اليسر ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
اليسر ورفع الحرج
في الشريعة الإسلامية
إعداد
الدكتور مازن مصباح صباح
أستاذ الفقه وأصوله المساعد
جامعة الأزهر - غزة
الحمد لله رب العالمين، كلّف عباده المؤمنين بما يطيقون وبما يستطيعون ووضع عنهم ما هم عنه يعجزون، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الذي جاء برسالة عنوانها السماحة - صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر الشافع المشفع يوم الحشر .. أما بعد:
إن المتتبع والدارس والقارئ للفقه الإسلامي بدقة وتمعن يجد أنه يتميز بخصائص ومميزات لا يتميز بها غيره، جعلته قابلاً للنماء والثبات والعطاء طيلة أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن، وسيبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك أن الشريعة الإسلامية -الذي يُعد الفقه جزءاً منها- ذات صفة عالمية ودائمة.
ولما كانت هذه الشريعة آخر شريعة سماوية، كان لابد أن تكون مميزة بخصائص ومميزات تجعلها قابلة للثبات والاستمرار ومواكبة لحياة الإنسان مهما كان، وفي أي عصر كان وفي أي مكان كان.
ومن أهم المميزات التي تميزت بها شريعتنا الغراء رفع الحرج عن المكلفين والتيسير عليهم، وهذه ميزة ميزت الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع الأخرى السابقة التي ضمَّنها الله -عز وجل- من الأعمال الشاقة ما يتناسب وأحوال وأوضاع تلك الأمم التي جاءت لها تلك الشرائع، والأمثلة على ذلك كثيرة منها: اشتراط قتل النفس للتوبة من المعصية، والتخلص من الخطيئة، ويدل على ذلك قوله تعالى: }فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ{([1])، ومثله أيضاً تطهير الثوب بقطع موضع النجاسة منه، وبطلان الصلاة في غير موضع العبادة المخصوص، وغير ذلك من الأمور التي كلّف بها من نزلت عليهم تلك الشرائع السابقة([2]).