المشكاة في أحكام الطهارة والصلاة والزكاة
مدة
قراءة الصفحة :
4 دقائق
.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحابته ومن سار على دربهم، واهتدى بهديهم إلى يوم الدين.
وبعد:
إن هذا الكتاب واحد من سلسلة جمعتها ورتبتها وهذبتها أثناء تدريسي لمواد الفقه في كلية أصول الدين الجامعية بجامعة البلقاء التطبيقية؛ إذ أن تدريس الفقه لطلبة الجامعات يمرّ في مشكلة كبيرة، ولها صورتان:
الأولى: إن كثيراً من المدرسين لم يلتزموا منهجاً فقهياً معيّناً في التدريس، فيدرس المقرر على عدّة مذاهب فقهية في آن واحد، مما يوقع الطالب في إرباك شديد، ولا يمكنه من ضبط ما درس؛ لأن المحاضرات في كل مساق لا تكفي للإلمام بالمنهاج على مذهب فقهي واحد؛ لأنها محدودة، ومدّة الفصل قصيرة.
الأمر الذي نقل دراسة الفقه من العلمية إلى الثقافية، فالطالب بدراسته للمادة الفقهية تصبح لديه ثقافة عامة بمفرداتها، بلا ضبط وإدراك لدقائقها؛ لأنه لا يدرس فروعاً، والفقه هو الفروع؛ لأنها تنمي الملكة الفقهية، وتفي بحاجة الدارس ومجتمعه؛ لأن الناس يسألون عما يقع لهم، وجوابها لا يكون إلا بالتفريع.
وإنما يدرس الطلبة أمهات المسائل في كل باب مع الخلاف الفقهي فيها، وترجيح بعض الأقوال على بعض، ولا يهتمون بتوثيق مسائل كل مذهب من كتبه المعتمدة، فكثيراً ما ينسبون آراءً للأئمة لا تصحّ نسبتها لهم، ولا يدققون ببيان شروط وضوابط كلّ قول، ويلفقون بين المذاهب بإخراج صور لم يقل بها أحد؛ فيعمل بها الدارس، على خلاف إجماع الأمة من عدم جواز العمل بها، والمقام لا يتسع لبيان ذلك، وقد فصلت المقام في كتاب خاص بالفقه المقارن وأصوله وآثاره، يمكِّن الطالب من إدراك حقيقة هذه المدرسة.