شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [14]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (الماء من الماء)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الإكسال.

حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو -يعني ابن الحارث - عن ابن شهاب حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن أبي بن كعب أخبره (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك).

قال أبو داود : يعني الماء من الماء ].

الإكسال معناه: الضعف والفتور، وهو: أن يجامع فلا ينزل فمن جامع وغيب الحشفة في الفرج وجب عليه الغسل ولو لم ينزل، وكان في أول الإسلام إذا جامع الإنسان ولم ينزل، غسل ذكره وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم نسخ ذلك، وأوجب الله سبحانه وتعالى الغسل بالجماع.

وهذا الحديث فيه مجهول، لأنه قال: حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد ، فهذا مبهم لا بد من تسميته؛ لأنه قد يرضاه هو ولا يرضاه غيره، لعلة قادحة فيه، ولكن له شواهد في الصحيحين وغيرهما في أن الإنسان إذا جامع ولم ينزل فإنه يجب عليه الغسل.

وأبي بن كعب أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل عدم الاغتسال من الجماع بغير إنزال رخصة للناس في أول الإسلام؛ لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك، هذا ثابت بالأحاديث الصحيحة، وإن كان هذا الحديث فيه انقطاع.

وقوله: (الماء من الماء) الماء الأول ماء الغسل، والماء الثاني ماء المني، أي: لا يجب الغسل إلا إذا خرج المني، وهذا كان في أول الإسلام ثم نسخ وبقي حكم ذلك في النائم فلا يجب عليه الغسل إلا إذا رأى المني.

قوله: (حدثني بعض من أرضى)، قال ابن حبان : تتبعت طرق هذا الخبر على أن أجد أحداً رواه عن سهل بن سعد فلم أجد في الدنيا أحداً إلا أبا حازم ، فيشبه أن يكون الرجل الذي قال الزهري : حدثني بعض من أرضى عن سهل بن سعد هو أبو حازم .

وعلى هذا فيكون الحديث متصلاً، لكن هو بهذا السند منقطع.

وسيأتي في الحديث الذي بعده، أن قليلاً من الصحابة والتابعين ذهبوا إلى أنه لا غسل إلا من الإنزال.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مهران البزاز الرازي حدثنا مبشر الحلبي عن محمد أبي غسان عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال: حدثني أبي بن كعب : (أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد) ].

هذا الحديث فيه ذكر أبو حازم الساقط في الحديث السابق، الذي يروي عن سهل بن سعد .

وهذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة ، وقال الترمذي : حسن صحيح.

و سهل بن سعد يقول: حدثني أبي بن كعب : ( أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد ) والذين يفتون بذلك جماعة من الصحابة منهم: علي وعثمان والزبير وطلحة وأبو أيوب ، كما أخرج الشيخان في صحيحيهما (أن هؤلاء الصحابة كانوا يفتون أن الماء من الماء) يعني: أنه لا يجب الغسل إلا من خروج المني، فإذا جامع ولم ينزل فلا يجب الغسل، وهذا كان رخصة في أول الإسلام رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر بالاغتسال بعد ذلك، وهذا صريح بأن هذا الحكم منسوخ، وهو ثابت في الصحيحين وفي غيرهما.

شرح حديث التقاء الختانين

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، حدثنا هشام وشعبة عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قعد بين شعبها الأربع وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل) ].

هذا الحديث رواه الشيخان بدون لفظ: ( وألزق الختان بالختان )، والمراد بشعبها الأربع هي: اليدان والرجلان هذا هو الأقرب، وقيل: الرجلان والفخذان وقيل: الفخذان والختان.

ففي رواية البخاري (إذا قعد بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل) وفي لفظ: (وإن لم ينزل) جهدها يعني: شدها بحركته وإن لم ينزل، وهذا الحديث فيه دليل على أنه يجب الغسل بمجرد الإيلاج فإذا أولج الذكر في الفرج، ومس الختان الختان؛ فإنه يجب الغسل.

والمراد من قوله: ( ألزق الختان بالختان ) أي: ألزق ختان الرجل بختان المرأة، والمراد تلاقي موضع القطع من الذكر مع موضعه من فرج الأنثى، وذلك لا يكون إلا إذا كان الذكر في الفرج، وليس المراد حصول مس الحشفة وهي رأس الذكر في الفرج، فلا يلاقي الختان الختان إلا إذا غيب الحشفة.

