شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [4]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الدليل على أن الكلام السيئ والفحش في المنطق لا يوجب وضوءاً.

حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف فقال في حلفه: واللات، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق بشيء) ] ورواه البخاري .

قوله: (من حلف فقال في حلفه: واللات، فليقل: لا إله إلا الله) يعني: أن حلفه باللات شرك، ولا إله إلا الله توحيد، فهذه تكفر تلك.

قوله: (ومن قال: تعال أقامرك) يعني: نلعب القمار، (فليتصدق) وذلك لأن الصدقة تكفر هذه.

[ قال أبو بكر : فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الحالف باللات ولا القائل لصاحبه: تعال أقامرك بإحداث وضوء، فالخبر دال على أن الفحش في المنطق وما زجر المرء عن النطق به لا يوجب وضوءاً، خلاف قول من زعم أن الكلام السيئ يوجب الوضوء ].

يقول الأحناف: القهقهة في الصلاة تبطل الصلاة والوضوء، وهذا لا دليل عليه، نعم القهقهة لا تبطل الوضوء، لكن تبطل الصلاة إذا كان متعمداً، فالمؤلف يرد على من قال: إن الكلام السيئ يوجب الوضوء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب استحباب المضمضة من شرب اللبن.

حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري أنبأنا أبو عاصم عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء

عن ابن عباس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبناً ثم مضمض) ].

هذا من باب النظافة، يعني: المضمضة فيها تنظيف الفم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الدليل على أن المضمضة من شرب اللبن استحباب لإزالة الدسم من الفم وإذهابه، لا لإيجاب المضمضة من شربه.

حدثنا محمد بن عزيز الأيلي أن سلامة بن روح حدثهم عن عقيل - وهو ابن خالد - وحدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني حدثنا معتمر - يعني ابن سليمان - قال: سمعت معمراً وحدثنا محمد بن بشار بندار وأبو موسى قالا: حدثنا يحيى - وهو ابن سعيد - حدثنا الأوزاعي كلهم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبناً فمضمض وقال: إن له دسماً) .

وقال الصنعاني في حديثه: (أو إنه دسم).

وقال بندار : (إنه دسم) ].

هذا الحديث رواه البخاري ومسلم .

والذي قبله تابع له.

والمضمضة من شرب اللبن مستحبة ليست بواجبة، وهي من باب النظافة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر ما كان الله عز وجل فرق به بين نبيه صلى الله عليه وسلم وبين أمته في النوم، من أن عينيه إذا نامتا لم يكن قلبه ينام، ففرق بينه وبينهم في إيجاب الوضوء من النوم على أمته دونه عليه الصلاة والسلام.

حدثنا محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد حدثنا ابن عجلان وحدثنا يحيى بن حكيم حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنام عيناي ولا ينام قلبي) ] رواه أحمد وهو صحيح.

يعني: لا ينتقض وضوءه عليه الصلاة والسلام، وفي الحديث الآخر: (العين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء) وإن كان هذا الحديث فيه كلام، لكن قد ثبت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ ثم قام ولم يتوضأ) وذلك لأن نومه لا ينقض وضوءه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه تنام عيناه ولا ينام قلبه.

قال: [ حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي أخبرنا ابن وهب أن مالكاً حدثه عن سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أخبره أنه سأل عائشة : (كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً. قالت عائشة : فقلت: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة ! إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) ].

رواه البخاري في التهجد.

وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قد يأتيه الوحي عليه الصلاة والسلام وهو نائم؛ لأن رؤيا الأنبياء وحي.

فإن قيل: هل في هذا الحديث دليل على جواز صلاة الأربع ركعات بسلام واحد؟

نقول: لا، ليس فيه دليل على ذلك؛ لأن هذا مجمل، والأحاديث الأخرى بينت أن المراد أربع بسلامين، ومنها: قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر في صحيح البخاري : (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة) وهذا خبر في معنى الأمر.

أما الوتر فقد أوتر صلى الله عليه وسلم بثلاث وأوتر بخمس وأوتر بسبع فلا بأس، أما أن يصلي شفعاً أربعاً أو ستاً فلا؛ لأن صلاة الليل مثنى مثنى.

وقد جاء في بعض الروايات: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)لكن زيادة: (والنهار) طعن فيها بعض العلماء وقال: إن هذه خطأ، والذي طعن فيها هو النسائي، ولهذا الجمهور يجيزون الصلاة في النهار أربع ركعات بسلام واحد، لكن الأفضل حتى في النهار أن يسلم من كل ركعتين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ جماع أبواب الآداب المحتاج إليها في إتيان الغائط والبول إلى الفراغ منها.

باب التباعد للغائط في الصحاري عن الناس.

حدثنا علي بن حجر السعدي حدثنا إسماعيل - يعني ابن جعفر - حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب المذهب أبعد) ].

الحديث إسناده حسن، أخرجه الترمذي وأبو داود ، وأظن أن النسائي أخرجه.

