صيغة (انفعل) في التعبير القرآني دراسة في المبنى والمعنى

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
صيغة (انفعل) في التعبير القرآني دراسة في المبنى والمعنى. د. هادي شندوخ حميد/جامعة ذي قار-كلية الاداب thiqaruni.org المقدمة ــــــــــــــــــ لم يكن الاهتمام بالبنية أمراً مهملاً في الدرس اللغوي القديم، بل كان محط الانظار ومجلب العناية في التتبع والملاحظة، على مستوى التأسيس والقصدية في الاختيار، فتاسيسا لم تكن جهود الخليل وابن جني، الامحاولة في طريق اظهار عبقرية اللغة وثرائها على مستوى اللفظ والمعنى، فنظام التقليب مسلك موصل لتعدد انواع المفردات، وتحويلها من شكل الى آخر، بطريق يسمى الاشتقاق، لغرض الوصول في النهاية الى قصدية المنشيء في اختيار هذه البنية او تلك. ولعل الملازمة بين المبنى والمعنى أمر ظهرت بداياته وتجلت لمساته في المصنفات الأولى، فكثير من المباني له دلالاته المعبرة عنه، اذ لاينفصل الاختيار لبنية ما عن المعنى الذي وضع لهذه الصيغة أو تلك، وهكذا اخذ التدقيق والكشف عن دلالات تلك المباني إزاء مايعبر عنها، باختلاف الملحظ السياقي الحامل لتلك الحمولة الدلالية، من المبنى والمعنى. ومن ثم فأن تلك الحقيقة هي دلالة على سمة عقلية انفرد بها العقل العربي، وجعلها منفذًا يتم من خلاله كشف البواعث غيرالورائية المتحكمة في لغة المنطوق والمكتوب، وصولا الى المغزى الذي يراد.، بدءاً بكلام العرب ونفثاتهم المبثوثة في مجمل القضايا الملازمة لهم. وتركيزا على لغة القران الكريم ومافيها من إعجاز مقصود في الاختيار والتوظيف. فالمعروف ان القرآن الكريم له طريقته في التعبير والتاثير، اذ لاتستعمل البنية من شكل الى آخر أو تُكرَّر نفسها في موضع من دون آخر الا لدلالات اريد بها مطلبٌ ما. وهذا ماتنبه اليه كثير من الدارسين قديما وحديثا، وحاولوا رصده بالتحليل والمقارنة والاستنباط. ولعل من بين تلك الالتفاتات القرآنية التي لم يسدد بحث منفرد لكشفها صيغة (انفعل)، فان تُعرض لها فقد كان الامر مبثوثا في المدونات اللغوية دون لم شتات الدلالات والمقاصد في الاستعمال، سواء أكان ذلك البث في التفاسير أم كتب المعاني والاعراب، وهو أمر حفّز الباحث على قراءة معانيها واستنطاق دلالاتها في القرآن الكريم، على منهج يقتضي تتبع متعلقات المبنى، أي ماقيل في متعلقاتها من اشتقاق، و معنى المطاوعة فيها، والفرق بينها والفعل المبني للمجهول، واستظهار الدلالات التطبيقية التي توافرت على استعمال الصيغة، في سياقها التركيبي. وصولا إلى هوامش البحث والخاتمة ومن ثم قائمة بمظان البحث. اهتم القدماء والمحدثون بالمبنى كثيرا، لما في ذلك من كشف للمعنى الذي يراد الوصول اليه، أي بتنوع المباني وما فيها من دلالات مختلفة، ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل البحث عن استيفاء المعاني بما يلائمها من الصيغ كان شغلا لعلماء اللغة، فسعة المعاني وتطورها الح على وضع مايقابل تلك السعة او يسد جانبا منها. ولعل الاشتقاق اوّل الوسائل التي فُطن اليها في اثراء اللغة على مستوى اللفظ والمعنى، وهذا من خصائص العربية، فصفاتها التي امتازت بها اهلتها لان تكون لغة اشتقاقيةمن خلال الالصاق والتضعيف والتحول الداخلي، لتنتج في النهاية تكثيفا في اللفظ والدلالة اذ ان لكل زيادة في المبنى زيادة في المعنى (1).