الوصف المناسب لشرع الحكم
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
تعرف أيضاً حكم الأصل من جهة أنه يلحق به غيره، ويقاس عليه، فهي معرفة للحكم فيهما1.
فإن قيل: ما الداعي لتعريفها لحكم الأصل مع وجود النص أو الإجماع؟ قيل: لأنها تعرف كون الحكم منوطاً بها، حتى إذا وجدت بمحل آخر ثبت الحكم فيه أيضاً، والنص يعرف الحكم دون النظر إلى ذلك، ولذا قال السعد في حاشيته على العضد: "ليس معنى كون الوصف معرفاً للحكم أنه لا يثبت الحكم إلا به، كيف وهو حكم شرعي لا بد له من دليل نص أو إجماع، بل معناه أن الحكم يثبت بدليله، ويكون الوصف أمارة بها يعرف أن الحكم الثابت حاصل في هذه المادة.
مثلاً إذا ثبت بالنص حرمة الخمر، وعلل بكونه مائعاً أحمر يقذف بالزبد، كان ذلك أمارة على ثبوت الحرمة في كل يوجد ذلك الوصف فيه من أفراد الخمر، وبهذا يندفع الدور.
والحاصل أن العلة تتوقف على العلم بشرعية الحكم بدليله، والمتوقف على العلة هو معرفة ثبوت الحكم في المواد الجزئية2.
وقرر صاحب نشر البنود وجه ثبوت حكم الأصل بالعلة بقوله: "وقد يقال: معناه أنه إذا لوحظ النص عرف الحكم، ثم إذا لوحظت العلة حصل التفات جديد للحكم، ومعرفة كون محله أصلاً يقاس عليه، مستفاد من العلة، فإفادتها لذلك الحكم على هذا الوجه هو مرادهم بقولهم أنها تفيد حكم الأصل بقيد كون محله أصلاً يقاس عليه"3.
وبهذا التقرير يصح أن يقال: بأن الخلاف بين الحنفية - القائلين بأن حكم الأصل ثبت بالنص لا بالعلة -، وبين الشافعية - القائلين بأن حكم الأصل ثبت
__________
1 نشر البنود 2/130، وغاية الوصول ص114، ونبراس العقول 1/217.
2 انظر: حاشية السعد على العضد 2/214.
3 انظر: نشر البنود شرح مراقي السعود 2/130.