أعمال الكفار والجزاء عليها
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
المقدّمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن أعمال الكفار والجزاء عليها ثواباً، أو عقاباً من الأمور التي تحتاج إلى بيان وتفصيل، وذلك أن الناظر في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - يجد فيهما نصوصا تقضي بحبوط أعمال الكفار وعدم انتفاعهم بها في الآخرة، كقوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} (¬1) وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَالله سَرِيعُ الْحِسَابِ} (¬2)، كما يجد نصوصا أخرى تدل على أن كل إنسان كافرا كان أو مسلما سيرى جزاء عمله، كقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (¬3) وقد يموت الكافر على كفره، وقد يشرح الله صدره للإسلام، فما القول في عمله حال كفره؟ وهل يجزى به بعد إسلامه؟ وقد يرتد المسلم والعياذ بالله، فما حكم عمله في الإسلام إن مات على ردته، أو راجع الإسلام؟ كل ذلك وغيره من صور مسائل هذا الموضوع يحتاج إلى تجلية وبيان، ولم أر من أفرد الموضوع بالبحث والتأليف، فاستعنت الله عز وجل على
¬__________
(¬1) سورة الفرقان آية 23
(¬2) سورة النور، آية: 39
(¬3) سورة الزلزلة آية: 8، 7