تباين منهج المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتعليل

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
تباين منهج المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتعليل تأليف الدكتور ماهر ياسين الفحل رئيس قسم الحديث في كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار تباين منهج المتقدمين والمتأخرين في التصحيح والتعليل كان لسلفنا الصالح من أصحاب القرون الثلاثة الأولى فضل كبير في خدمة السنة النبوية ، ومن تلك الخدمة : نقلها إلينا بعد تنقيتها من الدخيل والزائد عليها ؛ إنهم بذلوا أعلى غاية الجهد في خدمة السنة من أجل أن يدفعوا عنها كل دخيل ؛ فأبطلوا جميع مخططات الأعداء الذين كانوا يريدون النيل من السنة وأعملوا أفكارهم وبذلوا جهدهم حتى بينوا أوهام الرواة وأخطاءهم ، وحفظوا لنا السنة في صدورهم ودواوينهم حتى أوصلوها لنا نقية من تحريف كل مبطل . ثم إن هذا الرعيل الأول من المتقدمين قد بلغوا في الحفظ والضبط والإتقان والقوة أقصى غاياته وحفظوا ونقبوا عن الطرق أشد التنقيب ؛ حتى بذلوا في خدمة السنة كل غال ونفيس . ومادامت السنة في صدورهم وبين أحضانهم ولعصر الرواية انتماؤهم ووجودهم ولها ثبتت ملاحظتهم ومعايشتهم فقد تأكد وعلى ممر القرون وبالنظر والموازنة والمقارنة أن أحكامهم في هذا الشأن أعلى الأحكام وأصحها ؛ لشدة قربهم ومعاصرتهم للرواية ، وقوة قرائحهم وحفظهم مئات الألوف من الأسانيد حتى أصبح السند الذي يشذ عن أحدهم عزيزاً نادراً . ومع هذا الاتصاف بالحفظ التام والنظر الثاقب امتازوا بالورع التام والديانة والمذاكرة بينهم في خدمة هذا الدين عن طريق تنقية السنة من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين . إذن فإن أقوال المتقدمين وأحكامهم في هذا الشان ينبغي أن تعتبر كل الاعتبار ، وإن إعلال المتقدمين لحديث من الأحاديث لا ينفعه تصحيح المتأخرين . بل إن المتأخرين لن يقفوا على مالم يقف عليه المتقدمون ولو وجد شيء على غرار هذا لكان علم المتقدمين به أولاً معلوماً ، لكنهم أعلم بما لابس هذا المتن أو الإسناد من علل ظاهرة أو خفية .