حديث السنة عن القرآن فضائل وأحكام وآداب
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
حديث السنة عن القرآن
فضائل وأحكام وآداب
للدكتور: محمد بن عبد الله القناص
أستاذ الحديث المشارك بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة القصيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد ورد في ثنايا كتاب الله عز وجل حديث مستفيض عن القرآن الكريم حيث تحدثت الآيات الكريمة عن علو شأنه، ورفعة قدره، وعموم بركته، وهدايته للصراط المستقيم، وأمر الله سبحانه بحسن تدبره، والاعتصام به، واتباع ما فيه، والانتفاع بهداياته، ثم جاءت السنة مبينة فضائله، موضحة مكانته ورفعته، مرغبة في تعلمه وتعليمه وتلاوته . وقد عُني أئمة الحديث بجمع الأحاديث الواردة في فضائل القرآن أو ثواب القرآن، ويورد الأئمة تحت هذا العنوان الأحاديث الواردة في تعلم القرآن وتعليمه، وتعاهده واستذكاره، والتغني به، والخشوع والبكاء عند تلاوته، وفضائل بعض السور والآيات، ونحو ذلك مما له صلة بالقرآن..... ومن الأئمة من أفرد هذا الموضوع بتأليف مستقل مثل: أبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ )، ومحمد بن أيوب بن الضريس ( ت 295 هـ )، وأحمد بن شعيب النسائي ( ت 303 هـ )، وعماد الدين إسماعيل بن كثير الدمشقي ( ت 774 هـ ) , ......... ومنهم من أدرج أحاديث فضائل القرآن ضمن مصنفاتهم في السنة، وخصصوا له كتاباً مفرداً أو جعلوه تحت كتاب الصلاة مثل: ابن أبي شيبة ( ت 235هـ )، والبخاري ( ت 256 هـ )، ومسلم ( ت 261 هـ )، والترمذي ( ت 279 هـ )، وأبي داود ( ت 275 هـ )، والنسائي ( ت 303 هـ ) ، وغيرهم . (¬1)
¬__________
(¬1) هذه المصنفات ونظائرها هي المراجع المعتمدة في موضوع فضائل القرآن ، وقد راجت أحاديث موضوعة في فضائل القرآن في بعض كتب التفسير مثل: الكشف والبيان لأبي إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي ، وتفسير البسيط للواحدي ، والكشاف للزمخشري ، وغيرها ......ومن الأحاديث الموضوعة في فضائل القرآن الحديث الطويل المنسوب إلى أبيّ بن كعب - رضي الله عنه - عنه في فضائل سور القرآن سورةٍ سورة ، وهو حديث موضوع ، روى المؤمل بن إسماعيل قال : حدثني شيخ بحديث أبيّ بن كعب في فضائل القرآن سورةٍ سورة ، فقال : حدثني رجل بالمدائن وهو حيّ فصرت إليه ، فقلت له : من حدثك ؟ ، قال : حدثني شيخ بواسط وهو حيّ ، فصرت إليه ، فقلت له : من حدثك ؟ قال : حدثني شيخ بالبصرة ، فصرت إليه ، فقلت من حدثك ؟ ، قال : شيخ بعبادان ، فصرت إليه ، فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فيه من المتصوفة ، وبينهم شيخ ، فقال : هذا الشيخ حدثني ، فقلت : يا شيخ من حدثك ؟ فقال : لم يحدثني أحد ولكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن . ( ينظر : التقيد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي ( ص: 134 ) ، فتح المغيث للسخاوي (1/242) ، الإتقان للسيوطي ( 2/155 ) )
وقد سأل عبد الرحمن بن مهدي ميسرة بن عبد ربه ، من أين جئت بهذه الأحاديث من قرأ كذا فله كذا ؟ قال: وضعتها أرغب الناس فيها . ينظر : المجرحين من المحدثين لابن حبان ( 1/54 )
كما سُئل نوح الجامع – عصمة بن أبي مريم – من أين لك: عكرمة ، عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا ؟ فقال : إني رأيت الناس قد= = أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة . ( ينظر: تدريب الراوي ( 1 / 282 )، الإتقان للسيوطي ( 2/ 155 ) )
وقال الموصلي – رحمه الله تعالى -: " قد ورد: من قرأ سورة كذا فله أجر كذا ... من أول القرآن إلى آخره؛ قال ابن المبارك: أظن الزنادقة وضعتها ، وقال أيضاً: فلم يصح في هذا الباب شيء غير قوله في فاتحة الكتاب لأبي - رضي الله عنه - ... فذكر عشرة أحاديث صحت في الباب في فضل بعض السور والآيات: الفاتحة، والبقرة، وآل عمران، وآية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، والإخلاص، والمعوذتين، وعشر آياتٍ من سورة الكهف، وقال ابن القيم وهو يتحدث عن أمور كلية وأمارات يعرف بها الحديث الموضوع: " ومنها: ذكر فضائل السور وثواب من قرأ سورة كذا فله أجر كذا من أول القرآن إلى آخره، كما ذكر ذلك الثعلبي والواحدي في أول كل سورة، والزمخشري في آخرها " ثم ذكر قول ابن المبارك المتقدم، وقال: " والذي صح في أحاديث السور .... ، فذكر ما في المغني للموصلي، ثم قال: " والذي يلي هذه الأحاديث وهو دونها في الصحة : حديث: " إذا زلزلت تعدل نصف القرآن "، وحديث: " قل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن "، وحديث: " تبارك الذي بيده الملك، هي المنجية من عذاب القبر " ثم سائر الأحاديث بعد، كقوله: " من قرأ سورة كذا ، أعطي ثواب كذا " فموضوعة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... "، ينظر: المغني عن الحفظ والكتاب للموصلي ص ( 121 – 145 ) ، المنار المنيف ص ( 113 – 115 )، التحديث بما قيل: لا يصح فيه حديث ص (122 ) .