والدلائل الفارقة بين أهل الحق وأهل الباطل ليهتدي الإنسان بذلك على ما ورائها.

قال المصنف رحمه الله: [ ويرون جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جورة فجرة ].

هنا يقول: (ويرون جهاد الكفرة معهم) يعني: أن الإمام إذا كان ظالماً أو فاسقاً ومهما بلغ ظلمه ما لم يقع في الكفر فإنه يقاتل معه, قال: قتال الكفرة, يعني: أنه مسلم, أما إذا كان كافراً هو في ذاته؛ فلا يجوز للإنسان أن يقاتل معه؛ لأن قتاله خلف إمام كافر قتال جاهلية, لا يجوز للإنسان أن يقاتل معه على الإطلاق, والجهاد على نوعين: جهاد دفع, وجهاد طلب.

وجهاد الدفع لا يشترط له نية, وإنما تحقق المقصد مجرداً, وأما جهاد الطلب فهو الذي تطلب له النية, وتشترط له الشروط المشهورة مما يتكلم فيه العلماء في مسائل الجهاد.

ولهذا نقول: إن الإنسان إذا دافع عن ماله أو عرضه أو دمه فإنه لا يشترط لذلك أن ينوي ذلك أنه لله حتى يكون صادقاً, بل لو أنه دفع عن عرضه مجرداً من غير استحضار نية وقتل لكان شهيداً, بخلاف قتال الطلب وجهاد الطلب, لا بد به من نية, جاء في السنن من حديث سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون أهله فهو شهيد, ومن قتل دون دمه فهو شهيد ), هذا جهاد الدفع, فلا يشترط له نية, وما دمت تدافع عن المال وتدافع عن الدم وتدافع عن العرض فأنت شهيد لمجرد وجود ذلك.

أما جهاد الطلب كما جاء في الصحيح: ( قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل يقاتل للمغنم, والرجل يقاتل حمية, والرجل يقاتل ليرى مكانه, أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون الله هي العليا فهو في سبيل الله ), مع أنه ذكر الرجل يقاتل للمغنم, يعني: لأجل المال, وفي ذاك قال: ( من قتل دون ماله فهو شهيد ), لأن الذي يقاتل لكسب المال طلباً قاتل لغير الله فميتته ميتة جاهلية.

ولهذا نقول: إن قتال الدفع لا يشترط له نية, وأما جهاد الطلب فتطلب له نية إعلاء كلمة الله.

والذي يقتل دفاعاً عن دمه وعرضه فهو شهيد, ولو لم يتحقق فيه الإخلاص أو يطرأ عليه, وقد جاء عند النسائي وغيره من حديث قابوس بن أبي المخارق عن أبيه أنه قال: ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد أن يأخذ مالي, فقال: لا تعطه مالك, قال: فإن غلبني؟ قال: فاستنصر بمن حولك من المسلمين, قال: إن لم يكن حولي أحد؟ قال: استنصر من السلطان, قال: إن نأى السلطان عني؟ قال: قاتل دون مالك ), حتى تدفع عن مالك وتقتل ثم تكون من شهداء الآخرة.

ففي مسألة الدفع يختلف, ولهذا إذا وجدت أمة تدافع عن عرضها تنصر ولو كانت فاسقة, أو لو كانت كافرة, تنصر؛ فإذا كان لديك جار نصراني أو جار فاسق أو جار يهودي أو غير ذلك, صال عليه صائل يريد أن ينتهك عرضه أو أن يستبيح ماله, فاستنصر بك وجب عليك النصر أو لم يجب عليك؟ وجب.

وهل تبحث عن نية تقول: أنت تنوي أو لا تنوي؟ لا تبحث عن النية, بل تقوم بنصره؛ لأنه مظلوم ويدفع عن ظلمه, بخلاف لو جاءك وقال: إني أريد أن أقاتل أناساً, هل تأتي وتقاتل معه؟ لا؛ لأنه قتال طلب، لا بد فيه من تحقق إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.