وقد أجمع العلماء على أنه لو وضع ذكره على ختانها ولم يغيب الحشفة لم يجب الغسل لا عليه ولا عليها، وإنما يجب الغسل بتغييب الحشفة في الفرج أو قدرها إذا كانت مقطوعة فإذا غيب الحشفة وهي رأس الذكر في الفرج فحينئذ يلتقي الختان بالختان؛ لأن الختان في المرأة في أعلى الفرج، فإذا غيب الحشفة في الفرج التقى الختان بالختان وليس المراد مس الختان بالختان.

فدل على أن قوله: ( إنما الماء من الماء ) منسوخ، وبقي حكم الماء من الماء في الاحتلام، فإن المحتلم لا يغتسل حتى يخرج منه الماء وهو المني، فإذا احتلم ولم يخرج منه شيء فلا غسل عليه، بخلاف المجامع فإنه إذا أولج ومس الختان الختان وغيب الحشفة في الفرج، فإنه يجب عليه الغسل.

شرح حديث أبي سعيد في كون الماء من الماء

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الماء من الماء). وكان أبو سلمة يفعل ذلك ].

هذا الحديث منسوخ بحديث: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جاهدها فقد وجب الغسل) أخرجه الشيخان، وفي لفظ لـمسلم : وإن لم ينزل)، لكن بقي حكم هذا في النوم فلا يجب الغسل إلا إذا أخرج الماء وهو المني، هذا هو الصواب، وقد بقي بعض الصحابة، وبعض التابعين على المذهب الأول، وكأنه لم يبلغهم النسخ، ولهذا قال الشارح: واعلم أن قليلاً من الصحابة والتابعين ذهبوا إلى أنه لا غسل إلا من الإنزال وهو مذهب داود الظاهري ، وهو قول ضعيف مرجوح.

والصواب الذي عليه الجماهير أنه يجب الغسل بمجرد التقاء الختانين بعد غيبوبة الحشفة في الفرج وهذا لا ينبغي العدول عنه، وأحاديث الباب كلها تدل على ذلك.

كذلك إذا قطعت الحشفة ثم غيب مقدارها في الفرج وجب الغسل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الإكسال.

حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو -يعني ابن الحارث - عن ابن شهاب حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن أبي بن كعب أخبره (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإسلام لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك).

قال أبو داود : يعني الماء من الماء ].

الإكسال معناه: الضعف والفتور، وهو: أن يجامع فلا ينزل فمن جامع وغيب الحشفة في الفرج وجب عليه الغسل ولو لم ينزل، وكان في أول الإسلام إذا جامع الإنسان ولم ينزل، غسل ذكره وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم نسخ ذلك، وأوجب الله سبحانه وتعالى الغسل بالجماع.

وهذا الحديث فيه مجهول، لأنه قال: حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد ، فهذا مبهم لا بد من تسميته؛ لأنه قد يرضاه هو ولا يرضاه غيره، لعلة قادحة فيه، ولكن له شواهد في الصحيحين وغيرهما في أن الإنسان إذا جامع ولم ينزل فإنه يجب عليه الغسل.

وأبي بن كعب أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل عدم الاغتسال من الجماع بغير إنزال رخصة للناس في أول الإسلام؛ لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهى عن ذلك، هذا ثابت بالأحاديث الصحيحة، وإن كان هذا الحديث فيه انقطاع.

وقوله: (الماء من الماء) الماء الأول ماء الغسل، والماء الثاني ماء المني، أي: لا يجب الغسل إلا إذا خرج المني، وهذا كان في أول الإسلام ثم نسخ وبقي حكم ذلك في النائم فلا يجب عليه الغسل إلا إذا رأى المني.

قوله: (حدثني بعض من أرضى)، قال ابن حبان : تتبعت طرق هذا الخبر على أن أجد أحداً رواه عن سهل بن سعد فلم أجد في الدنيا أحداً إلا أبا حازم ، فيشبه أن يكون الرجل الذي قال الزهري : حدثني بعض من أرضى عن سهل بن سعد هو أبو حازم .

وعلى هذا فيكون الحديث متصلاً، لكن هو بهذا السند منقطع.

وسيأتي في الحديث الذي بعده، أن قليلاً من الصحابة والتابعين ذهبوا إلى أنه لا غسل إلا من الإنزال.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مهران البزاز الرازي حدثنا مبشر الحلبي عن محمد أبي غسان عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال: حدثني أبي بن كعب : (أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد) ].

هذا الحديث فيه ذكر أبو حازم الساقط في الحديث السابق، الذي يروي عن سهل بن سعد .

وهذا الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة ، وقال الترمذي : حسن صحيح.

