مبدأ الاكتفاء الاقتصادي في بعض الأحكام القرآنية

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
مقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإنّ المال من ضروريات الحياة، وإنّ العامل الاقتصادي من أهمّ العوامل المؤثرة في حياة الناس، وعليه يتوقف تحقّق كثير من مصالحهم، وبما أنّ الإسلام دين الفطرة ورسالة الحق؛ فإنّه لم يهمل أهمية الجانب الاقتصادي في حياة الفرد والمجتمع والدولة، بل اعتنى بهذا الجانب عنايةً مناسبةً تؤدي إلى تحقيق قدر الكفاية على مستوى الفرد والمجتمع (¬1)، مع التحذير من عدم الإجمال في الطلب، وبيّن عاقبة هذا الإفراط على حياة الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء (¬2). ¬__________ (¬1) فقد شرع الإسلام أحكاماً للتكسب المشروع، وحث على الصناعة والزراعة والتجارة، وذم الكسل والتسول، بحيث يؤدي الأخذ بهذه الأحكام إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي للدولة الإسلامية إلى حدّ الكفاية الذاتية، وقد تحقق ذلك بالفعل في العهد النبوي وعهد الخلافة الراشدة إلى درجة أنه عندما حل عام الرمادة في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعم القحط أرجاء الجزيرة؛ لم يستنجد الخليفة إلاّ ولاته في مصر والشام لإغاثة أهل الجزيرة. انظر بخصوص عام الرمادة: ابن سعد، الطبقات الكبرى، بيروت: دار صادر، ج3، ص310. ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، بيروت: درا الكتب العلمية، ج2، ص508. (¬2) وذلك في آيات وأحاديث كثيرة منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فَوَاللَّهِ لا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ على من كان قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كما أَهْلَكَتْهُمْ» البخاري، الجامع الصحيح، بيروت: دار ابن كثير، ط2: 1407هـ، ج3، ص1152.