ولهذا نقول: إن إخواننا في سوريا يدافعون عن أعراضهم ودمائهم, ويدافعون عن أموالهم التي استبيحت باستباحات متنوعة بشعة, فيعانون على اختلاف أحوالهم, بخلاف لو كانوا صفاً يريدون أن يطلبوا عدواً, حينئذٍ نبحث في مسألة إعلاء كلمة الله ومن يريد تحقيقها.

قال المصنف رحمه الله: [ ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ].

وذلك أن الدعاء للحاكم بالصلاح في ذلك صلاح أقواله وأفعاله, وصلاح أقواله وأفعاله صلاح الناس, فإنه إذا قال أو فعل ائتسى واقتدى به الناس, إن صلح صلحوا في الغالب، وإن فسد فسدوا, ولهذا يدعى لهم بالصلاح والهداية، ولا يدعى لهم بمزيد فساد؛ لأن في فسادهم ضلال.

وهذا الدعاء يختلف العلماء في مواضعه, ولا يعرف الدعاء للأئمة في خطب الجمع لدى السلف, لم يكن ذلك معروفاً, وقد ذكر الشافعي رحمه الله عن عطاء في كتابه الأم أن هذا محدث, وإن شهد بعض الفقهاء أن دعاء الأئمة هذا من الأمور المشروعة, وعلى هذا في كل موضع دعاء يدعو الإنسان فيه, سواء كان ذلك في الجمع أو كان ذلك في المجالس العامة أو كان ذلك في دعاء الإنسان في سجوده ونحو ذلك.

ولكن نقول: إن مواضع الأدعية المشروعة يدعو بها الإنسان بلا إفراط ولا تفريط, فإن كثيراً من الأدعية التي يدعو بها الإنسان تخرج عن كونها دعاء وطلب الإصلاح إلى كونها مدحاً؛ تتضمن معاني المدح, فالإنسان حينئذٍ يستجلب إصلاحاً وصلاحاً, لا يستجلب مدحاً ورفعة.

قال المصنف رحمه الله: [ ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل].

الفئة الباغية التي تبغي على إمام المسلمين نقول: إذا كان الإمام مسلماً وخرج عليه فئة فإنها تقاتل باعتبار أنها باقية, وإذا خرج خارج من المسلمين على إمام ليس من المسلمين فإنه لا يذاد عنه, نقل ابن القاسم عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: إذا خرج خارج على إمام صالح كـعمر بن عبد العزيز يقاتل معه, وإذا خرج خارج على غيره فيترك ظالم سلطه الله على ظالم، ثم ينتقم الله منهما.

فيدعى لأئمة الإسلام مهما بلغوا ظلماً بالصلاح, ويقاتل إذا خرج عليهم خارج من الناس, باعتبار أن هؤلاء فئة قد بغوا على إمام المسلمين.

قال المصنف رحمه الله: [ ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم ونقصاً فيهم. ويرون الترحم على جميعهم, والموالاة لكافتهم ].

هذا تقدم الإشارة إليه في منزلة الصحابة وحقوقهم على هذه الأمة وحقوقهم على هذه الأمة لحب النبي عليه الصلاة والسلام لهم، وكذلك لنصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولتمكينهم له، فدوه بالمال وفدوه بالنفس، ومن لم يكن لديه مال، ولديه قوة وقدرة وجاه، فيكفي في ذلك أنهم أمدوا النبي عليه الصلاة والسلام عدداً، فتكثير السواد حول النبي صلى الله عليه وسلم حينما يأتيهم أمراء القبائل، أو يأتيهم رسل الملوك، أو يخرج النبي عليه الصلاة والسلام ومعه سواد عظيم، وجود هؤلاء له منزلة عند الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يختلف عن غيره، فبوجوده يمكن الله عز وجل لهذا الدين العظيم، ولهذا هؤلاء كانوا قواعد لثبات الدين ورسوخه وتمامه، ثم بعد ذلك ذيوعه وانتشاره، يحبون وحبهم إيمان، ويبغض من يبغضهم، ويسب من سبهم، ويحذر منهم.

