الارتقاء بالكتابة

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، والصلاة والسلام على أفضل العرب لهجة، وأصدقهم حجة، وعلى آله الأمجاد، وصحبه الذين فتحوا البلاد، ونشروا لغة التنزيل في الأغوار والأنجاد، وحببوها إلى الأعجمين حتى استقامت ألسنتهم على النطق بالضاد، أما بعد: فإن شأن القلم لجلل، وإن أمر الكتابة لعظيم؛ كيف لا، والله _ عز وجل _ قد علم بالقلم، وأقسم بالقلم. قال _ جل ثناؤه _: [اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)] العلق. وقال: [ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)] القلم. كفى قلم الكُتَّاب مجداً ورفعة ... مدى الدهر أن الله أقسم با لقلم ولا ريب أن الحديث عن الكتابة متشعب طويل, والمقام ههنا لا يسمح بالتفصيل، وإنما هي إشارات عابرة هي أشبه بالمعالم العامة للكتابة الرصينة النافعة، وليست بالضرورة حديثاً عن البحث، وطرائقه. وقد أَفَدْتُها من خلال التجربة اليسيرة، ومن خلال ما مرَّ بي من كلام العلماء وأكابر الكتاب الذين حاموا حول هذا المعنى(1)؛ فأحببت تقييد شيء من ذلك ونشره؛ رغبة في عموم النفع. وإن من أعظم البواعث إلى ذلك كثرةَ الأسئلة عن كيفية الكتابة، وأدواتها، وسبل الترقي فيها. ومن البواعث _ أيضاً _ ما يراه المتأمل من نفسه ومن غيره من كثرة الأساليب المتخاذلة، والكتابات الركيكة أو المتكلفة. __________ (1) _ انظر على سبيل المثال إلى مقدمة أدب الكاتب لابن قتيبة ص5_20، وكتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري، وأدب الكُتَّاب للصولي، والمثل السائر لابن الأثير 1/3_31، ومقدمة المنفلوطي لمختاراته، والسعادة العظمى لمحمد الخضر حسين ص73_75، و 113_116، و 154_156، والمذكرات لمحمد كرد علي ص1192_1193، إلى غير ذلك مما سيرد ذكره في ثنايا الصفحات التالية.