من مسالك المعاصرين في تضييق الاحتجاج بالسنة النبوية

مدة قراءة الصفحة : دقيقة واحدة .
من مسالك المعاصرين في تضييق الاحتجاج بالسنة النبوية تقسيم السنة إلى تشريعية وغير تشريعية - عرض ونقد – مقدم للمشاركة في مؤتمر النص الشرعي بين الأصالة والمعاصرة الذي تعقده الجمعية الأردنية للثقافة المجتمعية إعداد: محمد رمضاني الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد.
فقد اتفقت كلمة المسلمين على أن السنة النبوية مصدر أصيل من مصادر التشريع الإسلامي تستنبط منها الأحكام الشرعية والآداب المرعية والحكم والمعارف والعلوم، كونها وحيٌ أوحاه الله إلى خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، ومصداق ذلك قول رب العزة سبحانه في وصف كلام نبيه: {إن هو إلا وحي يوحى} [النجم:04] رغم هذه الحقيقة اليقينية إلا أن خصوم السنة وأعداءها أوجدوا مسالك وطرائق حاولوا من خلالها أن يطعنوا في حجية السنة النبوية ويضيِّقوا من دلالتها في تشريع الأحكام بدعوى أن جزءا وافرا منها إنما صدر منه صلى الله عليه وسلم لا على وجه التشريع لأمته وحُصِرَ هذا الجزء في ما خرج على سبيل التجربة، أو ما تعلق بأمور الدنيا، كاللباس والأكل والنوم، وأمور المعايش كالزراعة والصناعة، وما توصل إليه الناس بتجاربهم الخاصة كالطب والعلاج والشؤون العسكرية .
.
.
وغيرها، فكل ما تعلق بهذه الأمور مما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوال؛ إنما هو من اجتهاداته، ومن تصرفاته العادية النابعة أصلاً من بشريته، فلا يقتدى به فيها، ولا يتعلق بها تشريعٌ، ولا تدخلُ في مسمَّى الدين؛ لأنها حسب هذا الاتجاه من باب الرأي والإرشاد لا أكثر.
ولعلَّ الملفت هنا أن أول من أَصَّل لهذا المسلك هم بعض أفاضل المنسبين للعلم، غير أن خصوم السنة من العقلانيين والحداثيين استغلوا هذا الأمر فوسعوا من دائرة السنة غير التشريعية وجعلوا هذا المسلك تكأة في تضييق الاحتجاج بمصدر التشريع الثاني في الإسلام.