والسب للصحابة عليهم رضوان الله على ما تقدم تفصيله، وكذلك بيانه يترضى عنهم عند ذكرهم، ويدعى لهم، وتذكر مناقبهم بحسب الحال، إذا وجد من يطعن به بعينه من الصحابة في زمن من الأزمنة تذكر المناقب، وإذا وجدنا أحد الصحابة في زمن من الأزمنة ظهر الطعن فيه، وذكر مثالبه، نكثر من ذكر فضله ومنزلته حتى تستوي الكفة، ويظهر ما غيبه الناس من فضله، فإن ذكر المساوئ أو الأخطاء أو الزلل الذي يطرأ على الإنسان صح ذلك أو لم يصح، وإظهاره للناس يوغر صدور الناس على الذي يذكرونه، فيذكر في مقابل ذلك الفضل وجلالة القدر وعلو المنزلة، وغير ذلك؛ حتى يعرف الناس العدل والإنصاف في هذا الباب.

والأصل في ذلك أنه يذكر على سبيل الإجمال فضل الصحابة، ويتمايزون بذكر الفضل بحسب منزلتهم، الخلفاء الراشدون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي بن أبي طالب ، ثم العشرة المبشرون بالجنة يذكرون، ويستوي في ذلك من جهة فضلهم بذكر المناقب، أعلاهم في ذلك على ما تقدم ترتيبه، إلا إذا وجدت حاجة لذكر واحد منهم أو من غيرهم أكثر الناس عليه بذكر الأخطاء أو الزلات أو الاستنقاص أو نحو ذلك، كحال معاوية عليه رضوان الله تعالى، إذا وجد في زمن لا حرج من الإكثار من ذكره وذكر مناقبه، والتأنيب في ذلك والرد على أهل الهوى، ولو غلب في زمن أو في حبه ذكر فضله أكثر من فضل غيره، لماذا؟ لأن الحاجة قائمة في ذلك، دفاعاً عنه وذباً عن عرضه.

كذلك ممن يطعن في عائشة عليها رضوان الله أم المؤمنين وغيرها من أمهات المؤمنين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تنظر المناقب ولو أكثر من غيره ممن هو أفضل منه، وذلك ليظهر ما يخفي أهل الابتداء حتى لا ينطلي ذلك على عامة الناس.

قال المصنف رحمه الله: [وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه رضي الله عنهن، والدعاء لهن ومعرفة فضلهن، والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين ].

فضل أمهات المؤمنين أخذنه من فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما سمين بأمهات المؤمنين إلا لأن النبي أبو المؤمنين، ولهذا الله عز وجل: وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب:6]، وجاء في قراءة أبي بن كعب : وهو أبوهم.

لماذا تسمى أزواج النبي عليه الصلاة والسلام بأمهات المؤمنين، ولا يسمى النبي عليه الصلاة والسلام بلقب على لأنه أبو المؤمنين، لأن أعلى الألقاب لهن هو أم المؤمنين، وأعلى الألقاب للنبي عليه الصلاة والسلام لقب النبوة أم لقب الأبوة؟ لقب النبوة، ولهذا لا يسوغ ولا يجوز أن يجعل ذلك لقباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنما يذكر على سبيل الاعتراض؛ لماذا؟ لأن ذلك يفوت اللفظ الأعظم والأشرف لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لفظ النبوة، فنقول: رسول الله، ونبي الله.

أما أمهات المؤمنين لما كان أشرف الألقاب هنا هو لقب أمهات المؤمنين، فنقول: أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين أم سلمة ، وأم المؤمنين حفصة وهكذا، وعلى سبيل الإجمال نقول: أمهات المؤمنين.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث [12] 2218 استماع
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [6] 2097 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث [11] 2056 استماع
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [3] 1842 استماع
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [4] 1474 استماع
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [7] 1452 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث [10] 1406 استماع
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [1] 1403 استماع
شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث [2] 1303 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث [14] 1279 استماع