و سهل بن سعد يقول: حدثني أبي بن كعب : ( أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد ) والذين يفتون بذلك جماعة من الصحابة منهم: علي وعثمان والزبير وطلحة وأبو أيوب ، كما أخرج الشيخان في صحيحيهما (أن هؤلاء الصحابة كانوا يفتون أن الماء من الماء) يعني: أنه لا يجب الغسل إلا من خروج المني، فإذا جامع ولم ينزل فلا يجب الغسل، وهذا كان رخصة في أول الإسلام رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر بالاغتسال بعد ذلك، وهذا صريح بأن هذا الحكم منسوخ، وهو ثابت في الصحيحين وفي غيرهما.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، حدثنا هشام وشعبة عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قعد بين شعبها الأربع وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل) ].

هذا الحديث رواه الشيخان بدون لفظ: ( وألزق الختان بالختان )، والمراد بشعبها الأربع هي: اليدان والرجلان هذا هو الأقرب، وقيل: الرجلان والفخذان وقيل: الفخذان والختان.

ففي رواية البخاري (إذا قعد بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل) وفي لفظ: (وإن لم ينزل) جهدها يعني: شدها بحركته وإن لم ينزل، وهذا الحديث فيه دليل على أنه يجب الغسل بمجرد الإيلاج فإذا أولج الذكر في الفرج، ومس الختان الختان؛ فإنه يجب الغسل.

والمراد من قوله: ( ألزق الختان بالختان ) أي: ألزق ختان الرجل بختان المرأة، والمراد تلاقي موضع القطع من الذكر مع موضعه من فرج الأنثى، وذلك لا يكون إلا إذا كان الذكر في الفرج، وليس المراد حصول مس الحشفة وهي رأس الذكر في الفرج، فلا يلاقي الختان الختان إلا إذا غيب الحشفة.

وقد أجمع العلماء على أنه لو وضع ذكره على ختانها ولم يغيب الحشفة لم يجب الغسل لا عليه ولا عليها، وإنما يجب الغسل بتغييب الحشفة في الفرج أو قدرها إذا كانت مقطوعة فإذا غيب الحشفة وهي رأس الذكر في الفرج فحينئذ يلتقي الختان بالختان؛ لأن الختان في المرأة في أعلى الفرج، فإذا غيب الحشفة في الفرج التقى الختان بالختان وليس المراد مس الختان بالختان.

فدل على أن قوله: ( إنما الماء من الماء ) منسوخ، وبقي حكم الماء من الماء في الاحتلام، فإن المحتلم لا يغتسل حتى يخرج منه الماء وهو المني، فإذا احتلم ولم يخرج منه شيء فلا غسل عليه، بخلاف المجامع فإنه إذا أولج ومس الختان الختان وغيب الحشفة في الفرج، فإنه يجب عليه الغسل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الماء من الماء). وكان أبو سلمة يفعل ذلك ].

هذا الحديث منسوخ بحديث: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جاهدها فقد وجب الغسل) أخرجه الشيخان، وفي لفظ لـمسلم : وإن لم ينزل)، لكن بقي حكم هذا في النوم فلا يجب الغسل إلا إذا أخرج الماء وهو المني، هذا هو الصواب، وقد بقي بعض الصحابة، وبعض التابعين على المذهب الأول، وكأنه لم يبلغهم النسخ، ولهذا قال الشارح: واعلم أن قليلاً من الصحابة والتابعين ذهبوا إلى أنه لا غسل إلا من الإنزال وهو مذهب داود الظاهري ، وهو قول ضعيف مرجوح.

والصواب الذي عليه الجماهير أنه يجب الغسل بمجرد التقاء الختانين بعد غيبوبة الحشفة في الفرج وهذا لا ينبغي العدول عنه، وأحاديث الباب كلها تدل على ذلك.

كذلك إذا قطعت الحشفة ثم غيب مقدارها في الفرج وجب الغسل.

شرح حديث طواف رسول الله على نسائه بغسل واحد

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الجنب يعود.

حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا إسماعيل حدثنا حميد الطويل عن أنس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه في غسل واحد).

قال أبو داود : وهكذا رواه هشام بن زيد عن أنس ومعمر عن قتادة عن أنس وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري كلهم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ].

هذا الحديث أخرجه الشيخان رحمهما الله، وهو دليل على أن الغسل لا يجب بين الجماعين، وأن الإنسان إذا جامع زوجته ثم أراد أن يجامع مرة أخرى فلا يجب عليه الغسل وإنما يستحب له أن يتوضأ بينهما، وكذلك إذا جامع عدداً من زوجاته فلا يجب عليه الغسل بينهن، لكن الغسل أفضل، وإن اقتصر على الوضوء فلا حرج.

