المسائل الفقهية المتعلقة بالجندي المسلم في الحج

مدة قراءة الصفحة : 4 دقائق .
المسائل الفقهية المتعلقة بالجندي المسلم في الحج د. عبدالعزيز بن سعود عرب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد: لقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه وخليله إبراهيم -عليه السلام- بالنداء في الناس بالحج بقوله: "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" (1)، قال ابن كثير رحمه الله: "أي نادِ في الناس بالحج داعياً لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه، فذُكر أنّه قال: يا رب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقال: نادِ وعلينا البلاغ، فقام على مقامه، وقيل على الحجر، وقيل على الصفا، وقيل: على أبي قبيس، وقال: يا أيها الناس إنَّ ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه، فيقال إنّ الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أن يحج إلى يوم القيامة لبيك اللهم لبيك" (2). فاستجاب الناس إلى دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام، فأتوا قاصدين بيت الله الحرام من كل قطر من أقطار الأرض، ملبين مكبرين، بأعداد كبيرة، وجموع غفيرة تقدر بالملايين، فحبى الله بلادنا المباركة خاصية خدمة هؤلاء الحجيج، ومن المعلوم أنه لا تستقيم أمور الحج؛ إلا بالقيام على تنظيمه وترتيبه، والعمل بما فيه مصلحة الحجيج. ومن هؤلاء القائمين على أمور ومصالح الحجيج، الجنود ورجال الأمن، حيث أنيط بهم تنظيم سير الحجيج، وحمايتهم بعد حماية الله ولطفه، وإنقاذ مصابهم ودلالة تائههم، والحيلولة دون وقوع الحوادث والكوارث بعد توفيق الله ورعايته، من هنا كان وجود الجنود مع الحجيج أمر في غاية الأهمية والحاجة، ومما لاشك فيه أن الجندي المسلم هو في حقيقته فرد من عموم المسلمين، مخاطب بنصوص الشريعة، وتجري عليه جميع الأحكام الشرعية. بيد أن هناك مسائل وأحكاماً فقهية، متعلقة بالجندي المسلم في الحج سببها طبيعة عمله وحاله، فكان لزاماً معرفة بعض هذه المسائل، وهي على النحو الآتي: المسألة الأولى: حكم حج الجندي المشارك بمهمة في الحج: بعض الجنود المشاركين بمهمة في الحج يرغبون في الحج، ولكن في بعض الأحيان يمنعهم المسئول عنهم من أداء نسك الحج، بحُجَّة الحاجة إلى تفرغ الجندي لأداء عمله المناط به، وأنّ ذلك أدعى للانضباط، فما حكم طاعة الجندي لرئيسه في هذا؟ الجواب: إنّ طاعة ولي الأمر القائم بشرع الله وحدوده، من الأمور الواجبة على كل مسلم، وذلك استجابة لنداء الله