المدينة المنورة في عهد الزنكيين الأيوبيين والمماليك

مدة قراءة الصفحة : دقيقة واحدة .
وفي مطلع ذي القعدة من العام نفسه وصلت البشرى إلى المدينة المنورة ففرح أهلها فرحا عظيما، ورأوا بعض الصليبيين يقودهم جنود لؤلؤ ويتجهون بهم إلى مكة ليقتلوا على مرأى الحجاج، وعلموا أن لؤلؤا وبقية رجاله عادوا إلى مصر ببقية الأسرى (1) وقد كتب صلاح الدين إلى أخيه الملك العادل بمصر أن يضرب أعناق الأسرى في هذه الحملة لأنهم تجرأوا على مقدسات المسلمين، ولأنهم عرفوا الطريق إلى المدينة ومكة واطلعوا على عورات المسلمين في البحر الأحمر، ولا يقبل فيهم فداء ولا يطلقهم، كي لايفكر الصليبيون بعدها بالدخول إلى الجزيرة العربية، وقام كاتبه الأثير القاضي بتدبيج رسالة بليغة في ذلك.
وكان مما قاله فيها (ليس في قتل هؤلاء الكفار مراجعة و لا في استبقاء واحد منهم مصلحة، ولا للتغاضي عنهم عند الله عذر مقبول فليمض العزم في قتلهم ليتناهى أمثالهم عن فعلهم) (2) وقال في رسالة أخرى: (هؤلاء الأسارى قد ظهروا على عورة الإسلام وكشفوها، وتطرقوا بلاد القبلة وتطوفوها، لوجرى في ذلك سبب والعياذ بالله لضاقت الأعذار إلى الله والخلق، وانطلقت الألسن بالمذمة في الغرب والشرق، ولابد من تطهير الأرض من أرجاسهم والهواء من أنفاسهم، بحيث لايعود منهم مخبر يدل الكفار على عورات المسلمين) (3).


(1) الكامل 9/ 160.
(2) الروضتين 2/ 37.
(3) ذيل الروضتين 2/ 36 وانظر خبر هذه الحملة: سنا البرق الشامي ص 212 وابن جبير 33/ 34 و النوادر السلطانية 87، السلوك ج1 قسم 2 ص 79، والبداية والنهاية 12/ 332.