ومقصود المؤلف رحمه الله من إيراد التعاليق في قوله: (وهكذا رواه هشام بن زيد عن أنس ومعمر عن قتادة عن أنس وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري كلهم عن أنس ) أن الزيادة في قول أنس (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائة في غسل واحد) أي: في غسل واحد هي زيادة محفوظة، وإن لم يذكرها بعض الرواة عن أنس .

وقد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن القسم بين الزوجات ليس واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم حيث أنه طاف على نسائه بغسل واحد، وهذا يدل على أن القسم ليس بواجب على غير النبي؛ لأن وطء المرأة في غير نوبتها غير ممنوع، وذهب إلى هذا طائفة من أهل العلم، لكن ذهب الأكثرون إلى وجوب القسم بين الزوجات وأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة منها: أن هذا كان برضا صاحبة النوبة، ومنها: أن هذا كان عند استيفاء القسمة، ثم يستأنف قسمة جديدة، ومنها: أن هذا كان عند السفر؛ لأنه كان إذا سافر أقرع بين نسائه فلم يقسم بينهن، فإذا أقام أقسم بينهن، ومنها: أن هذا كان قبل وجوب القسم، والأقرب أن هذا لا يخل بالقسم إذا كان في وقت واحد.

وفي هذا الحديث دليل على ما أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم من القوة في الجماع، ولهذا قال أنس : (كنا نحدث أنه أعطي قوة ثلاثين رجلاً في الجماع) عليه الصلاة والسلام.

وقد ذكر العلماء في تعدد الزوجات للنبي صلى الله عليه وسلم من الحكم أنهن ينقلن بعض الأحكام التي لا يطلع عليها الرجال، ومن الحكم أيضاً ما يحصل من التآلف بين عدد من القبائل التي تزوج منهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك عوناً له على القيام بالدعوة ونشر الإسلام.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الجنب يعود.

حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا إسماعيل حدثنا حميد الطويل عن أنس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه في غسل واحد).

قال أبو داود : وهكذا رواه هشام بن زيد عن أنس ومعمر عن قتادة عن أنس وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري كلهم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ].

هذا الحديث أخرجه الشيخان رحمهما الله، وهو دليل على أن الغسل لا يجب بين الجماعين، وأن الإنسان إذا جامع زوجته ثم أراد أن يجامع مرة أخرى فلا يجب عليه الغسل وإنما يستحب له أن يتوضأ بينهما، وكذلك إذا جامع عدداً من زوجاته فلا يجب عليه الغسل بينهن، لكن الغسل أفضل، وإن اقتصر على الوضوء فلا حرج.

ومقصود المؤلف رحمه الله من إيراد التعاليق في قوله: (وهكذا رواه هشام بن زيد عن أنس ومعمر عن قتادة عن أنس وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري كلهم عن أنس ) أن الزيادة في قول أنس (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائة في غسل واحد) أي: في غسل واحد هي زيادة محفوظة، وإن لم يذكرها بعض الرواة عن أنس .

وقد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن القسم بين الزوجات ليس واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم حيث أنه طاف على نسائه بغسل واحد، وهذا يدل على أن القسم ليس بواجب على غير النبي؛ لأن وطء المرأة في غير نوبتها غير ممنوع، وذهب إلى هذا طائفة من أهل العلم، لكن ذهب الأكثرون إلى وجوب القسم بين الزوجات وأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة منها: أن هذا كان برضا صاحبة النوبة، ومنها: أن هذا كان عند استيفاء القسمة، ثم يستأنف قسمة جديدة، ومنها: أن هذا كان عند السفر؛ لأنه كان إذا سافر أقرع بين نسائه فلم يقسم بينهن، فإذا أقام أقسم بينهن، ومنها: أن هذا كان قبل وجوب القسم، والأقرب أن هذا لا يخل بالقسم إذا كان في وقت واحد.

وفي هذا الحديث دليل على ما أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم من القوة في الجماع، ولهذا قال أنس : (كنا نحدث أنه أعطي قوة ثلاثين رجلاً في الجماع) عليه الصلاة والسلام.

وقد ذكر العلماء في تعدد الزوجات للنبي صلى الله عليه وسلم من الحكم أنهن ينقلن بعض الأحكام التي لا يطلع عليها الرجال، ومن الحكم أيضاً ما يحصل من التآلف بين عدد من القبائل التي تزوج منهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك عوناً له على القيام بالدعوة ونشر الإسلام.

شرح حديث أبي رافع في الغسل لمن أراد العود في الجماع

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء لمن أراد أن يعود.

حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته سلمى عن أبي رافع : (أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه قال: فقلت له: يا رسول الله، ألا تجعله غسلاً واحداً؟ قال: هذا أزكى وأطيب وأطهر).

