ري الظمآن في بيان القرآن

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
رَِي الظَّمآن في بَيَانِ القُرآن تأليف فهد بن عبد الله الحبيشي بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله منزل القرآن، معلم الإنسان البيان، والصلاة والسلام على خير العباد، وأفصح من نطق بالضاد، وبعد. فلما كان كتاب الله خير الكتب، وبيانه أعلى بيان، كانت خدمته من أجل الأعمال وأرفعها، وأعلى القرب وأسمقها، ولهذا قمت بجمع هذه المباحث المتعلقة ببيان القرآن الكريم، الذي أعجز فطاحل العرب بلفظه، وأعياهم بسبكه. بيد أنه مع تطاول الأزمنة، وانحراف الألسنة وطغيان اللكنة، افتقد الناس الذوق الذي به يتذوقون كلام الله، ويفهمون أبعاده ومراميه، ومظاهر إعجازه ومبانيه. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، والذي فيه يحس القارئ بالظلال الوارفة لكتاب الله، ويعيش لحظات مليئة بالجمال والروعة والفائدة. ويدرك جزءا من مظاهر إعجاز القرآن الكريم، وبعدا من أبعاد البيان العظيم. أسأل المولى أن يجعل ما كتبت وما أنفقت فيه من أوقات في ميزان حسناتي، والله المستعان. تمهيد (1) إعجاز القرآن في فصاحته: تحدى الله سبحانه الكفار أن يأتوا بمثل القرآن أو عشر سور منه أو سورة منة؟، فلم يستطيعوا. وأما وجه إعجازه ففيه مذاهب: الأول: أن الله أنزل القرآن لبيان الأحكام لا ليكون حجة على الخلق، والعرب إنما لم يعارضوه لأن الله تعالى صرفهم عن ذلك وسلب علومهم. وهذا فاسد من وجوه منها: لو كانوا قادرين لما كانوا مستعظمين لفصاحة القرآن بل يجب أن يكون تعجبهم من تعذر ذلك عليهم بعد أن كانوا قادرين على معارضة القرآن، والواقع أن تعجب العرب كان من فصاحة القرآن. لو كان كلامهم مقاربا في الفصاحة قبل التحدي لفصاحة القرآن لوجب أن يعارضوه بذلك ولكن الفرق بيّن بي كلامهم بعد التحدي وكلامهم قبله وبين القرآن وكلامهم بعد التحدي، ولما لم يكن ذلك كذلك بطل ذلك. الثاني: أن أسلوب القرآن مخالف لأسلوب الشعر والخطب والرسائل. وهذا باطل من وجوه: