دار الحديث الأشرفية

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم دار الحديث الأشرفية معلم حضاري للأمة في مسيرة ثمانية قرون (800 عام). إن دراسة التاريخ بالاعتماد على الآثار العمرانية للحضارات فنٌّ قلَّ من يتقنه، سبب ذلك: أنه يفتقر إلى مجموعة كبيرة من العلوم والمعارف تفيد الباحث المطّلع باجتماعها تذوقًا لتفاصيل فن دقيق يختصر التاريخ في أحد شواهده. أما دراسة المباني الأثرية من حيث الوصف المعماري (هندسة أو صنعة بناء)، أو من حيث عرض الوقائع التاريخية بالأرقام مجردة عن ظروف ذلك وأسبابه ونتائجه: فشأنها شأن من يترجم لإنسان فيصف أعضاءه ويذكر طوله وعرضه بالمقاييس الدقيقة، ويتبع ذلك بأرقام تواريخ ولادته ونشأته وشبابه وكهولته، كذلك أسفاره وتنقلاته ثم وفاته ... ويغفل جوانب الإنسانية بين جوانح ذلك الشخص، يغفل مشاعره وانفعالاته، وأفكاره ومبادئه ومعتقداته، وأذواقه وأخلاقه، وسائر طبائعه التي تميزه عن الجماد أو الحيوان. وقديما برع الشعراء الجاهليون في الوقوف على الأطلال الغابرة، ومخاطبة المنازل الداثرة، شوقا إلى سكانها الأحبة، وبقي هذا الغرض الأدبي مستمرا ظاهرا طالما وجد الحنين في قلب الإنسان إلى عهود خالية تُذكِّره بها آثار باقية، ولا أجد في التعبير عن هذا المعنى أبلغ من قول الشاعر: فإن ترائت لك الحمراء عن كثب ... فسائل الصرح أين المجد والجاه وانزل دمشق وسائل صخر مسجدها ... عمن بناه لعل الصخر ينعاه هذي معالم خرسٌ كل واحدة ... منهن قامت خطيبًا فاغرًا فاه وقول أمير الشعراء شوقي مخاطبًا جامع دمشق: مررت بالمسجد المحزون أسأله ... هل في المصلى أو المحراب مروان مكى المسجد المحزون واختلفت ... على المنابر أحرار وعُبدان