قال أبو داود : وحديث أنس أصح من هذا ].

هذا الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة .

والكلام على عبد الرحمن بن أبي رافع وعمته سلمى وهما مقبولان.

وقد روت عن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم وعنها عبد الرحمن بن أبي رافع وغيره، وذكرها ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان : لا تعرف.

فالحديث ليس بالقوي، لكن له شواهد أخرى وقد حسنه الألباني .

وقال في التقريب: عبد الرحمن بن أبي رافع مقبول من الرابعة، وعمته مقبولة، والمقبول إذا توبع ارتفع إلى درجة الاحتجاج.

وقال أبو داود : حديث أنس أصح من هذا لا شك؛ لأن حديث أنس السابق في الصحيحين وفيه أنه ترك الاغتسال، وفي هذا الحديث أنه اغتسل، ويحمل هذا على استحباب الغسل قبل المعاودة، وحديث أنس على جواز ترك الغسل، ولهذا لما سأل أبو رافع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا تجعله غسلاً واحداً؟ قال: هذا أزكى وأطيب وأطهر ) فالغسل أفضل قبل معاودة الوطء، وإن تركه واكتفى بالوضوء فلا حرج.

شرح حديث أبي سعيد في استحباب الوضوء لمعاودة الوطء

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عون، حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتى أحدكم أهله ثم بدا له أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءاً) ].

هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي والنسائي وابن ماجة ، وفيه استحباب الوضوء قبل معاودة الوطء، وقيل: إن الوضوء واجب، وذهب إلى هذا الظاهرية وجماعة، وذهب الجمهور على أنه مستحب وحملوا الأمر على الاستحباب، وقال الجمهور: إن الذي صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب قوله كما في رواية أحمد بن حنبل وابن حبان والحاكم (فإنه أنشط للعود) فهذا يدل على الاستحباب، وأما الظاهرية وابن حنبل ومالك فقد ذهبوا إلى أنه للوجوب؛ لأن الأصل في الأوامر أنها للوجوب.

وبعض أهل العلم حمله على الوضوء اللغوي وهو غسل الفرج فقط، لكن ابن خزيمة رحمه الله رد هذا؛ لما رواه من طريق ابن عيينة عن عاصم في هذا الحديث فقال: (فليتوضأ وضوءه للصلاة).

والأصل أن الشارع تحمل ألفاظه على الاصطلاحات الشرعية والحقائق الشرعية، لكن هل هو للوجوب أو للاستحباب؟

قول الظاهرية قول قوي في الوجوب والجمهور حمله على الاستحباب لقوله في الرواية الأخرى: (فإنه أنشط للعود)، إذاً: يكون الوضوء بين الجماعين مستحب متأكد أو واجب، أما الغسل فإنه مستحب وليس بواجب كما في حديث أنس . وحديث أبي رافع يحمل على استحباب الغسل، وحديث أنس السابق يدل على أنه لا يجب الغسل.

وحديث أبي سعيد هذا يدل على تأكد الوضوء بين الجماعين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء لمن أراد أن يعود.

حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته سلمى عن أبي رافع : (أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه قال: فقلت له: يا رسول الله، ألا تجعله غسلاً واحداً؟ قال: هذا أزكى وأطيب وأطهر).

قال أبو داود : وحديث أنس أصح من هذا ].

هذا الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة .

والكلام على عبد الرحمن بن أبي رافع وعمته سلمى وهما مقبولان.

وقد روت عن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم وعنها عبد الرحمن بن أبي رافع وغيره، وذكرها ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان : لا تعرف.

فالحديث ليس بالقوي، لكن له شواهد أخرى وقد حسنه الألباني .

وقال في التقريب: عبد الرحمن بن أبي رافع مقبول من الرابعة، وعمته مقبولة، والمقبول إذا توبع ارتفع إلى درجة الاحتجاج.

وقال أبو داود : حديث أنس أصح من هذا لا شك؛ لأن حديث أنس السابق في الصحيحين وفيه أنه ترك الاغتسال، وفي هذا الحديث أنه اغتسل، ويحمل هذا على استحباب الغسل قبل المعاودة، وحديث أنس على جواز ترك الغسل، ولهذا لما سأل أبو رافع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا تجعله غسلاً واحداً؟ قال: هذا أزكى وأطيب وأطهر ) فالغسل أفضل قبل معاودة الوطء، وإن تركه واكتفى بالوضوء فلا حرج.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [25] 2605 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [10] 2228 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [20] 2118 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [6] 1987 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [7] 1965 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [22] 1948 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [4] 1885 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [9] 1778 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [19] 1770 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [3] 1746 استماع