الثقات لابن حبان - ط العلمية = التراجم
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
[ج 1: ص 8]
ذِكْرُ الْحَثِّ على لُزُومِ سُنَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم
(1) -[1: 8] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُكْرَمِ بْنِ خَالِدٍ الْبِرْتِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ يَزِيدَ، ثنا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَحَجَرُ بْنُ حَجَرٍ الْكَلاعِيُّ، قَالا: أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ}، فَسَلَّمْنَا وَقُلْنَا: أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ الْعِرْبَاضُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِيشُ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، فَتَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ". قَالَ الْوَلِيدُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ بْنِ زَبْرٍ، فَقَالَ: نَعَمْ، حَدَّثَنِي بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أبو حاتم: إن اللَّه جل وعلا اصطفى محمدًا صلى الله عليه وسلم من بين خلقه، وبعثه بالحق بشيرًا ونذيرًا، وافترض على خلقه طاعته ومذكوره، وحدثنا فقال {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} وقال {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} الآية، فأمر اللَّه بطاعة رسوله مع طاعته، وعند التنازع بالرجوع إلى سنته، إذ هو المفزع الذي لا منازعة لأحد من الخلق فيه، فمن تنازع في شيء بعد رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وجب رد أمره إلى قضاء اللَّه، ثم إلى قضاء رسوله صلى الله عليه وسلم لأن طاعة رسوله طاعته، قال اللَّه تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ} الآية، وقال {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} فقد أعلمهم جل وعلا أن اتباعهم رسوله اتباعه، وأن طاعتهم له طاعته، ثم ضمن الجنة لمن أطاع رسوله، واتبع ما أجابه، فقال {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} ثم