هذا الحديث فيه مشروعية البعد عند قضاء الحاجة، وأنه يشرع للإنسان إذا قضى حاجته أن يكون بعيداً عن الناس في الصحراء، لما ورد في الحديث الآخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوارى عن الناس حتى لا يسمع له صوت ولا ترى له عورة) إذاً: من السنة البعد عن الناس عند قضاء الحاجة، أما ما ثبت في الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً) فهذا خاص، أو أنه في بعض الأحيان للحاجة، ولعله طال مقامه عليه الصلاة والسلام في البلد فأتى هذه السباطة، ولم يكن الجلوس مناسباً فستره حذيفة وأمامه الجدار من الجهة الأخرى، فلا بأس بالبول قائماً إذا تستر عن الأعين، وكانت الحاجة داعية إلى هذا، والبول قاعداً هو الأفضل وهو الأكثر من فعله عليه الصلاة والسلام، أما البول قائماً فلم يفعله عليه الصلاة والسلام إلا مرة واحدة.

قال: [ حدثنا بندار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا أبو جعفر الخطمي قال بندار : قلت لـيحيى : ما اسمه؟ فقال: عمير بن يزيد قال: حدثني عمارة بن خزيمة والحارث بن فضيل عن عبد الرحمن بن أبي قراد قال: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته خرج من الخلاء، وكان إذا أراد حاجة أبعد) ].

قوله: (كان أراد حاجة أبعد) يعني: هذه عادته المستمرة؛ لأن (كان) تفيد الاستمرار والدوام.

وسيأتي في حديث حذيفة أنه بال قائماً عند الحاجة، وإلا الأكثر أنه كان يتباعد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة في ترك التباعد عن الناس عند البول.

حدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة قال: (لقد رأيتني أتمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهى إلى سباطة قوم فقام يبول كما يبول أحدكم، فذهبت أتنحى منه فقال: ادنه، فدنوت منه حتى قمت عند عقبه حتى فرغ) ].

الحديث هذا رواه البخاري في صحيحه، ورواه أبو داود والنسائي وغيرهم.

وهو من أصح الأحاديث، وفيه دليل على جواز البول قائماً عند الحاجة، بشرط أن يستتر عن الأعين.

وقال بعضهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بال قائماً لوجع في صلبه، وأن البول حال القيام يستشفى به من وجع الصلب.

وقال آخرون: إنما بال قائماً لوجع في مأبضه وهو باطن الركبة، وكل هذا ليس بصحيح، والصواب أنه بال قائماً للحاجة ولبيان الجواز، والحاجة داعية إلى هذا إما لأن المكان غير مناسب؛ لأنه يرتد إليه البول، أو لأن الأرض صلبة، أو لغير ذلك من الأسباب، فدل هذا على الجواز، لكن بشرط أن يستتر عن الأعين؛ ولهذا ستره حذيفة والجهة الأخرى فيها الجدار ، والأكثر من فعله عليه الصلاة والسلام أنه يبول قاعداً، ولهذا أنكرت عائشة على من قال: إنه بال قائماً، فقالت: (من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه، ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول إلا قاعداً) .

وهذا إنما أخبرت عما رأته في البيوت، لكن حذيفة أخبر عما رآه خارج البيوت، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي، فهي نفت؛ لأنها ما علمت، لكن علم هذا حذيفة ، وهذا محمول على أن الأكثر من فعله عليه الصلاة والسلام البول قاعداً، أما البول قائماً فإنما فعل هذا مرة.

فإن قيل: هل البول قائماً يحمل على الكراهة؟

أقول: لا، ليس فيه كراهة؛ لأن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه كراهة، لكن الأفضل البول قاعداً، وإذا بال قائماً فلا حرج، لكن مع الأخذ بالاحتياطات: من التستر عن الأعين، ومن عدم رجوع البول على البائل، وغير ذلك.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب استحباب الاستتار عند الغائط.

حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا مهدي بن ميمون عن محمد بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد عن عبد الله بن جعفر قال: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ما استتر به في حاجته هدفاً أو حائش نخل).

قال أبو بكر : سمعت محمد بن أبان يقول: سمعت ابن إدريس يقول: قلت لـشعبة : ما تقول في مهدي بن ميمون ؟ قال: ثقة. قلت: فإنه أخبرني عن سلم العلوي قال: رأيت أبان بن أبي عياش عند أنس بن مالك يكتب في سبورجة. قال: سلم العلوي الذي كان يرى الهلال قبل الناس.

قال أبو بكر : ومحمد بن أبي يعقوب هو محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب نسبه إلى جده، هو الذي قال عنه شعبة : حدثني محمد بن أبي يعقوب سيد بني تميم ].

هذا الحديث فيه مشروعية الاستتار عند قضاء الحاجة؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستتر بهدف، أو حائش نخل، أو جدار، فينبغي الاستتار عند قضاء الحاجة.

والحديث رواه مسلم في الحيض.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة للنساء في الخروج للبراز بالليل إلى الصحاري.

حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا محمد بن عبد الرحمن - يعني الطفاوي - حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: (كانت سودة بنت زمعة امرأة جسيمة، فكانت إذا خرجت لحاجتها بالليل أشرفت على النساء، فرآها عمر بن الخطاب فقال: انظري كيف تخرجين، فإنك والله ما تخفين علينا إذا خرجت، فذكرت ذلك سودة لنبي الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عرق، فما رد العرق من يده حتى فرغ الوحي، فقال: إن الله قد جعل لكن رخصة أن تخرجن لحوائجكن) ].

