الفتوى بغير علم
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
ههه
الحمد للّه الذي جعل في كل زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم، يَدْعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى ، يحيون بكتاب اللّه الموتى، ويُبَصِّرون بنور اللّه تعالى أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيَوه، وكم من ضال تائه قد هدَوه، فما أحسن أثرهم على الناس ، وما أقبح أثر الناس عليهم . ينفون عن كتاب الله تعالى تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة ، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب، يقولون على اللّه تعالى، وفي الله تعالى، وفي كتاب اللّه تعالى بغير علم. يتكلّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون الجهال بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين. (¬1)، أما بعد :
فإن الله تعالى أكمل لنا الدين ببعثة محمد ^ ، فجاء بالهدى ودين الحق ، وبيَّنه وبلَّغه البلاغ المبين ، فلا تحتاج أمته إلى أحد بعده يغير شيئا من دينه ؛ وإنما تحتاج إلى معرفة دينه الذي بُعث به فقط . ثم سار على ذلك أصحابه –رضوان الله عليهم – فقد فتحوا القلوب بعدلهم بالقرآن والإيمان ، والقرى بالجهاد بالسيف والسنان ، وألقوا إلى التابعين ما تلقَّوه من مشكاة النبوة خالصا صافيا ، فحازوا قصبات السباق ، فلا طمع لأحد من الأمة بعدهم في اللحاق ، و لكن لا يزال في أمته أمة ظاهرة بهذا وهذا حتى تقوم الساعة ، فالحمد لله على نعمائه وآلائه يوم أن حفظ علينا ديننا ، وجعل لنبيه ورثة أخذوا من بحظ وافر ، فبلغوه الأمة جيلاً بعد جيل ، والمبرز من اتبع صراطهم المستقيم ، واقتفى منهاجهم القويم ، والمتخلِّف من عَدَل عن طريقهم ، فذلك المنقطع التائه الهالك في بيداء المهالك والضلال .
أهمية الموضوع :
¬__________
(¬1) الرد على الجهمية للإمام أحمد( ص 13 - 14 ) ، والبدع لابن وضاح - (ص 4) و انظرها منسوبة في اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ص 58)