مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم: دراسة تاريخية نقدية د.عبد الراضي بن محمد عبد المحسن مقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أما بعد: فالترجمة وسيلة من وسائل الاتصال الحضاري والتأثير الثقافي بين الأمم، وسبيل من سبل نقل المعارف والعلوم والخبرات المختلفة من حضارة إلى أخرى، وقد كانت الترجمة في الحضارة الإسلامية أهم عوامل الحفاظ على التراث العلمي والثقافي للعالم القديم، وتنقيحه، وتطويره. ولما شرع الغرب في تلمُّس مخرج من ظلام عصوره الوسطى يمّم وجهه شطر العالم الإسلامي يستلهم حضارته ونظمه عبر واحدة من أوسع حركات الترجمة التي شملت ـ كما يقول لويس يونغ ـ جميع المجالات، ومن خلالها تركت الحضارة الإسلامية بصماتها على جميع المستويات، وأسهمت بقدر غير منكور في تنوير القارة الأوربية المظلمة(1). وقد كان القرآن الكريم من أوائل الترجمات التي عرفتها لغات الغرب الأوربي، وكذلك كان أكثرها من جهة حرص المستشرقين على نقله إلى جميع اللغات الأوربية، مما يثير العديد من التساؤلات حول سر اهتمام الحركة الاستشراقية البالغ بترجمة القرآن الكريم، مثل: ماهية الدوافع والعوامل والأسباب التي كانت وراء ترجمة القرآن الكريم: أثقافية معرفية؟ أم كنسية تنصيرية؟ أم سياسية استعمارية؟ وما الأهداف التي سعى المستشرقون إلى تحقيقها من خلال الترجمة؟ __________ (1) لم يعد فضل الحضارة الإسلامية على الغرب واستلهامه لها وإفادته الواسعة منها في جميع المجالات العلمية والمعرفية مجرد فرض أو تخمين علمي جدلي، بل أصبح حقائق علمية مسطورة في كتابات مؤرخي الحضارة والفكر من الغربيين أنفسهم، راجع على سبيل المثال: -زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب. -روم لاندو، الإسلام والعرب. -لويس يونغ، العرب وأوربا. -جورج سارتون، الثقافة الغربية في رعاية الشرق الأوسط.