العرق هو العظم الذي فيه بقية لحم، فهو عندما كان يتعرق العرق نزل عليه الوحي، وعمر رضي الله عنه كان يحب ألا تخرج النساء من حبه لذلك، حتى لعلهن يمنعن، فلما خرجت سودة وكانت طويلة رآها في ظلام الليل، ولم يكن هناك كهرباء ولا شمع، لكن من شدة غيرة عمر رضي الله عنه لما رأى سودة خرجت قال: (انظري يا سودة والله ما تخفين علينا) وفي اللفظ الآخر: (أنها رجعت واشتكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزل عليه الوحي وهو يتعرق العرق، وقال: إنه أذن لكن في قضاء حوائجكن).

فهذا فيه دليل على أنه لا بأس بخروج المرأة لقضاء حاجتها في الليل مع حشمة وتحجب، ومع عدم الريبة إذا لم يخش عليها الفتنة، وكانت المدينة صغيرة في ذلك الوقت، وليست في البيوت حمامات أو مكان قضاء الحاجة، فكان النساء تخرج تقضي الحاجة في البر في الصحراء، قالت عائشة : (وكنا نخرج من ليل إلى ليل في الظلام، وكانت النساء يأكلن العلقة من الطعام) يعني: الشيء الذي يقيم الجسد، ليس مثل الآن يأكلن كثيراً، قد كان الشخص لا يأكل إلا أكلة مرة واحدة في اليوم، أو أكلتين خفيفتين مما يتيسر؛ لأنه لم يكن عندهم شيء.

وهذا الحديث أخرجه البخاري ، والظاهر أنه أخرجه مسلم أيضاً.

قال: [ حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة بنحوه ].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب التحفظ من البول كي لا يصيب البدن والثياب، والتغليظ في ترك غسله إذا أصاب البدن أو الثياب.

حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس قال: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان مكة أو المدينة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة، ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين فوضع على كل قبر منهما كسرة، فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم تيبسا أو إلى أن ييبسا) ].

هذا الحديث فيه أنه ينبغي التحرز من البول، وفيه أن التساهل في البول من أسباب عذاب القبر، وكذلك النميمة.

وفيه إثبات عذاب القبر والرد على أنكره من أهل البدع.

وقوله: (وما يعذبان في كبير) يعني: ما يعذبان في كبير يشق عليهما التحرز منه، وإنما هو سهل التحرز من الغيبة والنميمة والبول.

وفي اللفظ الآخر: (بلى إنه كبير) يعني: هو كبير عند الله وإن لم يكن كبيراً في أنفسهما، أو ليس بكبير يشق عليهما الاحتراز منه.

وفي اللفظ الآخر: (بلى إنه كبير) يعني: كبير عند الله.

والحديث أخرجه البخاري في الوضوء.

فإن قيل: هل يجوز لأحد أن يضع جريده النخل على القبر؟

نقول: لا؛ لأن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أعلمه بذلك، أما نحن فلا نعلم أحوال الناس، لا ندري هل هم يعذبون أو ينعمون؛ إنما الرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا بوحي من الله، حيث أخبره الله أنهما يعذبان، أما نحن فلا يشرع لنا ذلك.

قال: [ حدثنا يوسف بن موسى حدثنا وكيع حدثنا الأعمش قال: سمعت مجاهداً يحدث عن طاوس عن ابن عباس قال: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين ..) بمثله ].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر خبر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند الغائط والبول بلفظ عام مراده خاص.

حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان حدثنا الزهري ، وحدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء الليثي عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا قال أبو أيوب رضي الله عنه: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو القبلة، فننحرف عنها ونستغفر الله) هذا لفظ حديث عبد الجبار ].

وهذا الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو دليل على تحريم استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء عند قضاء الحاجة، يقول: (لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا) وهذا خطاب لأهل المدينة؛ لأن قبلتهم جنوب، ولهذا قال: (ولكن شرقوا أو غربوا) لكن نحن الآن الذين في الرياض نجنب أو نشمل.

وفيه دليل على أن أبا أيوب رضي الله عنه يرى أنه لا يجوز الاستقبال ولا الاستدبار حتى في البنيان، ولهذا قال: ( فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل).

والصواب أنه في البنيان جائز، عملاً بحديث ابن عمر : (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة) .

فدل على أن ذلك في البنيان لا بأس به، جمعاً بين الحديثين، وإنما النهي عن هذا في الصحراء.

قوله: (باب ذكر خبر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند الغائط والبول، بلفظ عام مراده خاص).

يعني: كأن المراد الخاص في الصحراء، مع أن اللفظ عام.

والحديث أخرجه البخاري ومسلم .




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [9] 2881 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [10] 2356 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [8] 2164 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [11] 1983 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [5] 1954 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [3] 1842 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [7] 1764 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [12] 1581 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [6] 1387 استماع
شرح صحيح ابن خزيمة كتاب الوضوء [1] 1040 استماع